بين تفاهم مار مخايل والجبهة اللبنانية قصة موت وحياة... بقلم فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, December 4, 2021

كتب المحامي فؤاد الأسمر:

بعد حدّة خطاب القيادة العونية التي جاهرت لسنوات بخطورة مشروع ولاية الفقيه وضرورة التصدي للاحتلال الفارسي، وبعد دعاوى قضائية وصدامات عنفية عديدة في مناطق التماس المسيحية الشيعية، توصل الفريقان في العام ٢٠٠٦ الى توقيع "تفاهم مار مخايل" ليشكل حقبة جديدة من العلاقات بين الطرفين.
أسهم هذا التفاهم بوصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى انما جرّه الى عداوات مستحكمة داخل الصف المسيحي، والصف الوطني، والى عزلة دولية، وكان سبباً، بحسب الفريق العوني، من اسباب فشل العهد ومنعه من تحقيق الاصلاحات الموعودة.
بعد العام ٢٠١٦ بدأت ملامح الاختلافات بين فريقي التفاهم تطفوا الى العلن حول ملفات ومواضيع عدة.
من الواضح راهناً ان الحزب قد استنفد علاقته بالرئيس عون ويعتبر ان الرئيس نفذت لديه أية امكانيات او مقدرات قد تخدم الحزب، خاصة وان ولايته قد شارفت على الانتهاء.
في الوقت ذاته تبدي اوساط الحزب تململاً من شخصية الوزير باسيل وانهماكه بمحاولة ترميم صورته وعلاقاته مع الغرب بهدف رفع اسمه عن لائحة العقوبات الاميركية، وذلك علاوة على الصراع المستحكم بينه وبين الوزير فرنجيه مرشح الحزب للرئاسة الأولى.
ان التجاوزات والمظاهر العدائية والعسكرية المختلفة التي أقدم ويقدم عليها الحزب في مواقع وظروف عديدة سواء من خلال احداث الطيونة او المعيصرة أو جرود عيون السيمان وسواها من احداث، يعرف جيداً أنها تستفز المسيحيين، ويعرف جيداً ان ردة فعل المسيحيين في الانتخابات القادمة ستكون سلبية تجاه تحالف التيار البرتقالي مع الثنائي الشيعي، وبأن المسيحيين سيحجبون اصواتاً طائلة عن هذا التحالف لمصلحة قوى وأحزاب أخرى مخاصمة لتفاهم مار مخايل.
بحيث ستستفيد القوى المسيحية المعارضة لتفاهم مار مخايل من حالة الوهن التي يعانيها العهد وتياره، ومن اخطاء الحزب في تسييب الحدود وتفلت السلاح واستجلاب الحصار الدولي على لبنان، ومن تغطية العهد لهذه الأخطاء القاتلة، الامر الذي سيعطي هذه القوى الماض دفعاً انتخابياً ومقاعد نيابية وازنة ستُقتطع حكماً من حصة التيار البرتقالي النيابية.
من الواضح ان الحزب يعي تماماً هذا الواقع ونتائجه السلبية على البرتقاليين، وهو يهدف في الوقت ذاته الى تعاظم حصة أخصام العهد وتياره، مما سيعمّق الانقسامات والتصدعات داخل الشارع المسيحي وسيعطي الحزب دوراً أكبر في ترجيح كفة أي مرشح او مشروع على آخر، وتبعاً لذلك ستكون له اليد الطولى لابتزاز اي مرشح محتمل للكرسي الأولى وتطويق اي رئيس ماروني محتمل للجمهورية ضمن لعبة تقسيم واضعاف الصف المسيحي والهيمنة على قراره.
فهل ستبقى الاحزاب والشارع المسيحي أسرى ردات الفعل على مخططات الغرف السوداء والألاعيب الاستراتيجية الجهنمية المميتة؟ أم سنشهد وعياً لدى القيادات المسيحية التي بات من الضروري والملّح أن تتكاتف وتتضامن لاستنهاض الجبهة اللبنانية بغية تصويب المسار واعادة المسيحيين لدورهم الوطني ضمن سياسة الانفتاح واحترام الآخر والتواصل مع جميع مكوّنات المجتمع اللبناني واستعادة رسالة لبنان التاريخية والحضارية كما واستعادة مكانته وحضوره الفاعل على الساحة الدولية وذلك بدلاً من الارتماء في سياسة التوغل شرقاً المدمرة؟