طارق أبو زينب - المملكة الأردنية الهاشمية عصية على الهلال الإيراني

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 30, 2023

كتب طارق أبو زينب للشأن الخليجي والعربي في جسور:


سياسة المملكة الاردنية الهاشمية منفتحة على علاقة صحية للغاية مع الدول العربية الشقيقة والغربية الصديقة على قاعدة الضوابط والأحكام التي قام عليها النظام الدولي المعاصر، والمرتكز على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها ووحدتها وحدودها.

ويجسد التلاحم الشعبي صفا واحدا خلف القيادة الهاشمية لحماية الوطن باليسر والعسر، حيث يكمن سر قوة الأردن رغم قلة الموارد والإمكانات في تجاوز المحن والعثرات مهما قست الظروف.
ثمة من يتحدث في المملكة الأردنية الهاشمية في الآونة الأخيرة عن إيران ودورها الإقليمي وأن طهران تغذي المليشيات التابعة لها الموجودة في الجنوب السوري ومتمركزة على الحدود السورية - الأردنية حيث تعمل على تهريب الاسلحة والمخدرات، وتتصاعد المخاوف من خطر تشكل " الهلال الإيراني".

في المقابل لم يخلُ الواقع من دعوات أردنية إلى التعامل معها على مبدأ "حسن الجوار" وعدم تدخلها في شؤون دول المنطقة، ما يشير إلى قلق ضمني للمملكة الأردنية الهاشمية من سياسة إيران، والفوضى التي تعتري الجنوب السوري وتخوفات من تداعياتها على أمن المملكة واستقرارها، بتمركز المليشيات الطائفية المسلحة في الجنوب السوري على مقربة من الحدود الاردنية الشمالية .

حكمة القيادة الهاشمية


المملكة الأردنية الهاشمية عصية على الأطماع والمؤامرات الخارجية، فهناك قرار سيادي في الحفاظ على الامن والاستقرار والعلاقات الدولية لتوفير أكبر قدر من المكاسب وعلى رأسها الأمن الوطني الاردني .
موقع المملكة الأردنية الهاشمية حيوي واستراتيجي في شبه الجزيرة العربية وتحدّها الجمهورية السورية من الشمال، وفلسطين من الغرب، وتلاصق المملكة العربية السعودية من الشرق والجنوب، وتحدّها جمهورية العراق من الشرق تبلغ مساحة البلاد 89,342 كلم مربّعاً، وتحتضن القيادة الهاشمية العديد من القضايا العربية والإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية في حماية ورعاية الأماكن المقدسة بالقدس الشريف وفقاً لالتزامات الدول بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية .

تحديات كثيرة تواجه الأردن


وعن التحديات التي تواجه الأردن، يقول الخبير العسكري اللواء الطيار المتقاعد الدكتور مأمون أبو نوار لـ "جسور": التحديات الأولية التي تواجه الأردن هي الحدود مع سوريا فالمنطقة الشمالية تمتد 375 كلم وهي مسرح لنقل الفوضى وتهريب الاسلحة والمخدرات، وسوريا الان عاصمة المخدرات على صعيد دول العالم، إضافة للإرهاب الطائفي حيث أضحت الحدود طائفية في معنى آخر وهذا من ضمن أدوات إيران ومليشياتها التي تمتد من سوريا والعراق ولبنان واليمن الى هرمز بحر المندب، ويمكن اعتبارها كلها الخطوط الامامية لإيران.
أما ما يتعلق بالأردن فيؤكد أبو نوار أن المملكة مهيأة للحفاظ على الحدود، ولكن لا يوجد أمن مطلق في العالم لذلك تسجل عمليات محدودة على الحدود الاردنية نظراً لموقع الاردن الجيوسياسي المهم للاشقاء العرب والخليج .
ويضيف اللواء أبو نوار: هناك تعاون وتنسيق وتدريب عسكري مشترك بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وبعض الدول وهذا مهم جداً، لكن الاردن يحتاج الى دعم حقيقي لهذه العمليات المكلفة على ميزانية المملكة لذلك هناك حاجة لدعم من دول الخليج العربي للاستمرار والمحافظة على أمن الاردن وأمنهم ايضاً، فأمن السعودية من أمن الاردن وهو امتداد للردع من الأردن نحو السعودية والعكس صحيح، وهذا الامر يحتاج الى مجهود حربي وقوة للوقوف لاي اختراقات تمتد على الحدود السورية الاردنية، فتظهر هنا حاجة الأردن الى طائرات مسيرة ومعدات حديثة وخاصة تلك المخصصة للكشف المبكر عن العمليات.

