عطفـاً على الدراسـة السابقـة تاريـخ 14/2/2023 نبـدي مـا يلـي:
نصّـت المـادة 137 – إذا نشـأ الضـرر عن عـدّة أشخـاص، فالتضامـن السلبـي يكـون موجـوداً بينهـم:
1- إذا كـان هنـاك إشتـراك في العمـل 2- إذا كـان من المستحيـل تعييـن نسبـة مـا أحدثـه كـل شخـص من ذلـك الضـرر.
ألـف: مبنـى أحكـام المـادة 137 موجبـات
1- المبـدأ، في الموجبـات المدنيـة، أن استحقـاق ديـن بذمّـة شخصيـن أو أكثـر يـؤدي الى قسمتـه فيمـا بينهـم دون أن يترتـب عليهـم بوجـه التضامـن، مـا لـم يتـم الإتفـاق على ترتبـه بشكـل متضامـن، أو أن يكـون التضامـن منصوصـاً عليـه في القانـون.
وقـراءة بسيطـة لأحكـام المـادة 137 موجبـات تـدل دلالـة واضحـة على أن المشتـرع اللبنانـي أوجـد "التضامـن السلبـي" بيـن الاشخـاص المسؤوليـن عن حصـول ضـرر بحـق الغيـر.
بمعنـى آخـر، إذا نشـأ الضـرر عن جـرم أو شبـه جـرم إرتكبـه عـدّة أشخـاص، فيكـون هـؤلاء مسؤوليـن عنـه وعن التعويـض عنـه. وقـد كـان وراء هـذا النهـج العلامـة لويـس جوسّـران واضـع مشـروع قانـون الموجبـات اللبنانـي الـذي كـان يعتبـر، واعتبـر في المـادة 137:
Louis Josserand: Cours de droit civil positif français. Editions Sirey. 1933. Tome II. Page 427. N◦. 785:
Il est admis que la solidarité existe entre les co-auteurs d'un même délit ou quasi-délit civil... La base de cette solidarité délictuelle civile réside dans la notion objective de la communauté dans le dommage causé: c'est cette communauté dans l'efficience et dans le résultat qui est décisive, en dehors de toute communauté d'action. La condamnation solidaire s'impose du moment que l'intégralité du dommage peut être rattachée à la faute ou au fait de l'un quelconque des auteurs du délit ou du quasi-délit, du moment qu'il y a « entre chaque faute et la totalité du dommage une relation directe et nécessaire" - Cass. civ. 11 Juillet 1892. Dalloz Périodique 1894-1-561. Note Levillain; Req. 26 Novembre 1907. Sirey 1908-1-183; Req. 13 Décembre 1911. - Dalloz Périodique 1913-1-455; Req. 27 Décembre 1921. - Dalloz Périodique 1922- 1- 109; Req. 19 Juin 1929. Dalloz Hebdomadaire 1929. Page 428; Req. 2 Juin 1930. Dalloz Hebdomadaire 1930. Page 377.
2- من هنـا، وبحسـب نظريـة جوسّـران، لقيـام التضامـن بيـن المسؤوليـن عن الضـرر الناجـم عن جـرم أو شبـه جـرم، يتعيّـن أن يكـون كـل من الأفعـال المنسوبـة لهـؤلاء المسؤوليـن مرتبطـاً بالضـرر الحاصـل. ويبنـى ذلـك على الفكـرة الماديـة للإشتـراك في الضـرر. الأمـر الـذي يستدعـي نسبـة كامـل الضـرر الى خطـأ أو فعـل كـل من الشركـاء في المسؤوليـة، وأن يكـون الضـرر واحـداً ومتصـلاً مباشـرة بعمـل كـلٍ من المسؤوليـن.
وقـد تسنـى للإجتهـاد تأكيـد هـذا المبنـى، فقـال:
Chacune des personnes qui ont participé au délit est à considérer comme étant individuellement l'auteur du dommage qu'elle a causé, et doit, par conséquent, la réparation intégrale. - Cass. belge, 13 Janvier 1943. Rev. gén. ass. et resp. 1947. 4075.
Adde, dans le même sens: - Cass. belge, 11 Juin 1956. Rev. gén. ass. et resp. 1958.6063.
Il y a, disait la Cour: Entre chaque faute et la totalité du dommage une relation directe et nécessaire. - Cass. civ. 11 Juillet 1892. Sirey 1892- 1 - 505. Rapport Durand.
Chacun est tenu au tout, parce que chacun a causé le tout. - Cass. civ. 29 Fevrier 1956. Dalloz 1956. Page 303.
