الراهب اللبناني الأب دانيال ديب.. قامة بترونية إنمائية غابت

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 8, 2021

كتب الباحث نبيل يوسف في "الجمهورية":

غابت أمس دون إنذار قامة بترونية ورهبانية كبيرة، وما زال أهله ومعارفه تحت وقع الصدمة.

تعود معرفتي بالأب دانيال ديب الى مطلع تسعينيات القرن المنصرم. يومها شاركت في احتفال وضع حجر الأساس لمجمّع الحرديني السكني في البترون، وكان الداعي الأب دانيال ديب، الذي يعود اليه الفضل في ارتفاع هذا المشروع السكني والتجاري الحيوي جداً.



ومن يومها بدأت علاقتي به، فأعجبني نشاطه وسعيه دون كلل للإنماء والبناء.



ولد حنا بطرس سليمان ديب في حردين في 9 تموز 1942.

درس في مدرسة الضيعة وانتقل الى مدرسة الآباء اليسوعيين في بكفيا، ومنها الى المدرسة المركزية التابعة للرهبنة اللبنانية في جونيه، وكان دخل الرهبنة طالباً.




أنهى دراسته الجامعية في جامعة الروح القدس - الكسليك.

حاز على إجازات في اللاهوت والفلسفة والليتورجيا.



ارتسم كاهناً سنة 1971 وحمل اسم الأب دانيال ديب.

تنقّل راهباً ديرياً في أديرة عدة.



تسلّم سنة 1977 دير ومدرسة مار أنطونيوس الكبير في شكا حتى سنة 1991، وعاد الى الدير والمدرسة من سنة 2002 حتى وفاته.

تسلّم سنة 1992 رئاسة دير مار يعقوب - بشتودار وأنطش البترون حتى سنة 2001.

خدم رعايا حردين وبيت كسّاب حتى أواخر صيف هذه السنة حين تسلّمهما الخوري جوني طنوس، وشناطة التحتا حتى سنة 2018 حين تسلّمها الخوري شربل طنوس.

بعد مرض الأب شربل سويد الراهب اللبناني، تسلّم عنه سنة 2016 بالتعاون مع الخوري يوسف صالح رعيتي نيحا وشناطة الفوقا حتى تسلّمهما الخوري شربل طنوس سنة 2018.



احتفلت رعية حردين قبل أسابيع بمرور 50 سنة على خدمته الرعية. ترك بصمات انمائية وعمرانية في المواقع التي خدم فيها.



شكا



رمّم الدير والكنيسة في شكا وأسس المدرسة المهنية. عندما وصلت الغيوم السوداء الى شكا شتاء وربيع 1978، حاول المستحيل لمنع الانفجار بين الأخوة، لكن كل الجهود باءت بالفشل فوقع المحظور وتقاتل الأخوة وتساقطوا بنيران بعضهم البعض وشكّل ما جرى يومها جرحاً كبيراً رافقه.

يوم بدأت الأزمة الاقتصادية الخانقة في النصف الثاني من ثمانينيات القرن المنصرم راسل المغتربين في استراليا، طالباً الدعم لدفع أقساط الطلاب المتعثرين عن الدفع، وعاد وسافر الى استراليا وأحضر التبرعات وأبلغ الأهالي: «يللي بيقدر يدفع القسط ما يتأخّر ويللي ما بيقدر القسط واصل».



في بشتودار والبترون



تسلّم رعية بشتودار المارونية، وباشر مع الأهالي بوضع الدراسات لبناء مجمّع على أملاك الدير يضمّ كنيسة رعائية وصالة للرعية وبيتاً للكاهن وغرفاً للاجتماعات والنشاطات.

أعاد ترميم الدير وألبسه حلّة جديدة بعد أن كان مهملاً.

شق طريقاً زراعية تصل الى بلدة دوما، يستفيد منها الأهالي وأصحاب الأملاك وتختصر المسافات، وباشر بإنشاء مشروع زراعي، كانت المنطقة بأمسّ الحاجة اليه.

كتب عن تاريخ الدير والدور الذي لعبه، وبنى مجمّع الحرديني السكني والتجاري في البترون، ورمّم أنطش البترون.



حردين



رمّم كنيسة مار شينا الرعائية وبناء صالة أولى للرعية وثانية أكبر.

كما رمّم المدافن، وساعد في ترميم أكثر من 17 كنيسة أثرية، وفي ترميم بيت القديس نعمة الله الحرديني وتحويل إحدى غرفه الى كنيسة.

وكذلك رمّم منزلاً يملكه الوقف قرب كنيسة مار فوقا وتمّ تحويله الى مركز للرياضات الروحية.




بيت كسّاب



تمّ ترميم كنيسة القديسة تقلا الرعائية والمدافن، وبناء مجمّع على اسم القديس نعمة الله الحرديني يضمّ كنيسة وصالة للرعية.



شناطة التحتا



هي من البلدات التي نُكبت خلال الحرب، فهجرها أهلها من سنة 1978 حتى انتهاء الحرب، وبدأوا العودة اليها اعتباراً من سنة 1992، وكان للأب دانيال ديب دور هام في تشجيع الأهالي على العودة.

بعد عودة الأهالي، تمّ ترميم وتوسيع كنيسة مار سابا الرعائية وترميم المدافن.

وجرى تحويل المدرسة الرسمية المتوقفة الى صالة للرعية بعد ترميمها.

تقديم قطعة أرض لبناء ملعب رياضي.



له العديد من المحاضرات والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات. أصدر كتباً عدة: «تاريخ دير مار يعقوب الحصن» في كتاب اليوبيل المئوي الثالث للرهبانية اللبنانية المارونية. «الإرشاد الرسولي والطائف». «مواقف لها تاريخ».



صدق فيه قول القديس يوحنا: «أما أنا فقد أتيت لتكون لهم (الناس) حياةٌ، ولتكون لهم أفضل: أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف».



وها هو الآن يقف أمام ذاك العرش الذي نشعر بوجوده ولا نراه على ما يقول جبران، ليقدّم وزناته، مردّداً قول بولس الرسول: «لقد جاهدت الجهاد الحسن وأكملت السعي وحفظت الإيمان».

وسيدخل فرح سيده ليجلس من عن يمينه صحبة الأبرار والصديقين.

في الختام، تقول الرؤيا: حتماً كل شيء سيزول يوماً، ليجلس الأحبة المختارون على أرائك الحبّ المجيدة ويرتلون، قدّوس قدّوس قدّوس الربّ الإله القدير كان وكائن ويأتي.

وسيكون الأب دانيال ديب بين المرتلين... ليرحمه الله.