خاص- عن "جنون" العملات المشفّرة... ومصيرها!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 14, 2022

خاص- الكلمة أون لاين

مجزرة العملات الرقمية، عنوان قد يكون الأدق لوصف ما حصل خلال الأيام الماضية، حيث سجّلت هذه العملات وعلى رأسها "البيتكوين" هبوطاً حاداً. فقد أفادت وكالة "بلومبرغ" بأن عمليات البيع المكثفة للعملات الرقمية أدت لمحو أكثر من 200 مليار دولار في سوق العملات الرقمية في غضون 24 ساعة فقط.

فما هي الأسباب التي أدّت إلى هذا الانحدار الكبير، وأي تأثير لذلك على الاقتصاد العالمي؟

الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، وفي سياق شرحه للموضوع عبر موقعنا، يفضّل إطلاق تسمية "سلعة" على "البتكوين" ومثيلاتها، نظراً لعدم وجود قيمة رقميّة لها.
ويوضح أن هناك مشكلة اقتصادية "باطنية" لهذه "السلعة"، تتمثل بشكل أساسي بافتقارها إلى أسس اقتصادية تخولها ان تسمّى عملة، إذ انها لا تعكس أي اقتصاد بل هي مبنية على الشراء والبيع، وبالتالي فلا تملك ما يحميها من الهبوط او ما يمنعها من الارتفاع.

ورغم الموقف السلبي للمصارف المركزية من "البتكوين" وأخواتها، فإن العديد من هذه المصارف يسعى لإطلاق عملات رقمية خاصة بها تكون مرتبطة بعملتها واقتصادها، يلفت عجاقة، مذكّراً بمشروع " الكريبتو ليرة" الذي جرى الحديث عنه قبل قبل الازمة في لبنان، وكذلك مشروع الاتحاد الأوروبي لليورو الرقمي الذي ما زال قيد الدرس والبحث...

إذاً، يجب التمييز بين العملات الرقمية التي لها عمق او نشاط اقتصادي أي تكون مرتبطة باقتصادات الدول وللمصارف المركزية سلطة عليها، وبين العملات الرقمية التي يمكن اعتبارها سلعة اكثر من عملة نظرا لعدم وجود اي اقتصاد خلفها ونظرا لرفض اي مصرف مركزي في الاقتصادات الكبرى قبول الدفع بها.

وبغضّ النظر عن هذه الإشكالية، يفسّر البروفسور عجاقة سبب هبوط العملات المشفّرة في الفترة الماضية، بشكل أساسي لعدم الثبات الجيوسياسي، موضحاً أن الحرب الاوكرانية - الروسية خلقت تضخما مرعبا في العالم، هذا فضلا عن خسائر الشركات التكنولوجية الكبرى.

هنا، يطرح عجاقة السؤال عن مآل الأموال التي خرجت من سوق العملات المشفرة بفعل الخسائر الكبيرة، فحصول عمليات بيع يعني أن اشخاصا قبضوا اموالا في المقابل، وهو في هذا المجال لا يستبعد أن تكون الأموال تحولت إلى استثمارات في قطاعات تصنف بـ"الملاذ الآمن".

لكن الأمر يبقى في إطار التوقعات، بحسب عجاقة، إذ وبفعل العولمة اصبح تتبع العمليات المالية صعبا جداً خاصة بالنسبة للعملات المشفرة، فالموضوع ما زال بمثابة "علبة سوداء" للسلطات الرسمية.

إلى ذلك، يضاف أن التكنولوجيا خلف هذه العملات block chain اصبحت اساسية، رغم وجود غيرها، وبالتالي فلا يمكن التخلي عنها في إطار اي عملة رقمية حتى لو كانت وطنية تابعة للدولة، نظرا للأمان الكبير الذي توفره هذه التكنولوجيا.

لكن عجاقة لا يبدو متفائلا بمستقبل العملات المشفّرة، مشيراً بشكل خاصّ إلى عمليات تبييض الاموال من خلالها والتي تشكل خطرا كبيرا على الاقتصادات، وهو ما يظهر جلياً في رفض المصارف المركزية الصارم لها. كما يلفت إلى استخدامها من قبل دول خاضعة للعقوبات خاصة الأميركية، وهو عامل إضافي من أجل محاصرة هذه العملات.