طوني كرم- الشرخ بين "المعارضات" يتفاقم: ماذا عن الرئاسة؟

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, November 22, 2022

كتب طوني كرم في نداء الوطن:

تتفاقم الإختلافات السياسيّة بين القوى المعارِضة لخط «الممانعة» عند كل استحقاق، جرّاء غياب الخطاب الوطني والقضيّة المشتركة بينهم، وتقدّم المصالح الخاصة والإنتخابيّة على التوافق حول كيفيّة مواجهة التحديات المتفاقمة في لبنان. وهذا ما طبع مسار المداولات الحاصلة في الكواليس بحثاً عن مرشحٍ رئاسيٍّ قادرٍ على تحقيق خرقٍ إيجابي مع الكتل النيابية الأخرى بعدما بات ترشيح النائب ميشال معوض يدور في حلقة مفرغة.

وتبرز هنا، محاولة تفرّد أطياف «لقاء الثلثاء» النيابي الذي يضم «الكتائب اللبنانية» وكتلة «تجدد»، وبعض النواب المستقلين في فرض خيارهم الرئاسي الجديد على شركائهم في «المعارضة» ورفض مشاركة «القوات اللبنانية» و»التقدمي الإشتراكي» في مداولاتهم الأوليّة حول المرشح الرئاسي المفترض، تحديداً بعد موقف «القوات» المؤيد لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وآخرين، بوجوب اعتماد نصاب الثلثين في كافة جلسات إنتخاب الرئيس، في وجه مطالبة «الكتائب اللبنانية» وبعض المشاركين في «لقاء الثلثاء» كما نواب الـ 13، باعتماد نصاب النصف زائداً واحداً (65 نائباً) في الدورات التي تلي.

ومع تقاطع العديد من القوى السياسيّة على أنّ التعطيل في هذه الحالة قد ينتقل من الجولة الثانية إلى الأولى من خلال عدم تأمين نصاب الثلثين الواضح في الدستور، فإن الردّ الأولي لـ»الكتائب» على موقف «القوات» في ما خصّ مسألة النصاب القانوني، أتى سريعاً مساء السبت الفائت، عبر ندوة «المحامين الديمقراطيين» في الحزب، التي أعلنت رفضها التصويت لمرشحي «القوات اللبنانية» و»التقدمي الإشتراكي» في نقابة المحامين قبل ساعات من الإنتخابات، بعدما كان توجه «الكتائب» للتصويت لهم، في محاولةٍ لإعادة إحياء التحالف بين «السياديين» أو ما عُرف يوماً بقوى «14 آذار».

ولم يقف التمايز بين المعارضة عند هذا الحدّ، ليجيب النائب مارك ضو عبر «تويتر» عن الأسباب التي تحول دون التماهي مع «القوات» و»الإشتراكي». فبعد وضعهم في الخانة نفسها مع أحزاب المنظومة، أكّد ضو أن إصرارهم على نصاب الثلثين في الجلسات الرئاسيّة ينطلق من وضعهم «الميثاقية الطائفية كمرجعٍ لفهم الدستور على حساب حسن سير الحكم ووقف شلل الدولة»، مشيراً إلى أنّ «منطقهم هذا يضعنا بموقف مختلف جوهرياً»، للروابط التي تجمعهم (الإشتراكي – القوات) مع أحزاب المنظومة الطائفية الموالية، والتي تصب في «صون النظام الطائفي، أي الميثاقية والمحاصصة بالإدارة والإقتصاد»، ليختم ضو تغريدته مؤكداً أن قربهم من الكتائب ينطلق عن قناعتهم المشتركة «بضرورة تحدي المرجعية الطائفية لتفسير الدستور ومطالبتهم بالنصف زائداً واحداً».

ومع انضمام ضو إلى جبهة «الكتائب» وتأكيده على الإختلاف الجوهري مع «القوات» و»الإشتراكي»، رأت أوساط متابعة في هذه المواقف تعميقاً للشرخ بين «المعارضة» وتكريس شرذمتها، التي أصبحت معارضات تضم: «القوات اللبنانية» و»اللقاء الديمقراطي» من جهة، و»لقاء الثلثاء» النيابي الذي تشكل «الكتائب» رافعةً له ويضم كتلة «تجدد» و»مشروع وطن الإنسان» وبعض نواب «17 تشرين» وآخرين من جهة أخرى، إلى جانب إئتلاف نواب السنّة الوسطيين، الذين يحاولون التأكيد على تمايزهم وعدم إنجرارهم في أيٍّ من الأحلاف قبل أن يكون لهم دور بارز في حسم هوية الرئيس العتيد للجمهورية وإختيار رئيس الحكومة. ولا يكتمل «موزاييك» المعارضة من دون التوقف عند ما تبقى من «لقاء الـ 13»، من قوىً يسارية معارضة للمنظومة وأحزابها والتي تعمد إلى الطلب من الآخرين تبني خياراتها والسير بها، وهذا ما لاقى معارضة كبيرة من داخل «تكتل الـ13» قبل انفراط عقده.

وأمام هذه المشهدية الهشّة للمعارضة، أصبح البحث عن خلفٍ للمرشح الرئاسي ميشال معوض، دونه محاذير لا بدّ من مقاربتها بطريقة واقعيّة آجلاً أم عاجلاً، من خلال إستعادة الأحزاب الكبرى المبادرة باتجاه لم شمل القوى السيادية حول مشروع وطني عابر للطوائف والمناطق، على أن تترجم هذه المساعي من خلال إنتخاب رئيسٍ قادرٍ على حماية الدولة بمؤسساتها من التحلل الحتمي، قبل أن تجد هذه القوى نفسها أمام القبول الحتمي بمرشح «الممانعة» الوسطي. وهذا ما يعدّ امتداداً لعهد الرئيس السابق ميشال عون.