سارة بعقليني - إنّها المهزلة... وزيرٌ "أكل" أموال المودعين ويدعي اليوم الدفاع عنا!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 3, 2023

طالعنا اليوم، أحد الوزراء المغمورين الطامحين إلى لعب دورٍ في "الصحافية الاستقصائي"، بمقال في أحد الصحف المحلية. بشعبوية زائفة ظناً أنهّ قادر على كسب عطف المودعين، بعد أن فقد عطف الناخبين يوم أراد الترشح إلى الانتخابات النيابية الأخيرة، ولم تقبل به أيّ لائحة لأن الاحصاءات دلت على أنه لن يحصد إلاّ بضع مئات القلائل من الأصوات.

في مقاله، رمى الوزير "الصناعي" التُهم بالجزاف، وأتحفنا بنظريات اقتصادية ومالية، مصوراً نفسه على أنّه منقذ يحمل لواء المودعين، ويدافع عنهم وعن أموالهم.

هذا الوزير الذي يتحدث اليوم باسم المودعين، كان جزءاً أصيلاً من المنظومة الحاكمة، التي ساهمت في تعميق الانهيار الاقتصادي، ولولايتين وزاريتين متتاليتين. خلالهما لم نسمعه يوماً قد قدم بديلاً جدياً متكاملاً للسياسات المالية والنقدية ولم يعترض على تثبيت سعر الصرف بسعر 1500 ليرة للدولار الواحد، وهو صلب وأساس السياسات المالية المعتمدة منذ 30 عاماً، والمسؤولية المباشرة عن الانهيارالمالي الذي وصلنا إليه.

لماذ؟ لأنه استفاد من هذا السعر بأعماله وذلك على حساب المودعين وأموالهم.

هذا الوزير، هو من بين الصناعيين الذين استفادوا طوال سنوات الأزمة من الدعم الذي كان ينفقه مصرف لبنان على أغلب السلع والمواد الأولية... فهل للوزير الموقر أن يخبرنا عن حجم الأرباح التي حققها جراء هذا الدعم؟ وهل أعادها إلى لبنان أو ادّخرها في الخارج؟

وماذا عن القروض المدعومة بالليرة اللبنانية وبفائدة 1% و 2% التي حصل عليها الوزير الغمور، لسنوات طويلة، بينما كان أغلب المواطنين يدفعون فوائد عن قروضهم بنسبة 8% و 9% على أقل تقدير؟ ألا تتحمل هذا الفرق احتياطات مصرف لبنان، وهي بالتالي أموال المودعين وبالملايين ومن جيوبهم؟

أمّا قروض الدولار الخاصة بمصانعه، فكانت تُدفع طوال سنوات الأزمة على سعر 1500 ليرة، هل رفّ للوزير جفنٌ على أموال المودعين في حينه؟ أم أنّ الأمور حين تصل إلى جيبه تصبح حلالاً عليه وحراماً على المودعين؟

فليتفضل معالي وزير الصدفة، بالكشف عن سريته المصرفية، وعن تفاصيل حساباته حتى يعرف الناس كيف حقّق أرباحه قبل أن يطالب المصارف والمصرفيين بالكشف عن سريّاتها المصرفية.

أمّا عن دعوته الشعب إلى التمسك بالقدرة على المحاسبة، فحسناً فعل، ونشدّ على يده بذلك، ونذكره بتفصيل صغير، ومفاده بأنّه سيكون من بين المحاسَبين على كل ليرة أو دولار استفاد منه هو غيره من كل ما أتينا على ذكره أعلاه.

كما نذكره بأنّ "مكافحة الفساد" التي ينادي بها اليوم، هي مثل "شطف الدرج": تبدأ من الأعلى، أي ممن كانوا يتولون السلطة السياسية والوزارية أولاً، وهو منهم طبعاً.

وعليه، نطالبه بالكف عن ممارسة الدور التي تمارسه السلطة السياسية منذ مدة، والمتمثل بالتهرّب من المسؤوليات، وقذف التُهم على المصارف والمصرفيين، بينما تتغاطى عن ارتكاباتها واخفاقاتها.

أمّا المودعون وأموالهم، فاتركهم وكفّ عن تمثيل دور "محامي الدفاع" عنهم، لأنك مع السلطة أكثر من يتسبّب لهم بالضرر اليوم نتيجة القفز من فوق المسؤوليات وذرّ الرماد في العيون.

أمّا وأنك يا معالي الوزير من بين الصناعيين المخضرمين في هذا البلد، فننصحك في الختام بأن "تصنع" لنا معروفاً، وتسترح، لأنّ ما ذُكر أعلاه ليس إلا غيض من فيضِ الدلائل والأرقام التي نتحفّظ عن الإعلان عنها أو كشفها الآن... وربّما نفعل ذلك مستقبلاً.