حرب مياه على الأردن


هذا التحدي ليس يتيماً فمعضلة شح المياه تقف عقبة أساسية أمام الأردن ويقول اللواء الطيار المتقاعد الدكتور مأمون أبو نوار: تعاني الأردن تحدياً آخر على صلة بالمياه و نهر اليرموك والسدود، وفي الحقيقة تعمل سوريا على بناء السدود والاحواض المائية على حساب الأردن ففي التسعينات أمعنت سوريا بارتكاباتها على نهر الفرات مع تركيا والعراق وأحدث الامر حينها ضجة سياسية كبيرة وهددت تركيا بالدخول الى سوريا لكن دمشق نجحت حينها في معالجة الموضوع ، فلماذا سوريا لم تعالج الموضع مع الاردن ؟ ويتابع اللواء أبو نوار: هي حرب المياه على الأردن واذا كانت سوريا تعتبر الاردن من الاشقاء يجب تزويده بالمياه المطلوبة لا سيما وأن الاردن يستضيف حوالي 1.4 مليون نازح سوري حيث بات الأردن عبارة عن مخيم نزوح من دول المنطقة وهو يستضيف نازحين من سوريا والعراق ولبنان ويفرض الامر اعباء اضافية وتكاليف باهظة على البنية التحتية والاقتصاد الاردني.

استهداف الأردن بتصدير المخدرات


محاولات غزو من نوع آخر بتعرض لها الاردن عبر اغراقه في المخدرات لكن الهدف لن يتحقق فالأردن يشير أبو نوار غيّر قواعد الاشتباك وبإمكانه إنشاء مناطق عسكرية على الحدود الاردنية- السورية، في وقت تجاوزت المليشيات الخطوط الحمراء بهذا الخصوص وعلى سوريا مسؤولية في ضبط الحدود نحو الاردن.
ولدى مقاربة الصراع الفلسطيني – العربي- الاسرائيلي فهناك مخاوف من حل على حساب الاردن من باب محاولة اسرائيل فعل ذلك فهذا تحدَ كبير وخاصة مسجد الاقصى ومسؤولية الاردن بالوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في فلسطين وعدم استقرار المنطقة فهو بمثابة تحدَ أيضاً إضافة الى التحديات الإقتصادية الناتجة عن غياب التنمية والاستقرار في المنطقة بشكل عام.
وفيما لو اندلعت حروب مستقبلية، الأردن يحتاج الى دعم بالنسبة للمجهود العسكري لان الصواريخ ستكون فوق الأردن والحرب إن اندلعت بين إسرائيل وإيران تتزامن مع قواعد إيران في الدول التي ذكرتها سابقا.
وهنا نقطة مهمة: حزب الله كان يمتلك 10 الاف صاروخ عام 2006، اما الان فيمتلك 150 الف صاروخ فهناك ردع متبادل بينه وبين إسرائيل، وأعتقد إسرائيل لا تستطيع ان تواجه مثل هذه الاعداد الكبيرة من الصواريخ مع اعتراف صريح بصعوبة النفوذ الايراني الموجود في سوريا ولبنان والعراق في خطوط امامية ودفاعية عن ايران.

السعودية تستطيع ردع إيران


ويعتبر الدكتور مأمون أبو نوارأن المملكة العربية السعودية وحدها قادرة على ردع إيران فالقدرة العسكرية السعودية تؤهلها السيطرة على الاجواء الإيرانية وضربها، لان السلاح الجوي السعودي مميز في الاقليم والمنطقة العربية والسعودية عبارة عن قارة لها نفوذها وهي ليست دوله صغيرة .
أما عن علاقة الاردن بالسعودية فيصفها بالمترابطة جداً وأخوية تاريخية ولا احد يستطيع فصلها مشددا على أن أمن الاردن من أمن السعودية رغم محاولات إيران المتواصلة لاستخدام جماعة الحوثي لضرب المنشأت السعودية، فالإردن يدعم قرارات مجلس الأمن الدولي ويرفض أي اعتداء على المملكة العربية السعودية .

