"قد تصحّ كل الفرضيات والاحتمالات"... برعاية وحماية "الاشباح"؟!

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 23, 2023

في ظلّ الفلتان الحاصل على كل المستويات كل شيء وارد، وبالتالي قد تصحّ كل الفرضيات والاحتمالات السلبية؛ حيث ليس من عاقل يستطيع ان ينفي دور عصابات المال - المعروفة بهوياتها واوكارها، المتفلتة بصيارفتها ومصارفها وزعرانها المتظلّلين بحمايات سياسية، والمنتشرين في كل الشوارع لشفط الأموال من دون أن يجرؤ أحد على ردعهم - في إفقار اللبنانيين وإفلاسهم، وشراكتها الكاملة في ضرب البنية المالية للبلد ومحاولة نسف أمنه الاجتماعي وإسقاطه في فوضى عارمة. الّا انّ تلك العصابات، ومهما بلغ تفلّتها، فإنّها لا تستطيع ان تتمادى في هذه الجريمة، ما لم تكن محاطة برعاية وحماية شبح او اشباح أكبر وأقوى منها، تدير لعبة التدمير من غرفها السوداء، وتوظّف تلك العصابات بيادق في خدمتها لتنفّذ مخطّطها الجهنمي بإسقاط البلد في المهلكة التي لا نجاة منها. واما من هي تلك الاشباح، وما إذا كانت في الداخل او الخارج فلا أحد يجيب؟

ad
ما يعزز الخشية من تلك الاشباح، هو انّ مشهد البلد في ثلثاء الدولار المجنون، بدا انّه محكوم بإرادة اقوى من الجميع:

فبكبسة زر طار الدولار لنحو أربعين الف ليرة ليلامس الـ150 الفاً، في قفزات صاروخية أوحت وكأنّ البلد يتعرّض لاجتياح مالي مدروس ومخطّط له، زرع في كل الإرجاء شعوراً بأنّ قراراً قد اتخذته «اشباح التدمير» لقلب الواقع اللبناني رأساً على عقب.


وبكبسة زر اخرى جرى إسقاطه بالنسبة نفسها، وانكفأت العصابات إلى الخلف، وأُعيد الدولار إلى ما دون 110 آلاف ليرة، دون انّ يعني ذلك إخراجه من حلبة التلاعب التي استمرت بالأمس ورفعته إلى ما فوق 112 الف ليرة. وبكبسة زر تدخّل مصرف لبنان، بإجراءات كان يمكن ان يتخذها وبشكل رادع حقيقة، قبل ان يستفحل العبث ويطير الدولار إلى الـ150 الف ليرة.

وبكبسة زر فرض على المصارف ان تعود عن اضرابها وكل اعتباراتها التي تذرّعت بها لتبرير إضرابها الخبيث..

كل ذلك زاد على اللبنانيين المنكوبين، إرباكا فوق ارباك، وعزّز مخاوفهم من أن يتجدّد الاجتياح المالي بكبسة زر في أي لحظة. فكما لم يعرفوا سبب كبسة زر طيران الدولار، لم يعرفوا ايضاً سر كبسة الزر العكسية، وما إذا كان هذا الفلتان هو المطلوب وانّه حقق المراد منه في حدوده المرسومة له حالياً، او انّه بداية تحضير المشهد اللبناني لاجتياح اكثر خطورة وفظاعة في قادم الايام؟



ad
لا مبرّر لما حصل

مصادر اقتصادية مسؤولة ابلغت إلى «الجمهورية» قولها: «صحيح انّ الوضع الاقتصادي والمالي سيئ جداً، لكنه ما زال ضمن الحدود الممكن علاجها إذا ما تمّ تصويب المسار السياسي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية. ما يعني انّ ما حصل يوم الثلاثاء من جنون للدولار، سواء لناحية صعوده بآلاف الليرات على نحو غير مسبوق، او لناحية انخفاضه، ليس له ما يبرّره على الإطلاق، حيث لم يبرز قبل الثلاثاء ايّ طارئ دراماتيكي مالي او اقتصادي يدفع إلى هذا الانهيار الذي لا شك انّه بفعل فاعل».

وحذّرت المصادر من «انّ ما حصل قد يتكرّر، طالما انّ روادع منع تكراره غير موجودة او مقصّرة في القيام بواجباتها على هذا الصعيد». وقالت: «ما جرى قد يكون «بروفا» لما قد يحصل لاحقاً، لا معلومات دقيقة لدينا تؤكّد او تنفي وجود طوابير خامسة او سادية تعبث باقتصاد البلد وتهدّد استقراره. ولكن امام هذا الواقع الذي نرى انّه مفتوح على كل الاحتمالات السلبية، نجد انفسنا مسرعين لأن ندق اجراس الخطر بقوة هذه المرة في وجه السياسيين، ونكرّر لهم ما تبلّغناه من المسؤولين الماليين الدوليين، سواء من البنك الدولي او من صندوق النقد الدولي، من أنّ لبنان على المفترق بين ان يسارع السياسيون فيه إلى توفير العلاجات الفورية لأزمته، دخولاً اليها من باب اعادة تكوين سلطاته الدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، أو بين ان يبقى في قعر أزمة سياسية واقتصادية ومالية، تهدّده بأن يزول من الوجود».

ad
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الحل لا يزال ممكناً، قالت المصادر الاقتصادية: «لقد سبق وحدّدنا خريطة الحل في خطة تعافٍ وضعتها الهيئات الاقتصادية، وتشكّل الأساس لإعادة إنهاض البلد، وإنعاشه من جديد».



العلّة في السياسة

ما اكّدت عليه المصادر الاقتصادية حول مسؤولية السياسيين في المبادرة إلى العلاجات، يتقاطع مع ما اكّد عليه مصدر سياسي مسؤول لـ» الجمهورية»، بأنّ «العلّة الأساس هي في السياسة، التي تنتمي إلى الخارج اكثر مما تنتمي لبلدها، حيث تحوّلت مكوناتها إلى مجموعة مربعات متعادية مع بعضها البعض، ورافضة لأن تتلاقى على نقطة مشتركة لحرف مسار البلد عن الهاوية التي يُقاد اليها، والنقطة الأقرب لفرصة التلاقي والانقاذ هي انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن هناك من يصرّ على نسف هذه الفرصة».

وإذ كشف المصدر المسؤول «انّ كل حراكات الخارج لم تؤتِ بالثمار المرجوة حتى الآن، ليس في اتجاه فرض حلّ من الخارج، بل في اتجاه إقناع اللبنانيين بضرورة التوافق على إنقاذ بلدهم والمسارعة إلى انتخاب رئيسهم»، اعرب المصدر عن «خوف بالغ من السقوط في منزلق اللاقيامة»، وسأل: «من منا لم يعتقد مع الرفع الجنوني للدولار قبل يومين انّ البلد قد انتهى»؟ وقال: «من هنا فأنا ارى ان نتعظ مما جرى رحمة ببلدنا وبالناس، ونجعله فرصة لتصويب المسار وإعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، والّا فالمسار مكمّل نحو سقوط لبنان نهائياً، وهذا معناه سقوطنا ونهايتنا جميعاً».