أبعاد التغيير الثلاثة The three dimensions of Change - بقلم المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 21, 2022

حققت الانتخابات النيابية الأخيرة بداية نتائج ايجابية أثبتت أن جزءً لا يستهان به من الشعب اللبناني تحرر من براثن السلطة ومن ألاعيبها الآثمة، فكان الاقتراع حقيقة، وبنسب مميزة، لقوى سيادية اصلاحية واعدة.
انما هذه القفزة النوعية لن تحقق الغايات المرجوة منها ما لم تقترن بالمثابرة والعمل الجدي على سلسلة خطوات لاحقة ومتتابعة وذلك على ثلاثة أبعاد تغييرية وهي:
أ-البعد الأول يتمثل بضرورة "تغيير الأشخاص" عبر اختيار نُخَب تتولى الادارات ومؤسسات الدولة من بين أصحاب الكفاءات الفكرية والعلمية التي يزخر بها الشعب اللبناني والاستعانة بطاقات اللبنانيين ونجاحاتهم في مختلف مجالات السياسة والاقتصاد والانماء والادارة.
ب-البُعد الثاني وهو "تغيير الأدوات" عبر اعتماد مجموعة ادوات عمل وآليات جديدة أهمها:
١-إطلاق الحوار الموضوعي الشامل في القضايا الوطنية وارساء مصالحة حقيقية بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني وازالة فتيل الحقد والكراهية، التي تستغلها السلطة لتغطية فسادها، الأمر الذي يؤسس، لبنانياً وداخلياً، لقرار ومستقبل وطني جامع وسليم.
٢-سنّ سلسلة من التشريعات الجديدة التي تعزز الديمقراطية، وتعرّي كل من يتولى السلطة من الحصانات والضمانات التي تحمي الفساد والفاسدين، وترفع السرية المالية والمصرفية عن اموالهم كافة.
٣-اعادة بناء المؤسسات على أسس علمية متطورة، وتعزيز فعالية واستقلالية القضاء والمؤسسات الرقابية كافة.
٤-تكريس الأمن وسلطة الأجهزة الشرعية اللبنانية وحصريتها.
٥-اعادة لبنان الى حضن الشرعية الدولية وتطوير العلاقات مع مختلف دول العالم على أسس المعاهدات والمواثيق الدولية التي تكفل المساواة والاحترام المتبادل والتعاون وتشجيع الاستثمارات وتبني سياسة علمية لبناء اقتصاد منتج ومتين.
ج-البُعد الثالث هو "تغيير الذهنية" وذلك من خلال التأسيس لذهنية وطنية واعية للحقوق والموجبات، والارتقاء بالغرائز والعصبيات، المتحكّمة باللبنانيين، ورفعها من مستنقع الزبائنية والمحسوبية والفساد الى رحاب الفكر وثقافة المواطنة الحقيقية، وترسيخ مبدأ الشعب مصدر السلطات، ومبدأ "المسؤول الخادم" للشعب ومصالحه، وتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة عند أي خطأ يرتكبه أي مسؤول مهما علا شأنه.
ان اعتماد هذه الابعاد التغييرية الثلاثة شكّل الوسيلة الفضلى التي انتقلت بالشعوب والمجتمعات السياسية المتخلفة الى مستويات التطور والرقيّ الحضاري.
فهل يثمر الربيع اللبناني ويرتقي بنا من جديد الى عهد العز والمجد أم أن خبث ومكر السلطة وترسبات ماضي النزاعات والفساد عصي على التغيير؟