الشعب الأردني خلف القيادة الهاشمية


في هذا الصدد، يجزم الخبير الأمني والاستراتيجي الأردني العميد المتقاعد هاشم المجالي في تصريح لـ "جسور" تماسك الشعب الأردني اجتماعياً وقوميًا وسياسياً ويقف خلف القيادة الهاشمية في مواقفها السياسية، لكن التحدي الاكبر الذي يواجه المملكة الأردنية الهاشمية هو المعضلة الإقتصادية والامكانات التي تهدر احياناً، وما يخص وجود المليشيات الإيرانية على الحدود الأردن فيقول: تشكل خطراً من ناحية عدم وجود أنظمة سياسية قادرة على إدارة الدول في الحدود المجاورة وخاصة بما يخص الشمال الأردني وهو الجنوب السوري، والخوف ايضا من التفلت الامني في المناطق العراقية وسيطرة مليشيات الحشد الشعبي وغيرها التابعة لحزب الله في سوريا والعراق، اضافة الى المليشيات الإيرانية التي تحاول اختراق الأردن بشتى الوسائل، فحاولت من خلال إيجاد مراكز اجتماعية ودينية تكون تابعة لها على غرار ما حدث في اليمن وقبل التفلت الامني في العراق وسوريا لكن كل هذه المواجهات باءت بالفشل الإ ان الحدود الواسعة مع سوريا والعراق والحدود غير الشرعية وأحيانا الرسمية قد تؤدي الى بعض الخروقات بمحاولات التهريب وإغراق الأردن بالمخدرات.

المخدرات تصنع في الجنوب السوري ولبنان

وأكد العميد المتقاعد هاشم المجالي ان مصانع المخدرات وكما يعلم الجميع لم تعد موجودة في دول معينة ليتم تهريبها إنما أصبحت تصنع في الجنوب السوري ولبنان وبالتالي أصبحت تدعم من قبل الأجهزة العسكرية والأنظمة التي يتم السيطرة عليها من قبل المليشيات التابعة للنظام الإيراني.
وعن التخوف من اكتمال الهلال الإيراني في الأردن قال العميد المتقاعد هاشم المجالي: " لن يستطيعوا لان الشعب الأردني محافظ وشعب عشائري يرفض الثقافة الدينية التي تؤدي الى التشدد أو التطرف،شعب وسطي معتدل ولا يقبل بالغلو في الدين ولا يقبل بأي اتجاه ديني له أهداف وغايات سياسية، ونحن كشعب أردني وأحزاب وعشائر في رضى سياسي تام عن أداء جلالة الملك عبد الله الثاني والحكومة الاردنية بالتعامل مع الاحداث الخارجية، وقضايا المخدرات هي منظمة وتديرها مليشيات إيرانية وهذا الاستهداف هو ليس للاردن فقط إنما للمنطقة العربية، ولكن ان شاء الله كل المحاولات لم تستطع النيل من قلعة الصمود الاردني وجميع المخططات والمليشيات الإيرانية سوف تنكسر على الحدود.

لاجئون من دول عربية كثيرة


ويتابع: الأردن استقبلت لاجئين بأعداد كبيرة من الأخوة الفلسطينين والسوريين القاطنين في المخيمات وايضاً لاجئين من العراق واليمن وحتى ليبيا وهذا كله يرتبط بالمنظومة الأمنية المتماسكة من توفير الامن والامان والمحافظة على القوانيين الأردنية، ولا ننسى تأثير اللجوء على القدرات الاقتصادية من ناحية أزمة المياة وهذا التحدي كبير بالنسبة للأردن في غياب دعم مالي من الدول المانحة في مواجهة اللجوء وجميع هذه الامور تأخذ بعين الاعتبار التحديات الأمنية المرتبطة بالإقتصاد والتنمية والاستثمارات لكن الإنتماء والولاء والعقيدة موجودة عن الشعب الأردني.

محاولات اختراق الحدود الإردنية

وعن التحديات الخطرة التي تواجه الأردن، صرح مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين الاعلامي الإردني نضال منصور " لـ جسور" قائلاً: الأردن لا يواجه تحديات خطرة تهدد أمنه وسيادته،هناك محاولات اختراق لحدوده من مجموعات تهرب المخدرات وربما السلاح ايضا، وهذه العصابات منظمة تجد دعما من مليشيات مسلحة ايرانية وغيرها، وهناك معلومات عن ارتباطات لها بشخصيات بارزة في الحكم بسوريا هذه التهديدات يتعامل معها الجيش الاردني وقادر على لجمها.
واعتبر الإعلامي نضال منصور انه وبعد الحرب الروسية في اوكرانيا زاد تمدد المليشيات الموالية لإيران في القرب من الحدود الاردنية وهذا يقلق الاردن، ويخالف تفاهمات استقرت في السنوات الماضية.
مواجهة الهلال الشيعي بالمعنى السياسي لا يهدد الاردن وحده، وانما يغير خريطة التوازنات في المنطقة، ولا اعتقد ان المجتمع الدولي يقف متفرجا ولا ارى الاردن في عين العاصفة الايرانية في الوقت الراهن.