خاص - 3 خاسرين رئيسيين و3 رابحين من الانتخابات النيابية - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Thursday, May 19, 2022

خاص - الكلمة أونلاين

بولا أسطيح



بعد صدور النتائج الرسمية للانتخابات النيابية والتدقيق بها بروية وهدوء، يمكن الوصول الى مجموعة من الخلاصات لعل أبرزها أنه وبعكس ما يحصل عادة في الاستحقاقات والتسويات اللبنانية لجهة خروج الجميع منتصرا، فان هذه الانتخابات انتهت الى مجموعة من صغيرة من الرابحين مقابل مجموعة أخرى من الخاسرين، حتى ولو حاول البعض اشاعة ما يخالف هذا الواقع.

ولا يختلف اثنان على ان الخاسر الأكبر بهذا الامتحان هم حلفاء حزب الله المقربين من دمشق، وأبرزهم طلال ارسلان، وئام وهاب، ايلي الفرزلي، أسعد حردان، فيصل كرامي وغيرهم. فهذه الشخصيات التي كانت تعتقد ان الفوز "في الجيبة" صُعقت بالنتائج التي أظهرت قبض قوى التغيير على مقاعدهم، هذه القوى التي كانوا يتعاطون معها باستخفاف ظنا منهم بأنها لن تخرق بأفضل الاحوال الا بـ3 مقاعد على مستوى لبنان فاذا بها تخرق بأكثر من 13 مقعدا وأبرزها مقاعدهم سواء في الجبل او طرابلس أو حتى الجنوب!

ويتصدر لائحة الخاسرين تيار "المردة" الذي تراجعت كتلته لتبلع نائبا واحدا هو طوني فرنجية، خاصة وان المعطيات الحالية ترجح الا ينضم ويليام طوق الذي خاض الاستحقاق على اللائحة "الخضراء" في "الشمال الثالثة" الى تكتل أوسع قد يسعى فرنجية لتشكيله. وهو مسعى قد يولد اصلا ميتا خاصة بعد خسارة فيصل كرامي وفي ظل عدم حماسة لانضمام النائب فريد الخازن اليه، هو الذي قال قبل ساعات من بكركي "لا تحسبونا لا مع هذا الفريق أو ذاك".

ولا يمكن ان نمر على القوى الخاسرة من دون المرور بتيار "المستقبل" ورئيسه سعد الحريري. فرغم ما يروج له قريبون منه عن ان ارقام المشاركين بالانتخابات في الدوائر السنية تأثرت بقرار التيار الازرق مقاطعة الاستحقاق، الا ان التراجع يبقى محدودا، أضف انه وعلى كل الأحوال، فان قسما كبيرا من سنة لبنان بحثوا عن بديل ووجدوه وصوتوا له، وهم وان لم يبايعوه زعيما للطائفة انما اختاروه مماثلا لهم في الندوة البرلمانية خشية تغييبهم عن القرارات الوطنية الكبرى التي ستتخذ في هذه المرحلة التي تُعتبر مصيرية في تاريخ لبنان الحديث.

وقد يستغرب البعض عدم المرور على "التيار الوطني الحر" أثناء تعداد الخاسرين، الا انه ورغم تراجع عدد نواب كتلتهم الفضفاضة من 29 الى 20 في أفضل الأحوال، لا يمكن الحديث عن خسارة كبيرة للعونيين الذين كانت ترجح كل التوقعات أن تنحدر كتلتهم الى ما دون الـ15 نائبا. تبقى خسارة "التيار" محدودة وتتركز بشكل اساسي على انهم باتوا يتقاسمون مع "القوات" مناصفة التمثيل المسيحي بعدما كانوا متقدمين عليهم بأشواط بعيد انتخابات 2018.

وهنا ننتقل الى مجموعة الرابحين من هذه الانتخابات، بحيث يُعتبر حزب "القوات" رابحا رئيسيا نظرا الى انه كما سبق وذكرنا تمكن من تقاسم التمثيل المسيحي مع العونيين، وان كان يتم الحديث عن ارقام تؤكد ان عدد الناخبين المسيحيين الذين صبوا أصواتهم لمرشحي "القوات" يفوق بنحو 54 ألف صوت من اقترعوا لمرشحي "الوطني الحر".

ولا يزال مناصرو الحزب "التقدمي الاشتراكي" ورئيسه وليد جنبلاط يحتفلون حتى الساعة بفوز لا لبس فيه، مع سقوط ارسلان ووهاب، وان كانت السقطة اتت برصاصات تغييرية. ويعتقد الاشتراكيون انهم نجحوا بفك الطوق عنهم ومنعوا حصارهم وتحجيمهم، وان كان أخصامهم السياسيون يؤكدون ان كل ما ردده "الاشتراكي" في هذا الخصوص لم يكن الا محاولة لشد العصب وحث ناخبيهم على الاقتراع بكثافة، وهذا ما حصل.

وتتربع قوى التغيير على رأس مجموعة الرابحين من انتخابات 2022، فكتلة صافية من 14 نائبا بعد كل حملات قوى السلطة والمنظومة لتخوينها و"صهينتها"، تُعتبر انجازا كبيرا كان ليكون بعد أكبر بكثير لو نجحت هذه المجموعات برص صفوفها وخوض لاستحقاق بلوائح موحدة في كل الدوائر، وهو ما يرجح الخبراء انه كان ليشكل تسونامي تغييري داخل المجلس الجديد.

بالمحصلة، مشهد شديد التعقيد يحيط ببرلمان 2022، وأسئلة جوهرية تحتاج لاجابة قبل تحديد المسار الذي ستسلكه البلاد في الاسابيع المقبلة، وأبرزها: هل تتوحد قوى التغيير على مشروع سياسي واقتصادي ثوري فتفرض وقعا جديدا للعمل النيابي طالما هي اقرب اليوم الى "بيضة القبان" النيابية؟ ام سنكون بصدد اصطفاف "مع وضد حزب الله" مع كل ما يعنيه ذلك من شد عصب وصراع يتجاوز الحدود اللبنانية؟!