آن الأوان للاعتراف بلبنان الفيدرالي- بقلم المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, August 13, 2022

ان تشخيص النظام اللبناني يقودنا للقول أنه نظام فيدرالية طوائف مغطى برداء نظام دولة مركزية فاسدة.
ففي لبنان لكل طائفة أنظمتها وقوانين احوالها الشخصية ومحاكمها وقضاتها ومرجعياتها الدينية الخاصة والمستقلة.
ولكل طائفة أحزابها وقادتها، مناطقها وعاداتها وتقاليدها، صحافتها ومفكريها، مدارسها وجامعاتها، مؤسساتها الاجتماعية المتنوعة التابعة لسلطاتها وتوجهاتها الدينية.
لكل طائفة تاريخها المميز، علاقاتها الخاصة وحتى ارتباطاتها الخارجية وتطلعاتها الوطنية المختلفة.
والملفت أنه لكل منها جرائمها وعصاباتها التي تمتهن جنايات تختلف نوعاً وأسلوباً عن الأخرى.
ان النظام اللبناني يقرّ بالتمايز الطائفي ويعززه من خلال جملة قوانين وتشريعات ومنها القوانين الانتخابية المستندة الى القيد الطائفي وتوزيع مواقع السلطات من رئاسات ووزارات وادارات ومدراء عامين ورؤساء مصالح على المذاهب، الى قوانين الوظيفة العامة والتشكيلات القضائية والأمنية وسواها المبنية على القيّد الطائفي.
علماً بأن التميّز والانقسام ليس وليد لبنان الكبير في العام ١٩٢٠ أو أية حقبة حديثة، إنما هو تراكم تاريخي يعود الى ما قبل الدعوة المسيحية حين كان الساحل الشرقي للبحر المتوسط يعاني الاختلافات والصراعات بين كل "دولة-مدينة" Etat-Cité وأخرى من "مدنه- الدويلات".
وقد اشتد الانقسام بفعل الحروب الدموية العنيفة التي شهدتها المنطقة والناتجة عن العصبيات الدينية والمذهبية والقومية الواردة مع الديانات والمذاهب التي انتشرت ومع الغزاة المحتلين، حيث أنشأت كل مجموعة أنظمة قانونية واجتماعية وعسكرية خاصة بها لمحاربة جيرانها وحتى محوّهم.
ولم يكن إعلان دولة لبنان الكبير الا اعلاناً لدولة بعمقها الفيدرالي وبأجزائها المختلفة المذاهب والانتماءات والمشارب.
ذلك أن الدولة اللبنانية قامت على أساس ضم مناطق متميّزة عن بعضها البعض ومنفصلة تاريخياً وذات أنظمة وتبعيات مختلفة. اذ جرى ضم ولايات بيروت وسهل البقاع ومدن طرابلس والسهول الشمالية اضافة الى جبل عامل وصيدا وصور وملحقاتها، الى متصرفية جبل لبنان، وجعلها جميعاً دولة واحدة.
لم تكن عملية الضمّ هذه خاطئة، انما الخطأ هو رفض الاقرار بالتمايز وكذلك رفض الاعتراف صراحة بواقع لبنان الفيدرالي.
مع التأكيد على أن اعتماد النظام الفيدرالي من قبل عدد كبير من الدول أثبت فعاليته في منع الحروب والتقسيم وحقق حماية الكيان وادى الى التطور والازدهار وعزز الروابط الوطنية بين المكونات المجتمعية وذلك في اطار متين يحمي خصوصيات كل منها.
ألم يحن الوقت للاعتراف بواقعنا الفيدرالي والانتفاض على الغطاء المركزي البغيض الذي يحمي الفساد والفاسدين ويدمر لبنان؟