Si chacun doit être condamne au tout - Cass. civ. 4 Decembre 1939. Sirey 1940-1-14. Et - Req. 4 Avril 1940. Gaz. Pal. 1940-1-472,
C'est parce que « chacune des fautes a concouru à produire l'entier dommage. - Req. 19 Juin 1929. Gaz. Pal. 1929-2-567,
Il y a indivisibilité de la faute - Req. 9 Décembre 1929. Dalloz Hebdomadaire 1930. Page 117,
Ou indivisibilité du fait dommageable, c'est à dire que chacune des parties a contribue, Par sa faute, à amener le fait dommageable indivisible. - Req. 19 Juin 1929. Gaz. Pal. 1929-2-567 précité,
Ou impossibilité de déterminer la proportion dans laquelle chaque faute a concouru au dommage. - Trib. des conflits, 8 Mai 1933. Gazette des tribunaux 1933- II- 2.1. Et - Req. 23 Mars 1927. Dalloz Périodique 1928- 1- 76. Note Savatier.
3- أن التضامـن السلبـي المنصـوص عليـه في المـادة 137 موجبـات يقـوم على "معيـار موضوعـي" بالنسبـة للضـرر الناجـم عن عمـل واحـد أو جملـة أعمـال صـادرة عن عـدّة أشخـاص عندمـا يتعـذّر تعييـن نسبـة مساهمـة كـل منهـم في إحـداث الضـرر.
فالفكـرة الغالبـة في أحكـام النـص المذكـور هـي فكـرة تغليـب "وحـدة الضـرر" على فكـرة تعـدّد الأخطـاء أو الأفعـال. من هنـا: إن العمـل بفكـرة "التضامـن السلبـي" محلّـه عندمـا يكـون شخصـان أو أكثـر قـد اشتركـوا في إحـداث الضـرر الواحـد، لا أن يكـون هـؤلاء قـد تسببـوا في إحـداث أضـرار مختلفـة، متميّـزة بعضهـا عن البعـض الآخـر، أصابـت كلهـا شخصـاً واحـداً.
لطفـاً يراجـع في ذلـك:
H. L. et J. Mazeaud: Traité théorique et pratique de la responsabilité civile délictuelle et contractuelle. Editions Montchrestien 1970. Tome II. Par André Tunc. Page 1076. N◦. 1951:
Dommage unique. S'il est indispensable, pour que chacun soit la cause de toute dommage, que chacun ait commis une faute dommageable, encore est-il nécessaire que cette faute ou ces fautes aient produit un seul et même dommage. II va de soi que si l'acte fautif de l'un des défendeurs a produit un dommage, et l'acte fautif de l’autre défendeur un autre dommage, chacun n'est responsable que du seul dommage qu'il a causé.
4- واضـح من أحكـام المـادة 137 موجبـات أنهـا لـم تقـرّر التضامـن السلبـي إلا في "حالتيـن"، وبالإستقـلال: - أي إن تحقـق حالـة دون الأخـرى من شأنـه أن يـؤدي الى إعمـال التضامـن السلبـي، إذ إن الحالتيـن مذكورتـان بشكـل مستقـل، وليـس معـاً. • حـال الإشتـراك في العمـل، • وحـال عـدم إمكانيـة تعييـن نسبـة مساهمـة كـل من المشتركيـن في إحـداث الضـرر. ويلاحـظ من أحكـام النـص أن الحالتيـن "حصريتـان". وقـد تسنـى للإجتهـاد تكريـس هـذه الحصريـة. - محكمـة التمييـز الفرنسيـة، قـرار تاريـخ 18 كانـون الثانـي 1973. الأسبـوع القانونـي لعـام 1973 – 2 – 17545. - محكمـة التمييـز المدنيـة، الغرفـة الثانيـة، قـرار رقـم 47 – نهائـي – تاريـخ 4 أيـار 1971. دعـوى معتـوق ضـد دركـار وبايزيـد. مجموعـة إجتهـادات جميـل بـاز لعـام 1971، العـدد التاسـع عشـر، صفحـة 271.
ويحسـن التطـرّق الى كـل حالـة على حـدة، بشـيء من التوسّـع.
وعلى هـذا نقـول:
أولاً: حالـة الإشتـراك في العمـل.
5- يقصـد بفكـرة الإشتـراك في العمـل Communauté d’action تعـدّد المسؤوليـن عن عمـل واحـد تأتّـى عنـه الضـرر. مـا يعنـي أن التضامـن السلبـي يقـوم، بحسـب المـادة 137 موجبـات، على معيـار موضوعـي بالنسبـة للضـرر الناجـم عن عمـل واحـد أو عـدّة أعمـال صـادرة عن عـدّة أشخـاص. الأمـر الـذي يستتبـع القـول بأنـه لقيـام التضامـن السلبـي، يتعيّـن أن يكـون كـلٌ من الأفعـال المنسوبـة للمسؤوليـن مرتبطـاً بالضـرر الواقـع.
