باسيل والحزب يتسابقان... إلى معراب- جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 28, 2022

كتبت جوزفين ديب في أساس ميديا:
قبل أشهر من دخول لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي، في بداية الصيف الذي من عادة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أن يمضيه في الديمان، تحوّل المقرّ الصيفي البطريركي إلى محجّة للقوى المارونية، استعداداً لسلوك طريق القصر الوعرة، التي لا تزال غير معبّدة لأحد منهم.

في ذلك الوقت أرسل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل دعوة، برعاية البطريركية المارونية، إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يطلب فيها التقاء القوّتين المارونيّتين الكبريَيْن على اسم رئيس للجمهورية وفرضه على القوى الأخرى أمراً واقعاً، لكنّ دعوة باسيل وُوجِهت يومذاك برفض تامّ .

في المقابل تبدو طريق معراب-حارة حريك مقفلة تماماً وفق تأكيد القوات اللبنانية وحزب الله معاً أن لا حوار بينهما. غير أنّ ذلك لم يمنع معراب من توجيه رسائل مشفّرة إلى حارة حريك... والعكس.

فهل نشهد سباق الحلفاء المتخاصمين إلى معراب؟ وهل يتحوّل رئيس القوات سمير جعجع إلى الناخب الملك في انتخابات الرئاسة المقبلة؟


باسيل يدقّ أبواب معراب

تلك الدعوة التي انطلقت من الديمان لم تُقفَل بعد. فعلى الرغم من الرفض التامّ الذي سبق أن عبّر عنه جعجع أكثر من مرّة، فإنّ باسيل لا يزال يحاول، عبر إشارات لمعراب، الدعوة إلى ضرورة الالتقاء "قطعاً للطريق" أمام ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

يدرك باسيل أنّه مصون باهتمام ورعاية حزب الله، ويدرك أنّ أمينه العام غير قادر حتى هذه الساعة على القفز فوق حليفه المسيحي الأوّل والأقوى من أجل فرض ترشيح حليفه الآخر سليمان فرنجية. وهو على هذا الأساس يدرك أنّه لا يزال لديه الوقت الكافي للعمل مع "أيٍّ كان" من أجل قطع الطريق أمام فرنجية.

تقول مصادر التيار الوطني الحرّ لـ"أساس": "يخطئ حزب الله إذا اعتقد أنّ موقف التيار من ترشيح فرنجية سيصبح مع الوقت أكثر مرونة، فجعجع أقرب إلى فرنجية من التيار". إلى هذا الحدّ وصل التيار في التعبير عن موقفه الرافض لفرنجية. وهو ما عّبر عنه باسيل صراحة وبكلّ حسم وجزم أقرب إلى "الحدّيّة" في لقائه الأخير مع نصرالله.

وكأنّ باسيل يبتزّ حزب الله بموقفه الصارم ضد فرنجية.

من جهتها، تدرك معراب أنّها تشكّل اليوم حاجة لباسيل من أجل فرض شروطه الرئاسية، لكنّها غير مستعدّة لتكرار تجربة ميشال عون، وبالتالي تترقّب بحذر تطوّر الأحداث بين الحلفاء مدركةً أنّ موقعها اليوم أكثر قوّة انطلاقاً من الحاجة إليها.

تقول مصادر مقرّبة من معراب لـ"أساس" إنّه "لا شيء مستحيل على الرغم من الموقف الرافض للحوار مع باسيل حتى الساعة". ولكنّ أيّ حوار مقبل "سيكون بشروط معراب لكي لا تُلدَغ من الجحر مرّتين". فهي تعتقد أنّ باسيل "سيستعملها في المرحلة الأولى لقطع الطريق على فرنجية، وبعد نجاحه في ذلك سيكمل الطريق وحده مع حزب الله، وهو أمر لن تسمح بحصوله".


