الفرق بين "كلفة" انتخابات 2022 و 2018

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 13, 2022

لا يدقق أحد في مصير الأموال التي رُصدت أو صُرفت على العملية الانتخابية، وحجم الهبات التي تلقتها الدولة من المنظمات الدولية، أو الدول الصديقة، التي تحرص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري مخافة أن ينزلق لبنان الى الفوضى السياسية، والفراغ الدستوري.

ففي ظل الانهيار النقدي، وندرة العملة الخضراء، التي يحتاج إليها المنظمون لشراء التجهيزات واللوازم الضرورية لإتمام العملية الانتخابية بشفافية، بات من المتعذر على وزارة الداخلية الحصول على ما تحتاج إليه من الدولارات، وهو الأمر الذي حفز منظمات دولية للمبادرة الى عرض تمويل شراء معدات وتجهيزات عدة لزوم يوم الانتخاب. لكن المفارقة أن الدولة لا تزال تتعامل مع هذا الموضوع بغموض، كعادتها في إثارة الشبهات في كل صفقة، أو تلزيم، أو عقد شراء تقوم به، بما يفسح المجال للشكوك والأسئلة حيال مدى الالتزام بالشفافية والقانون، إذ لم يسمع أحد عن استدراج عروض، أو مناقصة، أو عقد شراء حصل مع الجهات الحكومية، فيما الانتخابات بدأت، وصار خُمس أصوات المقترعين في الصناديق، من مغتربين وموظفين.

على الرغم من غياب الأرقام الرسمية عن تكلفة الانتخابات النيابية المتوقعة لعام 2022، تشير التقديرات الى أنها ستشكل ربع التكلفة التي بلغتها في دورة عام 2018 والتي قُدّرت حينها بنحو 54 مليون دولار، بنحو 14 مليون دولار. وهذا الفارق يعود الى أن سعر صرف الدولار كان في 2018 يوازي 1500 ليرة، فيما بلغ اليوم نحو 27 ألف ليرة. ففي عام 2018 بلغت الكلفة الإجمالية لـ"لوازم" الانتخابات من حبر و"كفوف" وشمع أحمر وأجهزة تلفزيون" أكثر من مليونين و400 ألف دولار، فيما تم شراء الحبر وحده بنحو مليون دولار بعقد رضائي، بذريعة ضيق الوقت قبل موعد الانتخابات، ولم تنظم وزارة الداخلية حينها مناقصة علنية واستدراج عروض لعملية الشراء هذه.

من اللوازم الانتخابات النيابية الاكثر كلفة مواد الحبر غير القابلة للمحو فوراً. والمعلوم أن ثمة 3 دول موردة للحبر في العالم (الهند، الصين وجنوب أفريقيا). ووفق معلومات "النهار" فقد تبيّن من خلال التواصل مع إحدى الشركات المصنعة لهذا الحبر في جنوب أفريقيا أن سعر عبوة الحبر الواحدة 14,50 دولارًا، ولكن المفاجأة أن الحكومة اللبنانية كانت قد تواصلت مع هذه الشركة حينها وحدّدت سعر المحبرة الواحدة بـ9.50 دولارات، بما يرسم عمليات استفهام كبيرة حول حجم التنفيعات التي حصلت يومها في هذه العملية. مع الاشارة الى أنه في عام 2018 حددت وزارة الداخلية كلفة المحابر الخاصة بالاقتراع بنحو مليون دولار اي بمعدل 54 دولاراً لسعر المحبرة الواحدة.

في هذا الإطار، استغربت الخبيرة التقنية في النظم الانتخابية والأطر القانونية آمال حمدان "الميزانية الباهظة التي وضعتها الحكومة لإجراء الانتخابات النيابية، علماً بأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أعلن أنه قدّم مواد انتخابية مهمة، وهي الحبر الذي لا يمحى، وأكشاك الاقتراع وصناديق الاقتراع". وإن كان سيتعيّن على الدولة اللبنانية دفع تكاليف طباعة لوائح المرشحين، فإن وزارة الداخلية لم تعلن عن إجراء مناقصة لطباعة اللوائح.

