خاص- جنرال الهزيمتين- جان الفغالي

  • شارك هذا الخبر
Friday, December 31, 2021

خاص- الكلمة اونلاين

جان الفغالي

بعيدًا من العواطف والأحكام المسبقة، وإما "ان تكون مع أو ضد" ، قد تكون الكلمة الأخيرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، والتي تعددت التوقعات في ما ستتضمن ، " صك استسلام " أو "بيان هزيمة"، هو الثاني للعماد عون ، بعد البيان الاول في 13 تشرين الاول 1989 .
في البيان الاول ، طلب من العسكريين تلقي الأوامر من العماد اميل لحود ، وفي " البيان الثاني" الاخير، كأنه يطلب " تلقي الاوامر من السيد حسن نصرالله" .
نتيجةٌ قاسية ، لكنها النتيجة، اما العواطف والقراءات المنطلقة من التعاطف ، فلا " تُصرَف" في السياسة.
فحوى البيان الثاني مطالبته ب"اللامركزية المالية" ، هذا تقسيم،  مهما حاول تلطيفه ، أما دعاة التلطيف والتخفيف من قساوة المطلب ، فبإمكانهم التخفيف والتلطيف والقول :" لأ مش هيك قاصد "، قَدْرَ ما يشاؤون، من دون ان يغير استنتاجهم قيد أنملة في ما قصده " الجنرال".
" الجنرال" ، منذ وصوله الثاني إلى قصر بعبدا ،في 31 تشرين الاول 2016 ،  يقرأ التقارير على مكتبه عن حجم التهرب الضريبي في المرفأ والمطار ، وعن حجم التهريب على المعابر البرية غير الشرعية، ويقرأ ان حماة هذا التهريب أو على الأقل " مُغِضِّي الطرْف" عن هذا التهريب هم من بيئة شريكه في "تفاهم مار مخايل" : مَن يهرِّب عبر المطار ؟ وعبر المرفأ ؟ وعبر المعابر غير الشرعية؟
التقارير الأخطر عن عدم جباية الكهرباء في المناطق حيث لشريكه في التفاهم السيطرة الكلية .
والتقارير الثالثة على مكتبه ان بيئته هي التي تدفع الضرائب وتدفع فواتير الكهرباء ، والنتيجة " الغرمُ عليها والغُنم لغيرها". من هنا جاءت " ردة الفعل": المطالبة باللامركزية المالية : كل منطقة جباياتها لها وضرائبها لها ، " وما عدا ذلك من الاباطيل" .
هذا هو في اختصار كلي طرحُ العماد عون ، فلماذا اللف والدوران في " تقويلِه ما لم يقله"؟
لكن هذا الطرح جاء ردة فعل وليس مبادرة تسلك طرقها القانونية ، بمعنى انه لو استجاب حزب الله لعودة جلسات مجلس الوزراء ، هل كان الجنرال ليوجِّه كلمةً ويطالب بما طالب به؟
لكن حتى هذه المطالبة ستكون نتيجتها هزيمة ، لأن لا أحد سيسير بها .
ولأنعاش ذاكرة مَن تخونهم ذاكرتهم، الجنرال شنَّ أحد حروبه عام 1989 تحت شعار " إقفال المرافئ غير الشرعية" ، فماذا كانت النتيجة؟ فشل وهزيمة ودمار وتدمير.
البند الثاني الذي لا يقل أهمية في كلمة رئيس الجمهورية ، هو " الاستراتيجية الدفاعية" . يعرف الجنرال ان لا قدرة له على وضع استراتيجية دفاعية في آخر عهده ،  فمَن سيدرسها على طاولة مجلس الوزراء؟ هيكتور الحجار  او جورج كلاس او نجلا رياشي او سعادة الشامي أو امين سلام او فراس الابيض؟ ( بعض اسماء الوزراء لم يحفظ اسماءهم  بعد الشعب اللبناني) .  يطرح الجنرال " الاستراتيجية الدفاعية"  بعدما انهارت الدولة واكتملت الدويلة! ما هذه المفارقة ؟
ولأنعاش الذاكرة أكثر وأكثر ، الم يكن أحد شعارات الجنرال في إحدى حروبه عام 1990 " الاختيار بين الدولة والدويلة"؟( والمفارقة ايضًا وأيضًا أنه في تلك الفترة كانت الدولة شبه مفتتة ، فيما الدويلة كانت الملاذ لمَن كان يعيش فيها).
اليوم طرْحُ خيار " الدولة او الدويلة " غير موفق، يوم طرحه الجنرال منذ واحدٍ وثلاثين عامًا ، كان رئيسَ حكومة ووزير داخلية ودفاع ومال ، وقائدًا للجيش،وتحت إمرته " الالوية المقاتِلة" التي تملك أحدث الاسلحة آنذاك ، كان يقرر وينفذ القرار،بصرف النظر عما تكون نتيجة القرار حتى لو كان "قرار الهزيمة".
اليوم ، بكل اسف واسى ، يتجرَّع الجنرال الهزيمتين:
الهزيمة في " حربِه" المالية ، لأن " اللامركزية المالية " لن تتحقق ، والهزيمة في " الاستراتيجية الدفاعية " التي لن تتحقق أيضًا ، لأن " الدويلة القائمة" لن تُسلِّم للدولة المنهارة.
وما يؤلِم الجنرال في حربه الأخيرة ، وفي هزيمتيه، أن الهزيمة تأتي  على يد مَن تفاهم معه في  " تفاهم مار مخايل " .
شفيعه لم يشفع به !