نيويورك تايمز- الصين وإيران تستخدمان المحققين الخاصين للتجسس على المعارضين لهما في أميركا

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, November 15, 2022

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الصين وإيران استعانتا بمحققين خاصين للتجسس على معارضين في أمريكا.

وفي تقرير أعده بنجامين وايزر وويليام كي راشبوم قالا إن المهمة التي جاءت لمايكل ماكيفر، المحقق الخاص لم تكن مهمة، فهي مثل بقية المطالب التي يتلقاها في عمله كمحقق خاص في نيويورك، فقد طلب منه عميل أجنبي المساعدة على تتبع شخص مدين هرب من دبي ويعتقد أنه يعيش في بروكلين. وكان على ماكيفر مسح البيت وتصوير الداخل والخارج إليه. ويجب أن يكون حذرا لأنهم “يترصدون”.

وبدأ ماكيفر وشخص آخر يتابعان البيت بالدور، إلا أنهما فشلا بملاحظة فريق من أف بي آي كان يراقب المكان أيضا، وجاءتهما رسالة تحذير. وقال عميل أف بي آي “زبائنكم ليسوا كما تعتقدون” و”هم أشخاص سيئون ويخططون لأمر غير جيد”.

وسيعرف ماكيفر، 71 عاما، لاحقا أن المخابرات الإيرانية حاولت استخدامه لاختطاف معارضة إيرانية وهي مسيح علي نجاد التي كانت تنتقد سجل حقوق الإنسان في إيران والتمييز ضد المرأة. وقال الرئيس السابق لأف بي آي جيمس إي دينهي “كنا نخشى من قيامهم باختطافها والقبض عليها وربما قتلها”. وتقول الصحيفة إنه تم استئجار محققين حول أمريكا من نوع جديد من العملاء، حكومات ديكتاتورية في الصين وإيران تحاول مراقبة واستفزاز وتهديد وحتى استعادة المعارضين الذين يعيشون بشكل قانوني في الولايات المتحدة.

وكشفت عرائض اتهامات وشكاوى فدرالية عن تورط محققين خاصين في خطط كهذه من نيويورك وكاليفورنيا إلى إنديانا. ويقول مسؤولو أف بي أي إن هناك آخرين تم استخدامهم بدون معرفتهم بطبيعة المهام وتعاونوا لاحقا مع سلطات فرض النظام. ويقول بروس هوفمان، الباحث في شؤون الإرهاب بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إن الحكومة يمكن أن تستعين بمحققين خاصين لكي تعرف معلومات روتينية عن شخص مقيم أو هاتف أو رقم أمني وعنوان عمل، وتقوم بتزويدها لأجهزة الدولة. و”هذا يدهشني لأنه إرهاب في القرن الحادي والعشرين قليل الكلفة وبمخاطر أقل”.

وتأتي الأساليب وسط موجة ملاحقة وقمع للمعارضين في الخارج مثل حادث تسميم روسيا لمعارضين في بريطانيا ومقتل جمال خاشقجي، الصحافي والناقد السعودي في 2018 بإسطنبول، وحملة ملاحقة تركية لمعارضيها في حوالي 31 دولة حسب فريدم هاوس.

وفي حالة علي نجاد، قام محقق في مانهاتن بإصدار اتهامات ضد مسؤول استخبارات إيراني وثلاثة متورطين وكلهم في إيران. ولن يتم اعتقال أي منهم لو ظلوا هناك، إلا أن المسؤولين يقولون إن الهدف هو فضح ومنع مؤامرات يتم التخطيط لها على مستويات عالية من حكومات أجنبية إلى جانب حماية الضحايا.

وبالنسبة للمحققين الخاصين، فالعمل لا يشبه ما تصوره الأفلام، ومعظمه يأتي من شركات قانونية وتأمين أو أزواج يريدون تسوية تظلماتهم. واليوم لم يعد العمل يأتي من خلال المواجهة الشخصية بل عبر الإنترنت. ويقول ويس بيردين، المحقق الخاص في دالاس وضابط في جمعية المحققين الدولية التي ينتمي إليها حوالي ألف شخص “لو اتصل بك شخص على الجانب الآخر، رجل محترف من الاستخبارات قادر على التستر، فمن الصعب أحيانا التحقق من هؤلاء العملاء”.

وتشير الصحيفة إلى أن معظم المحققين الخاصين هم من العناصر السابقة في قوى حفظ النظام ويتبعون الطرق القديمة في التحقيق، فشعار ماكيفر هو “التوصل للحقيقة بصدق ودليل”، ويقدم على موقعه عروضا مثل التأكد من عروض العمل والخيانة والتحقيق في الزواج. وعمل كهذا يمثل أرضية جيدة للعمليات الاستخباراتية، وهو عمل تستخدمه المخابرات الأجنبية بطريقة آمنة. ويقول دينهي من أف بي آي “الوكلاء عنهم هنا وعلى الأرض يمثلون طريقة طبيعية لكي ينجزوا الكثير من العمل القذر”.

وفي حالة علي نجاد كان الإيرانيون يريدون التعرف على عواطفها وحالتها العقلية، وحتى لغة جسدها وهل هي حذرة في تحركها أم أنها غير مبالية؟ وقال ماكيفر إنه تعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي بعدما أخبر عن دور إيران وقدم له المعلومات والبريد الإلكتروني الذي استخدم لتكليفه بالمهمة، ولم توجه إليه أي تهمة بارتكاب أخطاء ولا يزال يمارس عمله كمحقق خاص.