انظـر في ذلـك:
Kayser: La solidarité au cas de fautes. Revue critique 1931. Pages 197 et suiv., notamment N°5.
6- ومـا يقتضـي التذكيـر بـه أن المـادة 137 موجبـات قـد "افترضـت" نشـوء الضـرر عن "عـدّة أشخـاص"، وإلا لا مجـال للحديـث عن تضامـن سلبـي لإنتفـاء تعدّديـة المسؤوليـن. الأمـر الـذي "يفتـرض" حصـول "مشاركـة" في إحـداث الضـرر، أي في العمـل الضـار، فكـان العمـل موحّـداً.
7- والجديـر بالذكـر أن الحالـة الأولـى من حالتـي المـادة 137 موجبـات ركّـزت على فكـرة "الإشتـراك في العمـل" الضـار Communauté d’action المتميّـزة عن فكـرة "الإشتـراك في النتيجـة".
الإجتهـاد ركّـز في لبنـان على هـذه الفكـرة بالقـول أنـه: "لا يكفـي أن ينشـأ الضـرر عن عـدّة أشخـاص ليكـون التضامـن السلبـي بينهـم حكمـاً، إذ من المشـروط، عنـد اعتمـاد البنـد الأول (من المـادة 137) أن يكـون هـؤلاء قـد شاركـوا معـاً في العمـل ذاتـه، فكـان هـذا العمـل موحّـداً. وهـذا الإشتـراط ينطـوي، بمنطقـه، على وجـوب صـدور عمـلٍ ضـار واحـد، شـارك فيـه أشخـاص بالشكـل الـذي تحصـل بـه المشاركـة في النشـاط الموحّـد". - محكمـة إستئنـاف بيـروت المدنيـة، الغرفـة الثالثـة، قـرار رقـم 314 لعـام 1971. النشـرة القضائيـة لعـام 1973، صفحـة 708. ثانيـاً: حالـة إستحالـة تعييـن نسبـة مـا أحدثـه كـل شخـص من ذلـك الضـرر.
8- قـد يتعـذّر في العديـد من الحـالات، تعييـن مقـدار مساهمـة كـلٍ من المشتركيـن في إحـداث الضـرر، حيـث، عندهـا، وبمقتضـى المـادة 137 موجبـات، يتعيّـن على المحكمـة القضـاء بإلـزام المتسببيـن بدفـع التعويـض بوجـه تضامنـي.
وقـد تسنـى للإجتهـاد تكريـس هـذه الحالـة، فقضـى:
"بمـا أن مجلـس تنفيـذ المشاريـع يدلـي أن المـادة 137 موجبـات، فقرتهـا الثانيـة، تنـص على وجـود التضامـن عندمـا يكـون من المتعـذّر تحديـد نسبـة مسؤوليـة أفعـال مختلفـة أدّت الى ضـرر واحـد.
"وبمـا أن الضـرر هـو واحـد، وهـو الإستـلاء على أرض المدعـي. وبمـا أن مجلـس تنفيـذ المشاريـع ومصلحـة التعميـر أبديـا إيضـاح نسبـة مـا إقتطعـه كـل منهمـا، فتعـذّر تحديـد مسؤوليـة كـلٍ منهمـا. وعندئـذ عمـدت المحكمـة الى مبـدأ إقـرار التضامـن.
بـذات المعنـى: Attendu que lorsqu'il y a participation de plusieurs personnes a un fait dommageable, la réparation peut être ordonnée pour le tout contre chacune des personnes s'il est impossible de déterminer la proportion dans laquelle chaque faute a concouru au dommage. - Req. 11 Décembre 1929. Gaz. Pal. 1930-1-300.
Adde, dans le même sens: - Req. 2 Juin 1930. Dalloz Hebdomadaire 1930. Page 377. - Req. 25 Février 1935. Dalloz Hebdomadaire 1935. Page 161. - Cass. civ. 19 Avril 1956. Dalloz 1956. Page 538.
9- وممـا تقتضـي الإشـارة إليـه أن تحقـق هـذه الحالـة، بحـد ذاتهـا، كـاف لتطبيـق مبـدأ التضامـن السلبـي، بالإستقـلال عن تحقّـق الحالـة الأولـى (حالـة الإشتـراك في العمـل)، بمعنـى أن الحالتيـن منفصلتيـن، فيعمـل بالتضامـن السلبـي بمجـرّد تحقـق إحداهمـا بالإنفـراد، لأن كـل حالـة منفصلـة عن الأخـرى وتشكـل، بذاتهـا، سببـاً للعمـل بالتضامـن السلبـي.
