هل ما نعرفه عن العالم من خلال حواسنا حقيقة أم وهم؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 25, 2022

تهدف الحواس الخمس التقليدية: البصر، والشم، والسمع، والتذوق، واللمس، إلى حمايتنا من الخطر. كما تساعدنا للعثور على الطعام وقد تساهم بلقائنا برفيق أو رفيقة الدرب. إنها تحدد أطر النظام الذي يحيط بنا، وفي حال ضبطت على نحو صحيح، يتكشّف أمامنا بعض الجمال الطبيعي والعجائب الواقعة في مرمى نظرنا.

الشيء المشترك بين الحواس أنّ معالجتها تتم عبر الدماغ. في الواقع، كل ما نراه، ونسمعه، ونشعر به، ونشمًّه، ونتذوقه، تدركه أدمغتنا، وقد يشكل الأمر موضع جدل لكثيرين.


هذا صحيح: إنّ أدمغتنا هي المخوّلة بترجمة الجزيئات الدقيقة غير المرئية المحمولة جواً من رائحة الخبز إلى الجورب النتن. يمكن لأدمغتنا أن تحوّل موجات الضغط أو الاهتزازات إلى همس أو قصف رعد بعيد. يمكن لأدمغتنا أيضًا أن تنسج جزء الضوء المرئي من الإشعاع الكهرومغناطيسي في جبل جميل، أو التوهج على وجه والدتنا. ويمكن لأدمغتنا التعرّف على جزء الأشعة تحت الحمراء من نفس الإشعاع الكهرومغناطيسي، مثل الشعور بالدفء لدى جلوسنا على مقربة من مدفأة مضاءة. إنه لأمر مدهش حقًا.


في الموسم الجديد من البودكاست "Chasing Life"، الذي انطلق هذا الأسبوع، سنستكشف العديد من ألغاز الحواس.

أنا جراح أعصاب ممارس، وحبي الأول دومًا الدماغ، لكن الإبلاغ عن قصص هذا الموسم كان فرصة لدمج ذلك مع حب آخر: رواية القصص الصحفية. وما سمعته، ورأيته، وشممته، وتذوقته، وشعرت به كان رائعًا للغاية.

قد تبدو حواسنا الخمسة التقليدية واضحة، لكنها في الواقع ليست كذلك. كل منها له أوجه متعدّدة ودقيقة، تشوبها العديد من الاختلافات. خذ اللمس مثالًا. بعض الناس يحبذونه فيما يرفضه آخرون. وبعيدًا من كونه حاسة واحدة فقط، يمكن تقسيم اللمس إلى ضغط، ودرجة حرارة، وإحساس باللمس، وألم. وما زلنا في طور تعلّم كيفية عمل كل شيء.

في العام الماضي فقط، عام 2021، تشارك عالمان يعملان بشكل منفصل، جائزة نوبل للطب لعملهما على تحديد جهاز استشعار في النهايات العصبية لجلدنا يستجيب للحرارة، وأجهزة الاستشعار الأخرى التي تستجيب للضغط. وفي هذا العام فقط، نشر الباحثان ورقة بحثية تصف بعض الأسس العصبية المحتملة للأحاسيس الممتعة مثل الحضن والمداعبة.

علاوة على ذلك، ليست الحواس الخمسة التقليدية هي الوحيدة التي نمتلكها. قد يفاجئك أن تعلم أن لدينا سبع حواس، وربما ثماني في الحد الأدنى. سوف تتعلم المزيد عن الحواس السرية الأخرى التي يمتلكها معظم البشر في هذا الموسم من "Chasing Life".


بالإضافة إلى ذلك، سوف نعاين ما يحدث عندما لا يكون لدى الناس حاسة أو مكوّن حاسة. لدينا حلقة عن عدم القدرة للتعرّف إلى الوجوه، تُعرف عمومًا بعمى الوجوه، وهي حالة يمكن للناس فيها رؤية الوجوه لكن لا يمكنهم التعرف إليها، حتى إلى وجوه أفراد أسرهم أحيانًا. وسوف نتعلم كيف ابتكر الناس في مجتمع المكفوفين الصم لغة لمساعدتهم على التواصل بشكل أفضل.

سنبحث أيضًا في الحس المواكب، عندما تمتزج حاستان معًا لخلق "إحساس تركيبي" فريد، مثل السمع الملّون، حيث تصدر أصوات معينة الألوان. سوف تتعرّّف على سبب حدوث الحس المواكب وكيف تكون التجربة متأصلة في الفرد لدرجة أن الكثيرين الذين يتمتعون بذلك لا يدركون (لفترة طويلة) أن الآخرين لا يرون العالم بنفس الطريقة.

بالإضافة إلى ذلك، سنلقي نظرة عميقة على الأدوية المخدرة، التي يشوه الحواس وتفصلنا عن طريقتنا المألوفة، ويمكن استخدامه لعلاج حالات الصحة العقلية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.

الحيوانات وكيف ينظرون إلى العالم
بدأنا الموسم بمقابلة مع الصحفي العلمي إد يونغ الحائز على جوائز. وهو مؤلف كتاب جديد بعنوان "عالم ضخم: كيف تكشف حواس الحيوان عن العوالم الخفية من حولنا".

يشرح إد كيف تعيش جميع المخلوقات، وليس البشر فقط، في "الفقاعة الحسية" الخاصة بهم، الجزء المحدّد للغاية من الواقع الذي يكون حاسمًا لبقائهم ورفاهيتهم. هذه الظاهرة تسمى umwelt، مفهوم ابتكره عالم الأحياء الألماني البلطيقي Jakob von Uexküll عام 1934.

يأخذنا إد في رحلة رائعة عبر الحواس الغامضة العديدة للمملكة الحيوانية التي توجد خارج نطاق أحاسيسنا، بعيدًا عن متناول ما يمكن أن نعرفه نحن البشر على وجه اليقين.

أخبرني إد: "لقد بدأت الكتاب بهذه التجربة الفكرية، كأن تتخيّل أنك تشارك غرفة مع فيل ونحلة وأفعى، وعنكبوت، وخفاش. يمكن أن تكون جميعها في نفس المساحة المادية، لكن سيكون لديك تجارب مختلفة جذريًا عن هذا الفضاء. ستكون الأفعى الجرسية قادرة على استشعار حرارة جسم الحيوانات من حولها، ويمكن للفيل أن يصدر أصواتًا منخفضة بموجات فوق الصوتية لا تستطيع المخلوقات الأخرى سماعها. أن تشمّ الكثير من الرائحة.. لم تستطع الحيوانات الأخرى الحصول عليها. لذا، كل منا محاصر في فقاعته الحسية وينظر منها إلى الواقع".

وقال إد إنّ الشيء المذهل حقًا هو أنّ كلًّا من تلك الكائنات الحية، بما في ذلك نحن، يعتقد أننا نحصل على الصورة الكاملة لماهية الواقع.

انضم إلينا كل يوم ثلاثاء في "Chasing Life" حيث ننطلق في استكشاف الحواس وكيف نجعل العالم ينبض بالحياة من أجلنا، حتى نتمكن من عيش حياتنا على نحو أفضل.