وفي الوقت الذي يقع فيه المحققون الخاصون ضحية لنوع من المؤامرات التي يحاولون كشفها، يقول أف بي آي إنه يقوم بالاتصال بالمحترفين منهم ليحذرهم. وقال رومان روجافيسكي، مسؤول مكافحة الإرهاب في أف بي آي بنيويورك “كلما لفتنا الانتباه لها، كان لدينا أمل بقيام المحققين الخاصين والآخرين بالتعرف على هذه التحركات الخطيرة”.

ولم يتجنب كل المحققين الخاصين المصاعب القانونية، فقد تم اعتقال مايكل مكماهون، 55 عاما، الرقيب المتقاعد من دائرة شرطة نيويورك في عام 2020، ويواجه اتهامات بالعمل كعميل غير قانوني للحكومة الصينية وتهما بالتحرش والتآمر. ويقول المحققون إنه كان جزءا من محاولة إجبار مواطن أمريكي يعيش في نيوجرسي عرف فقط باسم جون دوي-1 على الذهاب إلى الصين. وقال مكماهون إنه صعق ولم تكن لديه معرفة أنه يعمل لصالح الصين. و”عندما قرأت الدعوى ضدي، شعرت بالغثيان، وكما يظهر عملي السابق فقد كرست حياتي لحماية القانون ولم أرتكب أبدا أي جريمة”، كما قال في رسالة إلكترونية للصحيفة.

وقال إنه بدأ العمل نيابة عن امرأة عثرت عليه عام 2016 من خلال الإنترنت. واعتقد أنها تريد البحث عن رجل صيني يعيش في نيوجرسي سرق مالا من شركة إنشاءات صينية. وكتبت إليه “نريد تحديد مكان الرجل، هل هذا ما تفعله؟” و”قلت نعم، هذا ما أفعله”.

وقال مكماهون إن المرأة زعمت أنها مديرة شركة ترجمة ودفعت له شيكا باسم الشركة. وأضاف أنه قام بخمس عمليات مراقبة ما بين 2016 و2017 وفي كل مرة أخبر السلطات الأمنية أنه يقف أمام البيت، واستعان برجلين لمساعدته وأنه لم يخف شيئا عن سلطات فرض القانون.

وقال مكماهون إنه استيقظ في تشرين الأول/أكتوبر 2020 على صوت كلبه في بيته بنيوجرسي حيث وجد عددا من محققي أف بي آي جاءوا لاعتقاله. وتقول وزارة العدل إن مكماهون هو جزء من مجموعة من المتهمين، بعضهم في الصين تديرها الحكومة الصينية باسم عملية فوكس هانت. وقال محقق في بروكلين إن مكماهون كان جزءا أساسيا من العملية. وجاء في لائحة الاتهام “بعد أشهر من التحقيقات المتعددة في عمل المحقق المتهم مايكل مكماهون، خطط المتآمرون لعملية ترحيل وملاحقة وإعادة جون دوي-1 من خلال الضغط النفسي”. ويقول المحققون إن مكماهون كان يعرف أن دوي مطلوب للسلطات، وأنه أرسل أثناء عمله إلى عنوانه الإلكتروني رابطا باللغة الإنكليزية من صحيفة صينية، يذكر اسم الرجل من بين 100 هارب بتهم فساد. وقالوا إن مكماهون اقترح في حوار مع متهم آخر، صينيا من منطقة كوينز للتحرش به “لنجعله يعرف أننا هنا”.

ودافع محامي مكماهون، لورنس لاستبرغ بالقول إن حديث موكله لا يعني تهديدا بقدر ما هو إشارة عادية حول طبيعة عمل المحققين الخاصين و”لم أعثر على أي دليل ولو دليل واحد أن مايك كانت لديه فكره بأنه يعمل لصالح الحكومة الصينية”. ورفض النائب العام الأمريكي في بروكلين التعليق. ولاحظ لاستبرغ من أن موكله لم يمنح فرصة للتعاون مع المحققين.

وتواجه إيران موجات من التظاهرات ونقدا من الخارج، ولهذا استفادت من نظام المحققين الخاصين في أمريكا. وفي 2020 تلقى ماكيفر رسالة بمتابعة بيت في منهاتن تبين أنه لعلي نجاد. وكتبت المرسلة كيا صادقي “أتصل بك نيابة عن عميل يبحث عن شخص مفقود من دبي، الإمارات العربية المتحدة، هرب لكي يتجنب دفع دين”، وذلك حسب لائحة الاتهام. وقال ماكيفر إنه لم يعرف شيئا عن علي نجاد، فصادقي طلبت في رسالتها الخدمة للبحث عن شخص مفقود والتجسس على عنوانه. وبحسب لائحة الاتهام فصادقي مسؤول أمني إيراني قام بالبحث واستئجار محققين خاصين في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا.

وفي تموز/يوليو 2020 أرسل ماكيفر رسالة إلكترونية لصادقي أرفق معها صورة للبيت. وفي أيلول/سبتمبر طلب معلومات إضافية ولقطات فيديو وصورا تظهر الأشخاص الذين يزورون البيت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020 اتصل به عملاء أف بي آي ووافق على التعاون معهم. وظل ماكيفر على اتصال مع صادقي وبعلم من أف بي آي الذي قام بتحقيقات إضافية حتى بداية 2021. وتلقى ماكيفر على عمله مبلغا أقل من 6.000 دولار حسب عريضة الاتهام. بالنظر للوراء يعترف ماكيفر أنه تجاهل الكثير من علامات الخطر وبخاصة الأسئلة التي طرحها على صادقي بدون تلقي إجابات مرضية.


القدس العربي