وقـد تسنـى للإجتهـاد التذكيـر بهـذه الإستقلاليـة، فقضـى: "نصّـت المـادة 137 موجبـات على وجـود التضامـن السلبـي بيـن المديونيـن في حالتيـن. ويجـب، في كـل واحـدة منهمـا، إعتبـار وجـوب التضامـن، وليـس الى شرطيـن يجـب توفّرهمـا معـاً للقـول بوجـوب التضامـن... - محكمـة إستئنـاف لبنـان الشمالـي الجزائيـة، قـرار رقـم 1330 تاريـخ 17 كانـون الأول 1958. وارد نصّـه في كتـاب نـدى البـدوي النجّـار: أحكـام المسؤوليـة. طبعـة 1997. صفحـة 555 رقـم 394.
بـذات المعنـى، قضـي: "إن المشتـرع إفتـرض في مستهـل المـادة 137 موجبـات نشـوء الضـرر عن عـدّة أشخـاص، فقـال بالتضامـن السلبـي بينهـم: 1- إذا كـان هنـاك إشتـراك في العمـل، 2- إذا كـان من المستحيـل تعييـن نسبـة مـا أحدثـه كـل شـيء من ذلـك الضـرر. فيكـون مـا إفترضـه المشتـرع قـد عنـى المشاركـة في الضـرر، ويكـون في الوقـت ذاتـه قـد فـرّق بيـن هـذه المشاركـة في الضـرر وبيـن الإشتـراك في العمـل الضـار، إذ إن مدلـول كـل منهمـا لا يختلـط بالآخـر، فيكـون لكـل واحـد تكييفـه القانونـي الخـاص بـه. - محكمـة إستئنـاف بيـروت المدنيـة، الغرفـة الثالثـة، قـرار رقـم 198 تاريـخ 2 شبـاط 1967. وارد نصّـه في كتـاب نـدى البـدوي النجـار: أحكـام المسؤوليـة. صفحـة 557 رقـم 399.
أيضـاً وأيضـاً: "حيـث إنـه بموجـب المـادة 137 موجبـات وعقـود إذا نشـأ الضـرر عن عـدّة أشخـاص، فالتضامـن السلبـي يكـون موجـوداً بينهـم: أولاً: إذا كـان هنـاك إشتـراك في العمـل وثانيـاً: إذا كـان من المستحيـل تعييـن نسبـة مـا أحدثـه كـل شخـص من ذلـك الضـرر.
فإعتبـــر: L'impossibilité de déterminer la proportion clans laquelle chaque faute a concouru au dommage revient à constater que le dommage, produit par l'ensemble des fautes, est indivisible, car le dommage n'est indivisible que parce qu'il est produit par chaque faute pour le tout.
Que chacune de ces fautes a concouru à produire l'entier dommage; qu'elles sont, par conséquent, indivisibles, et qu'il est impossible de distinguer la part de chacun des défendeurs dans la responsabilité commune. - Req. 2 Juin 1930. Dalloz Hebdomadaire 1930. Page 377.
Adde, dans le même sens: C'est à bon droit que l'arrêt énonce que la faute de D. a concouru, d'une manière indivisible, à produire l'entier dommage. - Cass. civ. 7 Octobre 1958. Dalloz 1958. Page 763.
De même: ... L'arrêt attaque a pu déduire, a bon droit, de ces constatations, que les fautes commises par les deux entrepreneurs étaient indivisibles dans leurs conséquences. - Cass. civ. 9 Novembre 1960. Gaz. Pal. 1961-1-83.
في المحصّلـة
المسؤوليـة تقـع على حاكـم مصـرف لبنـان ومصـرف لبنـان الـذي سلّـف الدولـة في الوقـت الـذي يحظّـر عليـه قانـون النقـد والتسليـف ذلـك.
نشكـر الدولـة أنهـا أوصلتنـا الى المرتبـة الأخيـرة في العالـم 136 من البلـدان التـي أصبحـت فيهـا السعـادة ضئيلـة، إن لـم نقـل منعدمـة، شكـراً لكـم وعدتمونـا بجهنـم وصدقتـم، وعدتمونـا بالعصفوريـة وصدقتـم.
في العالـم المتحضّـر الحكومـات تسهـر على المواطـن، في لبنـان المواطـن قلـق على مصيـره ويحمـل هـم حكومـة لا يهمهـا سـوى تنفيـذ رغبـات الخـارج ولا من يلتفـت إليـه. دولـة صامتـة ولا من يسمـع منهـا حتـى كلمـة تطمئنـه علـى حقوقـه.