خاص- احذروا ان تكونوا الضحية المقبلة لهؤلاء المتسوّلين المقنّعين- مارينا عندس

  • شارك هذا الخبر
Sunday, October 30, 2022

خاص- الكلمة أون لاين

مارينا عندس

لا شكّ أنّ الوضع الاقتصاديّ الصّعب، ساهم في انتشار آفاتٍ كثيرةٍ في لبنان، ومنها التسوّل التي باتت تتزايد مع تطاير وتحليق قيمة العملة الخضراء وارتفاع أعداد النّازحين ونسبة الفقر في لبنان. ولأنّ الأوضاع المعيشيّة لم تعد تبشّر بالخير، كثيرون من شقّوا طريقهم لكسب لقمة عيشهم عن طريق الشّحاتة. وقد يكون المتسوّل رجلًا أو امرأة، ابن عائلة كريمة اضطرّته الظّروف القاسية للتسوّل، أو ربّما حراميّ يحاول سرقة النّاس أو التّلاعب بعواطفهم أو ممارسة أعمالٍ بسيطةٍ كمسح زجاج السّيّارات أو بيع سلعٍ بأسعارٍ رمزيّةٍ.

مؤخّرًا، تحوّلت مواقع الصلاة في لبنان إلى أماكن للتّسوّل والكسب غير المشروع والنصب والاحتيال، سواء من عصابات الجريمة المُنظّمة أو الأشخاص العاديين، بعد أن كان التّسول مقتصرًا على المحتاجين والفقراء فقط.
إمراة لبنانيّة في العقد الخامس من العمر، تتجوّل منذ فترةٍ طويلةٍ بين المناطق في كسروان، وتحديدًا في شوارع غدير، والكسليك وحاريصا. وفي جعبتها، قصص لا تحصى تستعملها سلاحًا لتسرقك. قصة ابنتها ريتا المريضة التي هي بحاجة ماسة لدواء او عملية جراحية، أو ابنها بيتر من ذوي الإعاقة نتيجة تعرّضه لحادث سيرٍ، وقد وقع ضحيتها العديد من الضحايا، تأخذ أموال طائلة منهم وتختفي وذلك تحديدًا عند كنيسة سانت ريتا – جونية.
ذكيّةٌ هي، تدرس ضحاياها وتستغلّهم عبر سرد القصص المزيّفة، تحتال عليهم وتسرق أموالهم، ليتّضح مؤخّرًا أنّها ليست لا أم لريتا المريضة ولا لبيتر الذي يُعاني من صعوباتٍ في المشي. هل سبق وأن وقعتم ضحيّتها؟
احذروا منها وتأكدوا من تساعدون لأنّ البعض يكون فعلًا بحاجة الى مساعدة، لكنّ الكاذبون والسّارقون باتوا في كلّ مكانٍ.

وفي حديثها للكلمة أونلاين، أشارت عالمة الإجتماع الدكتورة مي مارون، إلى أنّ هناك ثلاثة أنواعٍ من التّسوّل في لبنان:
التسوّل المُباشر عبر الطرقات. وغالبًا ما يكونوا أطفال أجانب بحاجة إلى أموال، أو على أبواب السوبرماركت معظمهم من عمر الـ50 والـ60 يقومون ببيع المناقيش والفوط وغيرها.
التّسول غير المباشر داخل سيارات التاكسي أو في ورش عملٍ للعمارة وغالبًا ما يكونوا لبنانيين يتحججون بغلاء المحروقات وتدنّي رواتبهم وارتفاع أقساط أولادهم المدرسيّة، علّهم ينالون على بعض التّبرّعات.
التّسوّل المقنّع أو البطالة المُقنّعة، وهي من فئة ميسوري الحال. كانوا أغنياء قبل أزمة الدّولار وتسكير المصارف اللّبنانيّة. وهمّهم الوحيد اليوم، هو شعورهم بالأمان عن طريق ادّخار أموالهم والتّعرّف على جمعيّات تُعنى بحقوق الإنسان ونيلهم على كراتين للإعاشة مدّعيين أنهم سيوزّعون الكراتين على الفقراء. وهذه الفئة نفسها، باتت اليوم تأمّن الدّواء لعائلاتها عن طريق المستوصفات وليس الصّيدليّات لأنها طبعًا أقلّ تكلفة، وبالتّالي إجراء الفحوصات الطّبية في مستشفياتٍ متواضعةٍ في الضّيع، بعيدًا عن بيروت وتكاليف مستشفياتها الباهظة.

وأضافت:" حتّى نحنُ كدكاترة وأستاذة جامعيين، طالتنا الأزمة وقُمنا بالتّسجيل في ضمان صحّي خاص، لأنّ المستشفيات لا تعترف بضمان الجامعة اللّبنانيّة".
وتابعت د. مارون:" أنا أتفهم هؤلاء الناس، لأنها ليست سرقة ولا احتيال، هذه الظّاهرة نسمّيها في علم الإجتماع عدم الأمان بسبب حرقة قلبهم وفقرهم بشكلٍ مفاجئٍ. نعم، الوضع تعيس والجمعيات لم تعد كالسّابق تهتم بالمتسوّلين والمتسوّلات".
وختمت:" للأسف الأزمة أعادت بنا للعهود القبليّة، نخرج من المنزل للاصطياد ليكفينا المأكل لنا ولأولادنا من دون الاستعداد أبدًا للمساعدة، خوفًا من أن يصبح سعر صرف الدّولار غدًا بمئة ألف ليرة لبنانيّة، وأن تصبح تنكة البنزين بمليون ليرة، وإن وُجدت".

وهنا السّؤال:" في الوضع المشؤوم الذي يمرّ فيه لبنان، هل نحن فعلًا ضحايا نقع في فخّ المتسوّلين المقنّعين؟ أم نحن أساسًا ضحايا زمننا الصّعب نحاول قدر المُستطاع توفير أموالنا وتأمين خبزنا لليوم التّالي، لنكون متسوّلين من نوعٍ آخر"؟ وهل لا زالت بيوتنا مفتوحة للجيران لاحتساء فنجان القهوة معًا؟ أو بتنا نحسب مئة ألف حسابٍ لأسعار البنّ وغيرها؟
هذه وأمورٌ أخرى، غيّرت تفاصيل يوميّاتنا، والأزمة الاقتصاديّة طالت الفقير ومتوسّط الدّخل والغنيّ. فمتى ستهدأ الأمور وسيخفّ انتشار المتسوّلين في لبنان؟