خاص- الحزب يفخخ الانتخابات الرئاسية!- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, November 15, 2022

خاص- الكلمة أونلاين

بولا أسطيح

لم تهدأ حتى اليوم مواقف مسؤولي ونواب حزب الله المستنسخة عن الموقف عالي النبرة الذي أعلنه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرلله نهاية الاسبوع الماضي، محددا فيه مواصفات رئيس الجمهورية الذي يقبل فيه حزب الله. ليس مستغربا أن يضع الحزب دفتر شروط للرئيس الذي يريده، فقد سبقه الى ذلك "التيار الوطني الحر" كما كثير من قوى المعارضة. فبنهاية المطاف من حق كل فريق سياسي ان يطمح لوصول رئيس ينفذ أجندته او يحمل رؤيته وتصوره سواء السياسي او الاقتصادي- المالي او حتى الاجتماعي، وان كان هكذا تصور وأجندة لا يقدمان ويؤخران كثيرا بعد اتفاق "الطائف" الذي قلّص صلاحيات الرئاسة الأولى الى حدودها الدنيا وجعل السلطة الاجرائية مرتبطة بمجلس الوزراء مجتمعا.

لكن ما قبل كلام نصرالله "الرئاسي" الأخير والذي عاد ليكرره في الساعات الماضية أكثر من مسؤول حزبي، شيء، وما بعده شيء آخر تماما، باعتبار انه نقل النقاش الى مستوى آخر بتصوير المعركة الرئاسية وكأنها معركة بين فريق يريد أن يأتي برئيس يدعم المقاومة وتكون مواقفه واضحة تماما في هذا المجال وبين آخر يتعهد حل مسألة سلاح حزب الله ويكون جاهزا وجريئا لحد وضعه على طاولة البحث من جديد بعدما سُحب لسنوات عنها وبعدما حوّل الحزب اي مُطالب بالنقاش مجددا بالاستراتيجية الدفاعية لـ"خائن ومتآمر على المقاومة".

الخطير في الموضوع انه بعدما كان ملف سلاح الحزب قضية قابلة للأخذ والرد حتى العام 2014، تحول في السنوات الـ6 الماضية أشبه بموضوع "تابو"، فرغم تعهد الرئيس السابق ميشال عون بالدعوة لحوار وطني لاعادة البحث بالملف، لم يُقدم على ذلك، وكانت الحجج والمبررات وافرة امامه باعتبار ان الازمات التي شهدها عهده وكان يتوجب التعامل معها كانت دائما اولوية على اي ملف آخر، وان كثير من اللبنانيين كانوا ولا زالوا يعتقدون ان معالجة موضوع سلاح الحزب هو الاساس لحل الكثير من الازمات التي طرأت وتفادي الآتي منها.

أما اليوم ومع خروج نصرالله ليعلن صراحة ان الحزب يطالب برئيس يدعم "المقاومة" فانما هو يفخخ الانتخابات الرئاسية، ويُعقد هذه الأزمة ما يفتح البلد على شغور طويل في سدة الرئاسة الأولى. اذ أنه وبالمواصفات التي وضعها حصر مرشحيه الى هذا الموقع بحليفيه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، باعتبار انه بدا واضحا انه ينهي حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون رافضا،وفق منطقه، المجازفة بالاتيان برئيس كالعماد ميشال سليمان الذي انقلب عليه في نهاية عهده واصفا معادلة "الشعب والجيش والمقاومة" بـالخشبية". وبالتالي طالما مواقف العماد جوزيف عون غير واضحة ومعلنة كما كانت مواقف العمادين اميل لحود وميشال عون، فالحزب لا يبدو بطور المجازفة بالسماح لوصوله الى بعبدا خاصة وأنه أكثر من مرة لمّح بغير المباشر ومن خلال مقربين منه انه مقرب من الأميركيين.

ولا تنحصر خطورة المسار الجديد الذي سلكه حزب الله "رئاسيا" بكل ما سبق، اذ انه ومن خلال المواصفات التي وضعها أجبر الفريق الآخر المعارض له على تبني مواصفات مضادة اي المطالبة برئيس يكون موقفه واضح من الحزب وسلاحه، من دون ان ننسى ابعاد كلام نصرالله الخارجية، ما سيجعل لا شك المملكة العربية السعودية وبالتالي حلفاءها في لبنان أكثر تشددا في التعاطي مع اي رئيس مقبل، ما سيجعل مصير عهد اي رئيس محسوب على الحزب، كمصير عهد الرئيس عون.

ولم تقلص مقاربة حزب الله "الحادة" للملف الرئاسي حظوظ قائد الجيش الحالي حصرا، انما قلصت حظوظ اي مرشح توافقي، باعتبار ان شروط الحزب باتت واضحة والمطلوب من اي شخصية راغبة بالجلوس على كرسي بعبدا الاعلان صراحة انها تدعم "المقاومة" وهو ما سيقلص حظوظها تلقائيا لدى الفريق الآخر، في وقت يحتاج اي رئيس مقبل لتحقيق توازن بين طرفي الصراع اللبناني ليؤمن الاصوات الـ86 التي يحتاجها لضمان فوزه.

وتقول مصادر نيابية مواكبة عن كثب للملف الرئاسي ان "لا شك ان مواقف نصرالله الاخيرة تعقد الازمة الرئاسية وهي ليست مسهلة لانجاز الاستحقاق الرئاسي بوقت قريب"، لكنها تعتبر ان "تسخين" الجبهة الرئاسية باكرا افضل من ترك الامور تسير "على البارد" لأن ذلك قد يضعنا امام سنوات من الشغور ما يهدد موقع الرئاسة، دور المسيحيين والنظام الحالي". وتضيف المصادر:"لكن كل المعطيات التي نحن بصددها قد تنقلب بسحر ساحر في حال حصول اتفاق دولي يلحظ الملف اللبناني، كتوقيع اتفاقا نوويا جديدا مع طهران يلحظ بأحد بنوده غير المعلنة السير بتسوية ما بالملف اللبناني..عندها قائد الجيش قد يعود مرشحا محببا لحزب الله وسليمان فرنجية او حتى جبران باسيل قد يتحولا شخصيتين مفضلتين لدى بعض قوى المعارضة لترؤس الدولة والنهوض بها!"