الياس الزغبي- في الفراغ... تكمن "شياطين" المشروع

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 22, 2021

بات واضحاً أنّ "حزب اللّه" استبدل حكومة دياب بحكومة ميقاتي لتصريف الأعمال، فأصدر أمس تعميماً وتعليماً للوزراء كي يقوموا بتصريف أعمالهم وفقاً للصلاحيات، في ظلّ التعطيل الذي فرضه على مجلس الوزراء تحت الانصياع، أو على الأقل الصمت المزدوج، لبعبدا والسراي.
وقد فضح "الحزب" نفسه في فرض تصريف الأعمال على حكومة دياب لمدّة سنة، وعرقلة تشكيل الحكومة.
وحين فرضت التسوية الفرنسية الإيرانية حكومة ميقاتي، أدرك أنها تكاد تُفلت من يده في أكثر من ملفّ حسّاس، خصوصاً ملفَّي التحقيق في تفجير المرفأ والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فكان لا بدّ له من تحويلها إلى حكومة مستقيلة عملياً وواقعياً بعد شهر من تشكيلها.
وحين كتبنا قبل أسبوعين أن أداء "حزب اللّه" سيتغيّر بعد مفاجأة الانتخابات في العراق، وسيُعيد حساباته السياسية، صحّ التوقّع بسرعة قياسية، فعمد إلى تسريع طلبه تنحية المحقق العدلي بموقف تصعيدي تهديدي داخل آخر جلسة لمجلس الوزراء، وأرفق ذلك بحركة ميدانية أمنيّة في ١٤ تشرين لشلّ الحكومة، والانحراف بالوضع اللبناني برمّته إلى نقيض المسار المرسوم، من إصلاحات ومفاوضات وانتخابات، وعلّق كلّ الاستحقاقات على مشيئته في توجيه "الدولة" عبر تلمّس مدى خسارته العتيدة في الانتخابات.
والثابت أن تخوّف نصراللّه مزدوج:
إنكشافه الأمني في تفجير المرفأ، وانكشافه السياسي في الرأي العام مع اقتراب استحقاق الانتخابات العامة.
والهاجس الثاني يبدو أشدّ ضغطاً، ليس فقط لتراخي أذرعه لدى الطوائف الأخرى، وخصوصاً لدى المسيحيين مع انحسار الحالة الشعبية ل"تيّار العهد"، بل لظهور حالات تململ داخل بيئته لم تعالجها إغراءات المازوت والمال وخطابات رفع المعنويات، وزادتها تفاقماً نتائج "غزوة الطيّونة" والصفعة السياسية بعدها.
ويحاول نصراللّه مع أركان قيادته، ومع سراياه السياسية في البيئات الأخرى، ترميم خساراته الأخيرة، لكنّه يصطدم بواقع جديد هو تحوّل "الغزوة" إلى حالة وطنية ضدّه، تلتقي فيها أطياف عابرة للمناطق والطوائف، خلافاً لما أرادها "تأديباً" للمسيحيين المناوئين لمشروعه تحت تهديد "أقعدوا عاقلين"!
إن استمرار هذه الحالة الوطنية ستدفع "حزب اللّه" والملتحقين بمشروعه إلى خلق الذرائع المؤدية إلى نسف الاستحقاق الانتخابي، وقد بدأت بفكرة ردّ تعديلات قانون الانتخابات والطعن فيه، ويتمّ استكمالها ببؤر "لاأمنيّة" هنا وهناك عند الحاجة.
فما بين أكثرية نيابية راهنة، ولو متماوجة، وبين انتخابات تأتي بأكثرية خصوم ومعترضين، خياره محسوم، لأن في حالة التمديد والفراغ تكمن "شياطين" المشروع.