د. إيلي جرجي الياس- حقائق من تاريخ لبنان الحديث والمُعاصر

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 22, 2021

في واقع الأمر، بدأت الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، اللبنانية، والممتدّة حتّى يومنا الحاضر، منذ ٥٥ عاماً تماماً، مع إفلاس وانهيار مصرف إنترا اللبنانيّ ذات الامتداد العالميّ، في تشرين الأوّل ١٩٦٦.

أثبتت الدراسات المتتابعة والمترابطة أنّ إفلاس مصرف إنترا وهميّ وليس حقيقياً مئة بالمئة، بمعنى أنّ هذا الإفلاس ناتج عن أزمة سيولة حادّة، بسبب اتّساع نشاطات إنترا عبر العالم، وليس نتيجة خسائر نقدية. وبعد انهيار إنترا بسنتين تقريبأ، انبثقت مؤسّسة إنترا المستمرة والناجحة حتّى اليوم.

ثمّة مسار بحثيّ حديث، بحاجة إلى المتابعة والتوثيق، أنّ مصرف إنترا الذي أسّسه رجل الأعمال الفلسطينيّ اللبنانيّ يوسف بيدس، هو ثمرة الأموال الألمانية والأوروبية المهرٍبة إلى الشرق الأوسط، ولبنان بسبب السرّيّة المصرفية، بعد الحرب العالمية الثانية.

ارتبطت الأزمتان الماليتان اللاحقتان إنترا ٢ في ثمانينات القرن العشرين، وإنترا ٣ خلال الألفية الثالثة حتّى يومنا الحاضر، بأزمة إنترا ١ في ستينات القرن العشرين.
العلاقة بين الأزمة الاقتصادية اللبنانية المتواصلة من خلال إنترا ١ وانترا ٢ وانترا ٣، وظاهرة الفساد المنتشرة في لبنان، وثيقة للغاية... فالقضاء على الفساد إذاً، مفتاح أكيد لانتعاش اقتصاديّ من جديد.

أسهمت الحرب الأهلية اللبنانية القاسية ١٩٧٥-١٩٩٠، كما الاحتلال الإسرائيليّ لجنوب لبنان حتّى سنة ٢٠٠٠، والوجود السوريّ في لبنان حتّى سنة ٢٠٠٥، في تعميق الأزمة الاقتصادية والمالية، اللبنانية.
كيف يمكن لمؤسّسة إنترا أن تحقّق اليوم أرباحاً وفيرة، والدولة اللبنانية تعاني من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية؟ موضوع يستحقّ المتابعة والمراجعة والتصويب...
يجب على التدقيق الجنائيّ الماليّ في لبنان، أن يتابع الملفات المالية كاملة، منذ سنة ١٩٦٦ حتّى اليوم، لإيجاد الحلول الناجعة للأزمة الاقتصادية اللبنانية الطويلة.

هل يمكن للاقتصاد اللبنانيّ أن ينهض من جديد؟ طبعاً، نعم، وأن يتألّق أيضاً. مع القضاء على الفساد في كافة المجالات، وتطبيق التدقيق الجنائيّ الماليّ بشكلٍ شامل، ومعالجة الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية اللبنانية المتواصلة منذ ٥٥ عاماً.
لا بدّ من انطلاقة مالية جديدة، ومن نجاحٍ اقتصاديّ شامل وضروريّ...