في الواقع، لم تبادر الدولة اللبنانية الى إجراء مناقصة تتعلق بطباعة اللوائح الانتخابية، وإن كانت الذريعة في الانتخابات الماضية ضيق الوقت قبل موعد الانتخابات، فإن السؤال: لماذا لم تجر وزارة الداخلية مناقصة لعملية الشراء حالياً؟ "النهار" حاولت التواصل مرات عدة مع وزارة الداخلية، ولكنها عجزت عن تلقي جواب عن أسئلتها. وفي الانتظار، من غير المفهوم لماذا لم تفصح وزارة الداخلية عن كلفة طباعة اللوائح الانتخابية حتى الآن، علماً بأن هذه المعلومات يجب أن تكون متاحة للعامة كما في كل دول العالم.

والأمر لا يقتصر على هذا، فالصناديق أيضاً تؤثر على التكلفة، وفي لبنان يستخدمون الصناديق البلاستيك الأكثر كلفة على اعتبار أنه يمكن إعادة استخدامها إذا خُزنت في مستودعات ملائمة، وقد دفعت الأمم المتحدة لهذه الغاية أموالاً للحكومة للاحتفاظ بهذه الصناديق. ويُفترض أن تنخفض الكلفة لأن الـUNDP قدّمت المحابر وصناديق الاقتراع للبنان... وتالياً إن كان الحبر كلف الدولة في 2018 مليون دولار فيجب أن تخفض التكلفة مليون دولار.

وكان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قد أعلن أن وزارته أنجزت كل الترتيبات المطلوبة منها، وأن الاعتمادات المالية سوف تتوافر لتغطية مصاريف العملية الانتخابية. وتحدث مولوي عن أن وزارته تبحث عن "حلول بديلة" لتأمين الكهرباء يوم الانتخابات النيابية بعدما تبيّن أن تكلفة توفير الكهرباء عبر مؤسسة كهرباء لبنان خلال يوم الانتخاب، تفوق قيمة الاعتمادات المخصّصة لإجراء الاستحقاق برمّته. وتشير المعلومات الى أن مؤسسة كهرباء لبنان أبلغت الوزير مولوي عن حاجتها الى مبلغ 16 مليوناً و232 ألف دولار لتأمين التيار يوم الانتخابات، وهذا دفعه الى البحث عن بدائل بــ"أسعار معقولة".

وكان مولوي قد أكد في مقابلة أجرتها معه "النهار" أن هناك شقين في مسألة الكهرباء، فقد أمنّا الكهرباء لمراكز لجان القيد وعددها 26 على مساحة الأراضي اللبنانية قبل عشرة أيام من الاستحقاق 24/24، وفي شق مراكز أقلام الاقتراع سنحتاج إلى الكهرباء حتى انتهاء عمليات الفرز، وقد أمنّا ثمن المحروقات وبات موجوداً بسلف عند القائمقامين، ونحن نراقب الأداء لجهة تأمين المحروقات بواسطة المولدات، والأجهزة الأمنية مكلفة بهذا الملف أيضاً، وأؤكد أننا لن ندخل في مخاطرة لذا أنا مطمئن، وأذكر أننا أرسلنا ضبّاطاً للمؤازرة بأعداد إضافية في المناطق البعيدة والاضطلاع بالإشراف على الأمر".

كلفة انتخابات المغتربين؟
طلب وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب من البعثات الديبلوماسية استنفار علاقاتها والمَونة على المغتربين اللبنانيين للمساهمة في ضمان سير العملية الانتخابية.

الأرقام المتداولة لتكلفة إجراء الانتخابات النيابية غير منطقية، وفق ما تؤكد مصادر مواكبة للانتخابات، فوزارة الخارجية طلبت تخصيص نحو 4.5 ملايين دولار لإجراء الانتخابات في الخارج، فيما موازنة الانتخابات خصّصت لوزارة المغتربين 3 ملايين دولار تُصرف على استئجار فنادق وصالات لاستخدامها كمراكز للاقتراع ودفع تكاليف سفر الموظفين ونقل الصناديق وغيرها. وبغية خفض التكاليف استُبدلت أمكنة نحو 95% من أقلام الاقتراع من فنادق الى صالات كنائس وجمعيات بما يوفر نحو 500 ألف دولار لكونها مجّانية، أما بالنسبة للموظفين المكلفين متابعة العملية الانتخابية والذين يُقدَّر عددهم بألفي موظف، فاستُعين بمتطوّعين قيل انهم غير حزبيين.


سلوى بعلبكي- النهار