رغم أزماتها... الطبقة السياسية تعيد إنتاج نفسها!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 14, 2022

تتجه الطبقة السياسية التقليدية في لبنان إلى إعادة إنتاج نفسها رغم أزماتها في انتخابات الخامس عشر من مايو الجاري، فيما يؤكد محللون أن فرص التغيير ضئيلة رغم الغضب الشعبي وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى مراقبون أن تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية بمقدرات البلاد وتشرذم قوى المعارضة والقوى المنبثقة عن حراك “17 تشرين” تحول دون تغيير المعادلة السياسية رغم أن المزاج العام يحمل السلطة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ويشير هؤلاء إلى أن تركيبة البرلمان اللبناني القادم ستكون كسابقه لجهة سيطرة حزب الله وحلفائه على المسار التشريعي مع إمكانية حدوث تغييرات طفيفة لا تؤثر على المعادلة السياسية.

ويتألف البرلمان اللبناني من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع 28 للسُنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

وشهد البرلمان الراهن أكبر موجة خلافات واستقالات لنواب في تاريخ البرلمانات اللبنانية، ما قلّص عدد أعضاء كتله.

ومن أبرز أسباب الخلافات والاستقالات انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، والأزمة الاقتصادية المستمرة منذ أكثر من عامين، وهي الأسوأ في تاريخ البلد العربي.

وتنقسم القوى السياسية في البرلمان الحالي بين قوى “14 آذار” وقوى “8 آذار” إلى جانب مستقلين.

وتضم قوى “14 آذار” شخصيات سنية ودرزية ومسيحية. وحصلت هذه القوى على أغلبية نسبية من مقاعد البرلمان في انتخابات 2005 و2009، لكن في 2018 انقلبت الموازين، وأصبحت الأغلبية البرلمانية لصالح قوى “8 آذار”.

وتتجه الأنظار إلى انتخابات الأحد لمعرفة إن كانت قوى “8 آذار” ستواصل الاحتفاظ بالأكثرية البرلمانية أم ستتغير تركيبة البرلمان.

وتتهم قوى سياسية لبنانية وعواصم إقليمية وغربية إيران بالسيطرة على مؤسسات لبنان، ومنها البرلمان من خلال حليفها حزب الله.

وحسب المعطيات الحالية، يمكن القول إن المعركة الانتخابية لن تكون من أجل نيل الأكثرية، فهي محسومة لفريق “8 آذار” والتيار الوطني الحر، إنما المعركة الحقيقية ستكون في ضمان الثلث المعطل.

وتشير المعطيات إلى أن فريق “8 آذار” سيحصد ما بين 65 إلى 68 مقعدا بالحدّ الأدنى، بينما سيحصد الفريق المقابل الذي يمثل فريق “14 آذار” حوالي 40 مقعدا، ويبقى هناك حوالي 20 مقعداً مقسّمة ما بين شخصيات الثورة، أو الذين يخوضون الاستحقاق باسم الثورة والتغيير، من دون معرفة كيف سيكون تموضعهم بعد فوزهم.

ويرغب الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) في الحصول على 27 مقعداً شيعياً، ومن ثم يسعى لنيل الثلث المعطل داخل المجلس النيابي مع حلفائه في تيار المردة، الحزب السوري القومي، جمعية المشاريع، الحزب الديمقراطي وحزب التوحيد، والشخصيات السنّية المنضوية تحت لواء فريق “8 آذار”.

ويخوض التيار الوطني الحر معركة الحفاظ على الكتلة المسيحية الأكبر. أما القوات اللبنانية فتريد بدورها ثلثاً معطلاً بالتحالف مع الحزب الاشتراكي وفؤاد السنيورة وحزب الكتائب وشخصيات من “14 آذار”.

والثلث المعطل يعني حصول الفصائل السياسية على ثلث عدد الحقائب الوزارية في الحكومة، ما يسمح لها بالتحكم في قرارتها وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

وقال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة إن حزب الله الذي كان يسعى إلى الثلث الضامن يسعى اليوم إذا استطاع للحصول على الثلثين دستوريا وقانونيا بالانتخابات النيابية ويعمل على شرعنة سلاحه.

ولفت السنيورة إلى أنه “يجب أن يكون هناك ثلث معطل في الحكومة في وجه حزب الله كي لا يسيطر على الدولة”.

ورغم أنّ أكثر من ثمانين في المئة من السكان باتوا تحت خط الفقر، مع عجز الدولة عن توفير أبسط الخدمات من كهرباء وطبابة ومحروقات، لم تُقدِم السلطة على أيّ إجراءات ملموسة للتخفيف من معاناتهم. ويحصل ذلك في غياب توافق سياسي على إصلاحات بنيوية للحصول على دعم دولي. ويتوقع مراقبون أن تتواصل التجاذبات السياسية والخلافات الحادة بشأن تركيبة الحكومة المرتقبة ومنصب رئيس الجمهورية والخطط الإصلاحية الضرورية لتفادي الأزمة الاقتصادية، ما يعرقل المساعدات الخارجية للبنان والتي يشترط المانحون لتقديمها استقرارا سياسيا.

واستفادت القوى السياسية التقليدية من واقع تردّي الخدمات العامة لتفعيل شبكات زبائنية أرستها منذ عقود من خلال توظيفات عشوائية في القطاع العام المتخم وسيطرتها على مرافق خدماتية. وتشير تقارير وشهادات إلى أن العديد من المرشحين قدّموا خلال الحملة الانتخابية مساعدات مالية وعينية لناخبيهم ودفعوا أقساطا مدرسية وفواتير استشفاء.

وبعدما كانت الآمال معلقة على أن تُترجم نقمة اللبنانيين في صناديق الاقتراع لصالح لوائح المعارضة ومجموعات جديدة أفرزتها الانتفاضة الشعبية، يرى خبراء أن قلّة خبرة خصوم السلطة وضعف قدراتهم المالية وتعذّر توافقهم على خوض الانتخابات موحدين تصبّ في صالح الأحزاب التقليدية.

ويقول الخبير الانتخابي كمال فغالي “يأمل اللبنانيون الناقمون على السلطة أن تخوض قوى التغيير الانتخابات ببرنامج ولوائح موحّدة”. ويوضح أنه لو تمّ ذلك لحصلت المعارضة على “نصف مقاعد البرلمان”، لكن “تأليف لوائح متنافسة أحبط الناس وسيشتّت الأصوات”.


العرب اللندنية