"المجاعة الأوكرانية".. كيف قتلت سياسات ستالين ملايين المزارعين قبل 100 عام؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 29, 2023

بعد نحو أربعة أشهر من إقرار البرلمان الأوروبي تشريعا يعتبر المجاعة التي أدت لموت ملايين الأشخاص في أوكرانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي، بمثابة "إبادة جماعية"، اتخذت الجمعية الوطنية الفرنسية، الثلاثاء، نفس الخطوة، مما يسلط الكثير من الضوء على الفظائع التي ارتكبت في تلك الحقبة.

ودعا النواب الفرنسيون، الحكومة إلى اتخاذ خطوة مماثلة، بينما يحيي الغزو الروسي لأوكرانيا ذكريات الجرائم التي تعرضت لها البلاد بعهد الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين.

قصة المجاعة
أودت المجاعة الأوكرانية، المعروفة باسم "هولودومور" وتعني باللغة الأوكرانية "الموت جوعا"وفقا لبعض التقديرات بحياة نحو 3.9 مليون شخص، أي حوالي 13 في المئة من سكان البلاد في تلك الفترة.

وخلافا للمجاعات الأخرى المسجلة في التاريخ، التي كانت أسبابها طبيعية مثل الجفاف وغيرها، فقد حدثت مجاعة أوكرانيا نتيجة سياسات قمعية اتخذها ستالين بين عامي 1932 و1933.

ووفقا لموقع قناة "هيستوري" الوثائقية فقد حاول ستالين في تلك الفترة استبدال المزارع الصغيرة في أوكرانيا بمجموعات تديرها الدولة، ومعاقبة الأوكرانيين من ذوي النزعة الاستقلالية، الذين شكلوا تهديدا لسلطته الاستبدادية.

في عام 1929، وكجزء من خطته للتحول للاقتصاد شيوعي، فرض ستالين نظام "التشارك" الإجباري، الذي يستبدل ملكية المزارع المملوكة والمُدارة بشكل فردي، بمزارع جماعية كبيرة تديرها الدولة.

ورفض صغار المزارعين في أوكرانيا التخلي عن أراضيهم، لكن المسؤولين الروس طردوا هؤلاء الفلاحين من مزارعهم بالقوة، ونفوا ما يقرب من 50 ألف عائلة زراعية أوكرانية إلى سيبيريا.

في عام 1932 نشر ستالين قوات الشرطة لمصادرة جميع الحبوب والماشية والمواد الغذائية الأخرى من المزارع الأوكرانية التي أدخلت حديثا تحت مظلة الشيوعية، بما يشمل البذور اللازمة لإنبات المحصول الجديد.

ولم تسر تلك الخطوات في أوكرانيا بشكل جيد، فبحلول خريف عام 1932 تبين أن ناتج محصول الحبوب في أوكرانيا كان أقل بنحو 60 في المئة مما خطط إليه النظام السوفياتي.

وأصدرت السلطات حينها قرارا يجبر المزارعين على تسليم المزيد من الحبوب في المناطق التي لم تحقق الحصص المخطط لها، وهددت باعتقال مدراء المزارع الجماعية الذين رفضوا القرار أو الذين لم يفوا بالحصص الجديدة.

مات ملايين المزارعين الأوكرانيين جوعا في الأشهر التالية فيما وصفه تيموثي سيندر المؤرخ بجامعة ييل بأنه "إبادة جماعية متعمدة بكل وضوح".

ومع تفاقم المجاعة، حاول الكثيرون الفرار بحثا عن أماكن بها المزيد من الطعام، ومات بعضهم خلال الرحلة فيما منعت الشرطة السرية السوفياتية آخرين من الهرب.

لجأ الفلاحون الأوكرانيون إلى أساليب يائسة في محاولة للبقاء على قيد الحياة، وفقا لـ تقرير أصدره الكونغرس الأميركي في عام 1988.

من بين تلك الأساليب، استخدام لحوم الحيوانات الأليفة وأوراق الأشجار ولحاءها وجذورها للحصول على الطعام.

حتى أن البعض من أفراد أسر المزارعين ماتوا نتيجة التسمم بعد تناولهم فاصوليا مجففة دون طهيها نتيجة شدة الجوع.

اضطر الناس لأكل العشب والجرذان والكلاب، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" التي أشارت إلى أن جثث الموتى انتشرت في الشوارع وعلى الأرصفة وفي محطات القطارات، وفي الحقول الزراعية وعلى الطرق الريفية.

بحلول صيف عام 1933، لم يتبق سوى ثلث عائلات الفلاحين الأوكرانيين في بعض المزارع الجماعية، وازدحمت السجون ومعسكرات العمل الإجبارية بالنزلاء.

ومع عدم بقاء أي شخص تقريبا لزراعة المحاصيل، أعاد نظام ستالين توطين الفلاحين الروس من أجزاء أخرى من الاتحاد السوفيتي في أوكرانيا، لمواجهة نقص العمالة.

وفي مواجهة احتمال حدوث كارثة غذائية أوسع نطاقا، بدأ نظام ستالين في خريف عام 1933 في تخفيف اجراءات نظام "التحصيل الإجباري، لكن بعد فوات الآوان ووفاة الملايين نتيجة للإجراءات القمعية ضد المزارعين الأوكرانيين.

التاريخ يعيد نفسه
وعادة ما يحيي الأوكرانيون ذكرى المجاعة في يوم تحدد بعدما نالت البلاد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991 وهو السبت الرابع من شهر نوفمبر، بوضع الشموع على النوافذ.

وجاء إحياء ذكرى المجاعة هذا العام في وقت تكافح فيه أوكرانيا لصد غزو القوات الروسية والتعامل مع انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي بسبب ضربات جوية تقول كييف إنها تهدف إلى كسر عزيمة الشعب على القتال، وفقا لرويترز.

وأجج النزاع الحالي المخاوف من أن التاريخ قد يعيد نفسه، إذ أدى استهداف روسيا لمنشآت تخزين الحبوب، وحصارها صادرات أوكرانيا من البحر الأسود، إلى اتهام موسكو باستخدام الغذاء سلاحا في الحرب.