الفاينانشيال تايمز- سنضطر إلى التكيّف مع تغيّر المناخ، وليس الحدّ من آثاره فحسب
شارك هذا الخبر
Sunday, July 24, 2022
الفاينانشيال تايمز، تطالعنا في نسختها الرقمية، بافتتاحية تحت عنوان "موجات الحر تؤكد على ضرورة تغليظ العهود الخاصة بتغيّر المناخ".
واستهلت الصحيفة بالقول إن من طبيعة البشر الاهتمام بالقريب من الأمور أكثر من البعيد. وقد كان الكثيرون في الغرب يظنون أن تبعات التغيّر المناخي، على خطورتها، هي شيء من نصيب آخرين يعيشون بعيدًا عنهم، وأن تلك التبعات على أسوأ تقدير لن تصل إليهم إلا بعد أجيال.
لكن ذلك الظن لم يعد قائمًا وقد أصبحت التحذيرات من حالة طوارئ مناخية حقيقة واقعة يعايشها الغرب الآن، كما ضربت موجة حرارة شديدة مناطق واسعة من نصف الكرة الشمالي بدءا من أوروبا الغربية إلى الصين مرورا بالولايات المتحدة. واشتعلت حرائق هائلة، وجفّت أنهار، واضطر آلاف البشر إلى النزوح من ديارهم. وسجلت المملكة المتحدة أعلى درجة حرارة تعيشها على الإطلاق فوق حاجز الأربعين مئوية، مما أسفر عن تعطّل الخدمات العامة، وتوقف شبكات النقل.
وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا لم تكن وحدها في مواجهة موجة الحر الشديد، وأن دولا أوروبية أخرى تعايش منذ أسابيع طقسا قاتلا. ففي إسبانيا، التي اعتادت على فصول الصيف الحارة الطويلة، تشير التقديرات الرسمية إلى وفاة أكثر من 500 شخص حتى الآن في يوليو/تموز بسبب الحر الشديد.
ولم يكن الطقس الذي نعايشه في هذا الصيف مفاجئا؛ فقد توقعه خبراء الأرصاد وبدقة مدهشة. وتشير التوقعات إلى أنه، ما لم تُتخّذ إجراءات، سيتكرر قدوم تلك الموجات الحارة بشكل متواتر وبدرجات أعلى. وفي ظل ذلك ستصبح درجات الحرارة التي رُصدت هذا العام أمرًا معتادا.
وهذا يعني، وفقا للصحيفة، أن هناك أياما ستأتي أشدّ حرارة. وستظلّ دائرة تلك الحلقة المُفرغة من الشتاءات الجافة والأصياف الحارة والغابات المشتعلة بالحرائق، حتى لو التزمت الدول بتعهداتها الراهنة الخاصة بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
ويعني ذلك، بحسب الصحيفة، أن الدول ستجد نفسها مضطرة إلى التكيف مع تغير المناخ، وليس الحد من آثاره فحسب، وذلك يتطلب اتخاذ تدابير تفاعلية طارئة وصولا إلى مرحلة التخطيط الاستباقي.
وهنا يمكن اتخاذ بعض الخطوات البسيطة، ومن ذلك تسمية الموجات الحارة وتقدير أوقات هبوبها ورفع الوعي الشعبي بالمخاطر الصحية للإجهاد الحراري - كما تفعل السلطات الإسبانية حاليا.
لكن حتى البلاد معتدلة المناخ ستحتاج إلى اتخاذ تدابير. المملكة المتحدة على سبيل المثال، ستحتاج إلى عملية تحديث كبيرة لبنيتها التحتية ومبانيها بحيث تتحمل الطقس، وسيحتاج ذلك وقتا ومالا.
ولا يعني التكيف مع تغير المناخ التوقف عن محاولة الحد من الانبعاثات. ومن دواعي الأسف أن الزخم الذي صاحب مؤتمر كوب26 الذي عُقد العام الماضي قد تبدد. وبحسب الصحيفة، لم يلتزم غير عدد قليل من الدول بتعهداته الخاص بالحد من الاحترار العالمي.
ونوهت الصحيفة إلى أنه لم يتبق سوى أربعة أشهر على استضافة مصر قمة كوب المقبلة. وسيجري انعقاد القمة بالتزامن مع إجراء الانتخابات النصفية للكونغرس في الولايات المتحدة، وسط توقعات بتردي أزمة تكلفة المعيشة، فضلا عن استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا - وفي خضم تلك الأحداث، سيكون التغير المناخي وعواقبه متواريا في الذاكرة.
لكن ما يجب الآن هو أن توف دول مجموعة العشرين، التي تسهم بنحو 75 في المئة من الانبعاثات العالمية، بتعهداتها الخاصة بالاحتباس الحراري.
واختتمت الصحيفة بالقول إن التغير المناخي لا يمكن تناسيه في الوقت الراهن، وإن الطقس سيزداد سوءا، لكننا مع ذلك يمكن أن نتحكم في مدى هذا السوء.