د. بيار يونس- على لبنان أن ينأى عن الصراعات الخارجية

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 28, 2022

بقلم الدكتور بيار يونس،
عضو المجلس السياسي في حزب الوطنيين الأحرار :

يعيش لبنان في دوامة إعادة إنتاج الطائفية والمحاصصة، وفي ظل النظام الذي يزيد من الولاءات الطائفية بدل إضعافها، ومع جشع القيادات المتسلّطة التي ستبقى بحاجة دائمة لإيجاد مواقع دعم خارجية لحماية حصّتها من السلطة،

هذه الحصة لا تعود بالنفع إلى مجمل الجماعة الفئوية، بل الى شبكة المحاسيب ضمن الفئة على حساب المواطنين جميعاً إلى أي طائفة أو مذهب إنتموا، وعلى حساب المصلحة العليا والعامة،

وطالما بقي نظام الحكم قائماً على مبدأ المحاصصة الطائفية فإن الإرتباط بقوى خارجية سيبقى حاجةً بنيويّة، وهذا ما سيدفع بلبنان الى حالة دائمة من عدم الإستقرار، وسيدفع بالمؤسسات الدستورية الى حالة دائمة من الشّلل.

من هنا، ولكي يتجنّب لبنان مصيراً يهدد كيانه بالزوال، عليه أن ينأى عن الصراعات الخارجية، وبخاصة الصراعات المسلَّحة، من خلال تبنّيه لمبدأ الحياد الإيجابي الذي لم يعد خياراً، بل أصبح قَدَراً محتوماً ومساراً نحو المحافظة على الوطن بدلاً من ان يتقاسم أشلاءه الجيران والأشقاء، الأقربون منهم والأبعدون،

وهذا الخيار، الذي يمكن أن يحاكي النموذج النمساوي الذي هو غير الحياد السويسري، يسمح للبنان أن يحتفظ بخياراته وآرائه لكي يتفاعل مع القضايا والتيّارات ولكي يتخذ المواقف الداعمة لها ويبقى منبراً حرّاً ومنفتحاً على الجميع دون تحيّز،

من هنا، المباشرة في تكريس حياد لبنان الإيجابي هو الطريق الحقيقي الذي يؤدّي الى الإستقرار والى فصل المسار السياسي الداخلي عن الخارج إلى حدٍّ كبير،

وتكون الأولوية في قيام القادة اللبنانيين جميعاً بالإستقلال عن الخارج والبحث عن حلّ في ما بينهم، ورسم رؤية مستقبلية، وإختلاق حلول لهذه الأزمة،

حيث يظهر جلياً كيف أن لبنان هو شديد التأثُّر بالخارج وكيف تتحوَّل أرضه إلى مسرح للعديد من الصراعات الإقليمية والدولية، وكيف ينتقل من إنتدابٍ الى آخر، فرنسي، فلسطيني، سوري، واليوم إيراني، مع وجود دائم للنفوذ وللتأثير الأميركي، وكل هذه القوى تتبارز على أرض لبنان، وقد عبّر عن ذلك الأستاذ الراحل غسان التويني بقوله: “Une Guerre Pour les Autres” - "حربٌ من أجل الآخرين" ...