معراب-حارة حريك

في 24 تشرين الأول الماضي، أرسل سمير جعجع أولى إشاراته باتجاه حارة حريك. ففي مقابلة على قناة "الجديد"، قال للمرّة الأولى إنّ القوات اللبنانية لن تعطّل النصاب في حال اتفاق خصومه على انتخاب رئيس بـ65 صوتاً، لافتاً إلى أنّ "النصاب وضع 86 نائباً من أجل انتخاب رئيس وليس من أجل التعطيل، و"القوات اللبنانية" يمكن أن لا تحضر جلسة، بس تعطيل النصاب على غير هدى مش وارد لأن ما رح نعطّل".

تلقّفت حارة حريك هذا الموقف باهتمام. وبعدما رصدته راحت تكمل خريطتها الانتخابية. فهي تجزم أنّها تستطيع وفق حساباتها ضمان النصف زائداً واحداً من دون كتلة التيار الوطني الحرّ لمرشّحها سليمان فرنجية. فهي تحتسب أصواتاً سنّيّة لم تعلن حتى الآن تأييدها لانتخاب فرنجية. وحارة حريك مرتاحة مع النواب السُنّة ما دامت المملكة العربية السعودية لم تعبّر علناً وبشكل مباشر عن رفضها ترشيح سليمان فرنجية.

الثابت حتى هذه اللحظة بالنسبة إلى الثنائي الشيعي هو التهدئة مع التيار الوطني الحر وفتح الأبواب دائماً أمامه من أجل إقناعه بالسير بفرنجية رئيساً. وهو ما بدا واضحاً في كلام المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي النائب علي حسن خليل، في مقابلته الأخيرة لـ"الجديد" التي بدا خلالها هادئاً ومتروّياً في حديثه عن باسيل. ذلك أنّ الثنائي يراهن على الوقت لطمأنة باسيل. أما ويبدو ذلك صعباً حتى الساعة، فإنّ الثنائي يحتسب الأصوات والكتل لتحقيق ميثاقية النصاب على الأقلّ في حال العجز عن تحقيقها في الاقتراع لفرنجية. من هذا المنطلق تتطلّع حارة حريك باهتمام بالغ إلى موقف معراب التي أكّدت أنّها لن تقاطع جلسة الانتخاب حتى لو أدّت إلى انتخاب فرنجية بـ65 صوتاً.

ما لم يسأل عنه أحد حتّى الساعة، هو ماذا تريد معراب من حارة حريك في المقابل؟

فهل يدفع عناد باسيل حزب الله إلى معراب؟

لا شيء مستحيل، ولو أنّ هذا الأمر، إن حصل، سيقتصر على تفاهم موضعيّ محصور بفعل حجم الخلافات بين الفريقين.

إذاً هو سباق إلى معراب، بين الحليفين "اللدودين" هذه الأيام في الموقف من فرنجية.


هذا على الرغم من تسليم الجميع أن لا شيء جدّياً سيحصل في الملفّ الرئاسي قبل أشهر. لكن في هذا الوقت يتواصل العمل على إعداد الأرضية لانتخاب رئيس، كلٌّ يراه على قياسه.

لن يتخلّى حزب الله عن مصلحته الاستراتيجية في انتخاب فرنجية. فهل يحظى بغطاء ميثاقي من ألدّ خصومه ونقيضه في السياسة والأيديولوجية؟ ومقابل ماذا؟

لا شكّ أنّ الأيام المقبلة ستُظهر من سينجح في السباق إلى معراب: باسيل قاطعاً الطريق أمام فرنجية؟ أم الحزب للحصول على ميثاقية انتخاب حليفه الاستراتيجي؟

هل سيدق الحزب باب معراب ولو كان ذلك بالواسطة وليس بشكل مباشر؟ أكان عبر وليد جنبلاط أو نبيه برّي؟

الأكيد في كلّ الأحوال أنّ هذا السباق يجعل من سمير جعجع "الناخب الملك".