خاص- المطاعم مفوّلة.. والفريش دولار حكرٌ على هذه المناطق!- زينة عبود

  • شارك هذا الخبر
Friday, August 5, 2022



خاص- الكلمة أونلاين
زينة عبود



لم يسلم قطاع في لبنان من الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بالبلد في السنوات الأخيرة وإن كان الشعب بدأ يتأقلم مع الوضع المستجدّ قسراً إذ ان التضخّم زاد، أموال المودعين تبخّرت، مؤسسات عدّة أقفلت أبوابها، نسبة البطالة ارتفعت، الدولار حلّق ومعه أشعار المحروقات وأسعار كل السلع الأساسية وغير الأساسية، وصولا الى الأقساط المدرسية التي باتت بلا سقف، والأدوية التي إن توفّرت باتت في متناول الأغنياء فقط.

ومع ذلك بقي اللبناني صامداً يقاوم ولو باللحم الحيّ، للحفاظ على أدنى مقوّمات العيش التي امتهنت السلطة في لبنان فنّ وأساليب سلبها لمواطنيها.


مع بداية موسم الصيف، كانت الأنظار شاخصة على المطار وأعداد الوافدين اليه بعدما بات بلداً "رخيصاً" بالنسبة الى السيّاح الذين يصرفون بالدولار الأميركي. والأعداد الكبرى كانت للمغتربين الذين أتوا لقضاء عطلة الصيف مع عائلاتهم وإنعاش الاقتصاد الوطني اكان في الأسواق أو المطاعم والمقاهي وأماكن السهر.

اليوم ونحن في منتصف موسم الصيف وصلنا الى وقت يصعب إيجاد طاولة شاغرة في مطعم أو بيت ضيافة متاح للإيجار خصوصا في الويك آند وعطل الأعياد، ما يعني أن القطاع السياحي في لبنان بألف خير رغم كل الظروف والتحديات التي يواجهها هذا القطاع وغيره من القطاعات الحيوية والمنتجة.

وبحسب نائب نقيب المطاعم والملاهي والباتيسري في لبنان خالد نزهة فإن التدفق السياحي لافتٌ جدا ويسجّل حضورٌ لبناني اغترابي من المنطقة العربية وإفريقيا والمغتربات بشكل كثيف خصوصا مع تضاعف أعداد الوافدين الى لبنان بداية تموز الماضي مع انتهاء العام الدراسي.

المغتربون الموجودون في لبنان يشكلون ما نسبته 80%، فيما تتقسّم العشرون بالمئة المتبقية على العراقيين أولا يليهم المصريّون ومن ثم الأردنيين اضافة الى بعض الأوروبيين الذين يتواجدون بأعداد ضئيلة في لبنان.

أما المناطق الأكثر إشغالا هذا الصيف، فيشير نزهة الى البترون، كفرذبيان والجبل، ساحل المتن، بدارو والجميزة التي تستقطب السيّاح حيث المطاعم والملاهي "مفوّلة". ويلفت الى ان هناك قرابة السبعة بالمئة من اللبنانيين المقيمين الذين يملكون الفريش دولار يتجوّلون بين المطاعم والمقاهي والملاهي، من منطقة الى أخرى.

ورغم دولرة السوق إلا أن السياح والمغتربين وهم حملة الدولار باتوا "يسترخصون" الأسعار ما يشجعهم على الصرف أكثر حتى أن اللبنانيين المقيمين يقومون بسياحية داخلية ويقصدون أماكن لم يسبق لهم أن زاروها ربّما، بدل القيام بسفرة خارجية باتت مكلفة جدا على دولار الثلاثين ألفاً.

قد يبدو قطاع المطاعم والملاهي اليوم بحال جيّدة لكن هذا القطاع عانى ولا يزال من غلاء المحروقات وانقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظلّ غياب أي دور للدولة وقد زاد الاقتصاد الريعي غير المنتج الطين بلّة وأضرّ بقطاع المطاعم الذي يستورد معظم السلع والمواد الغذائية بالدولار، وهنا يؤكد نزهة أن القطاع المطعمي أعاد إحياء نفسه بنفسه وأثبت أن اقتصاد لبنان قائم عليه بشكل أساسي وكبير لأن القطاع السياحي هو عصب لبنان وقد وضع البلد على الخريطة السياحية العالمية، مشيرا الى ان القطاع المطعمي اللبناني يصدّر "فرانشيز" الى الخارج في مختلف المطابخ.

وبالحديث عن الصعوبات التي تواجه القطاع، يشرح نزهة أنه في السابق كان يشغّل حوالى 160 الف لبناني مسجّلين بالضمان الاجتماعي و45 الف عاملا موسميًّا يعملون في 12500 مؤسسة سياحية، منها 8500 ثابتة ومسجّلة تعمل على مدار السنة. وخلال الأزمة أقفل 67% من المؤسسات السياحية أبوابه، من مطاعم ومقاهي وملاهي، والعديد منها لم يتمكّن من إعادة التشغيل في ظل غلاء أسعار المحروقات والمياه بشكل أساسي.

هذا القطاع كغيره من القطاعات المنتجة في البلد عانى من مغادرة وهجرة كفاءاته وبات اليوم يشهد نقصا في الموظفين على مستوى الإدارة، والمطبخ بشكل أساسي. وفي هذا السياق، يشير نزهة الى استغلال دول الخارج لحاجة اللبنانيين الى مصدر رزق بالعملة الصعبة تخوّله الصمود في هذه الظروف الصعبة واستقطابهم برواتب زهيدة رغم الكفاءات العالية التي يتمتّعون بها.

أما عن جودة المأكولات، فيؤكّد نزهة أن سلامة الغذاء من أولوية النقابة التي سبق أن كان لها دور أساسي في الحفاظ على جودة الأغذية، معتبرا ان الشلل الذي يضرب المؤسسات والإدارات العامة نتيجة إضراب الموظفين يؤثّر سلبا على أداء وزارة الاقتصاد لمواصلة التعاون في مجال الرقابة على سلامة الغذاء.

في الخلاصة، يبقى قطاع المطاعم والملاهي هو عصب البلد كونه يشغّل نسبة كبرى من المواطنين ويشكّل مصدرا أساسيا لإيرادات الدولة على صعيد الضرائب وهو القطاع الأكثر استثمارا واستهلاكاً. ويقول نزهة "قطاعنا هو سفير لبنان في الخارج" فلبنان لا يزال يتميّز بحسن استقباله وضيافته وتقديم أشهى المأكولات في مطاعمه بجمالية ونظافة وجودة عالية على أمل تحقيق سياحة مستدامة وليس فقط موسمية في الصيف.