إرحل! ...صرخة نملةٍ يا فراس الأبيض! - الأب الدكتور سميح رعد

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 26, 2022



صرخة نملةٍ نعم! لأنّ ليس لنا إلّا الله كنملةٍ تدبّ على الأرض وليس من يرانا، ولا نريد أن يرانا أحدٌ إلّا من باب كرامتنا الإنسانيّة ليس إلّا. وحسبنا الله، ويكفينا، رغم ظلمك!

لم يمت الياس عبّود، ابن كفرنبرخ، على باب مستشفى، بل مات على باب وزارتك...

مات الشاب الياس عبّود، ابن التسعة والأربعين ربيعًا تاركًا أرملةً بعمر الورد وطفلًا بعمر الأقحوان وبنتًا بعمر البنفسج.

عندما رَفَضْتَ أن تَنْظُر إلى طلب الدواء لسببٍ تعلّلت به، طرقت بمطرقتك مسمارًا على تابوت الياس... وكم من مسمارٍ تطرق في توابيت شباب لبنان!

عندما كتبتُ أنعي موت الياس لصديقةٍ سعت لتأمين الدواء من "معاليك"، أجابت: "لا حول ولا قوّة إلّا بالله... الله يرحمه ويصبّـر أهله... خبرٌ حزينٌ والله. والله صرنا ببلد المسؤولين ما بيخافوا الله...معاليه قال: لو لأمه ما بيمضي إذا مضمونة... بعتذر أبونا على هالخبر، القلب بيبكّي وبيوقّف الزمن والفكر... دنيا لعوب ما إلها أمان...حاولت أن أساعد بدون موافقة.... سامحوني."

يا سيّد، ثق أنّ ما أتانا إليك نحن أهل الياس هو وجعه أمامنا والمهانة الكبرى التي أصابتنا وأصابته بمرضٍ لا نتمنّاه لا لك ولا لوالدتك، التي لا تريد أن تعطيها دواءً إذا كانت مضمونةً، كما هي حال الياس! ولن أكلّمك عن العقاقة في الأمّ! فسأترك هذا لوالدك الذي فشل في تربيتك أن يعيد الكرّة وربّما ينجح؛ ولن ينجح! ولكنّا نقول له "مرّغ هذا العاق ولدك كرامتنا بالأرض!"

يا سيد، أنت ظلمت وأَمَتَ! أنت من أهدى إلى الموت هذا الشابّ زهرةً! القانون للإنسان صُنع، وكنت أنت غير أمينٍ على الإنسان! فبئس إنسانٍ أنت!

يا سيّد، أحبّ أن أعلمك، ربّـما لم تسمع، أن نظيرك في الطبابة وفي الوزارة، عدوك، أعني به وزير الصحّة الإسرائيليّ، سمح ويسمح بإخراج هذا الدواء من أدراج صيدليّاته وأدراج مستشفياته وأدراج وزارته، كاسرًا القانون، ليُأْتى به إلى مرضى لبنان... في قلبه شفقةٌ على مساكين لبنان، وأنت ليس في قلبك إلّا سواد، يا من تشبه كلّ شيءٍ إلّا اسمك. أدرت عينيك عن ألم الياس وكل متألّـم في لبنان، وعلمك كطبيبٍ لم يُفْهمك... يا سيّد، من تعبره عدوًّا هو أرحم منك بمواطنيك... بئس مواطنٍ أنت!

يا سيّد، أنت درست وتعرف ماذا يعني هذا الدواء لمصابٍ بهذا المرض العظال. ولكن علمك لم يفهمك أنّ هذا الدواء هو مقابل مسمارٍ في نعش هذا الشاب! أفسدت قسمك ووعدك. بئس طبيبٍ أنت!

يا سيّد، ليس على أبواب المستشفيات يموت اللبنانيّ، بل على مكتبك أنت، أمام ناظريك، في وزارتك! تابع في احترام القانون واترك الإنسان... تابع وزد أرقامًا من الشباب الذين يموتون على أبواب وزارتك... إنّ كنت تعرف أن تحسب... نعرف أنّك تحسبنا نملًا! أحسنت باستعمال سلطتك، وطبّقت القانون! بئس وزيرٍ أنت!

لا أعرف إن كان مريولك الأبيض يعرف كنيتك ولكن اخلعه الآن قبل أن ترحل... أسودٌ أنت! والله لا قانون يحاسبك في هذا اللبنان التعيس بسببك وبسبب أمثالك!

صرختنا صرخة نملةٍ لن تسمعها، ولكنّا نصرخها: إرحل!

ربّـما لن يهزّك أنّك السبب في دقّ مسمارٍ في تابوت الياس ومئات الشباب مثل الياس... موقنون أنّ بارينا سيسمع صراخنا وصراخ النمل، وهو واهب الصحّة الحقيقيّ لخلقه. ومؤمنون أنّه كفيلٌ بك! وحسبنا الله!