كرامات مفقودة داخل المستشفيات.. باع سيارته ليسترجع جثة ابنه- جنين ملاح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 6, 2022

كتبت جانين ملاح باللبنانية:

لن تحصل على الكرامة والتقدير طالما أنت في لبنان. هذه هي الحقيقة الموجعة، والعنوان العريض للكفاح اليومي الذي يواجهه كل لبناني، إذ أن المواطن بات رهين زمرة من أولئك الذين يسعون وراء تلميع صورهم، وتحقيق مصالحهم.
ومن هاجس إلى أخر يقف المواطن اللبناني حائراً أمام باب المستشفى، فإما أن يدفع جنى عمره، وكل ما يملك لأجل إنقاذ حياته، وإما أن يكابر على مرضه، ويواجهه بالموت البطيء. نعم.. هذه هي حال اللبناني، فبعد أن كانت ست الدنيا بيروت مستشفى الشرق، بات الدخول إلى مستشفياتها حكراً على قلة، وضرب من الجنون للجماعة الآخرين.



من ناحية أولى، الدولة غائبة؛ عنوان يعتبر "كليشة" لبرهة في لبنان، إذ أنّه ومنذ الأزل، الدولة صمّاء، عمياء، عن قطاع الصحة، فلا خطط، ولا دراسات، ولا موازنات ترصد لها، بدءاً من المستشفيات الحكومية، وصولا إلى المؤسسات والمستوصفات، ما يضعنا أمام تساؤلٍ مشروع:" هل من تدمير ممنهج للقطاع الصحي في لبنان؟"



من ناحية أخرى المواطن فقد كرامته حرفياً أمام مداخل المستشفيات، فلا الدواء مؤمن، ولا حتى الخدمة مؤمنة، أما إذا تجرأت ودخلت، فكن على يقين بأنك ستخرج خالي الوفاض والأملاك، إذ أن العلاج داخل المستشفيات اللبنانية يبدأ من رسمٍ يتكون من ٧ أرقام وما فوق، فلقد بات من النّادر أن تخرج من باب المستشفى دون دفع ١٠ ملايين ليرة، وما هو أزيدُ.


أخر فصول "هتك" الكرامات تمثلت بقصة أقل ما يقال عنها أنها لا تمت للإنسانية بصلة، حيث اضطر أحد الآباء أن يبيع سيارته لأجل إخراج ابنه الرضيع المتوفي.. نعم، لا تستغربوا من هذه المشاهد، حيث لا كرامة لأحد تذكر، حيث عمدت مستشفى الحبتور-حلال إلى حجز جثة الرضيع المتوفي لحين تأمين مبلغ ٢٥٠٠$، ما اضطر بالأب لبيع سيارته لتأمين المبلغ واسترجاع جثة ابنه.
وتسألون عن الكرامة؟ عن أي كرامة نتحدث وأب عائد مع طفله المتوفي مشياً على الأقدام لقاء ٢٥٠٠$.. عن أي كرامة نتحدث ومواطنو لبنان المنكسرين يتهاوون جثثاً أمام أبواب المستشفيات؟ عن أي كرامة نتحدث وحكومات تُعَطَل كرمى النكايات والمناكفات؟


هكذا بات لبنان للأسف، مرتع للأمراض، والتحديات، وهتك الكرامات، بدون أي معيل أو رقيب، لدرجة بات الموت داخل المنازل بتحمل الألم أفضل وأشرف من الموت المذل على أبواب المستشفيات.