تعويضات نهاية الخدمة تخسر 90 % من قيمتها

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 22, 2021

بولا أسطيح- الشرق الأوسط

لا حسرة توازي حسرة وليد رزق (60 عاماً) الذي أمضى عمره وهو يعمل في محل كبير لبيع الألبسة. فالرجل الذي شارف على بلوغ سن التقاعد (65 عاماً) ويتقاضى راتباً قدره مليونا ليرة لبنانية بات لا يتجاوز المائة دولار على سعر صرف السوق الموازية، وهو كان يعوّل على تعويض نهاية الخدمة كي يفتح محلاً صغيراً لبيع الألبسة يؤمّن له ولزوجته مصروفهما حتى الشيخوخة. لكن في ظل انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية لم يعد التعويض الذي سيتقاضاه ويبلغ نحو 40 مليون ليرة يساوي أكثر من ألفي دولار بعد أن كان يساوي 26 ألف دولار.

مأساة عائلة رزق تمثل واحدة من مآسي آلاف العائلات اللبنانية التي لا تعاني حصراً من احتجاز أموالها في المصارف ما يضطرها لسحبها بالقطارة بعد فقدان الكثير من قيمتها، إنما تئنّ بشكل أساسي من تعويضات نهاية خدمة لم تعد تساوي شيئاً.

وحسب مدير مركز «الدولية للمعلومات» جواد عدرا، تراجعَ متوسط تعويض نهاية الخدمة للعاملين المضمونين من نحو 80 ألف دولار إلى نحو 6 آلاف، أي بانخفاض نسبته 1233%.

ويبلغ عدد المنضوين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نحو 600 ألفاً، ويستفيد نحو 800 ألف شخص آخر من عائلاتهم من خدمات الصندوق ما يعني عملياً نحو مليون و400 ألف مستفيد، أي نحو ثلث الشعب اللبناني تقريباً. أما خدمات الصندوق فتقسّم إلى ثلاثة أقسام: المرض والأمومة، والتعويضات العائلية، وتعويضات نهاية الخدمة.

ويشير المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي، إلى أن «التواصل والعمل جاريان مع حاكم مصرف لبنان منذ أكثر من سنة و3 أشهر للسير بطرح دفع التعويضات على سعر صرف المنصة أي 3900 ليرة، ما يعني ضرب التعويض الحالي في 2.6، ما يخفف قليلاً من خسارة العامل المضمون»، لافتاً إلى أنه «يتم العمل في الوقت عينه على إحياء طرح نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الذي يؤدي لاستبدال راتب شهري للمضمونين بتعويض نهاية الخدمة على غرار موظفي الدولة، ما يجعلهم يستفيدون من زيادات غلاء المعيشة ولا يضطرون لسحبه بقيمته الحالية المنخفضة». وإذ يؤكد كركي أنْ لا خوف على الاستدامة المالية في الصندوق المؤمّنة للعام 2065، يلفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تهافت المضمونين لسحب تعويضاتهم تراجع، فبعدما كان قد بلغ عام 2020، 18642 طلباً، لم يتجاوز حتى يونيو (حزيران) الماضي 10791 طلباً. ويكشف كركي أن «نحو 60 ألف شخص لم يعودوا مضمونين منذ اندلاع الأزمة عام 2019 وحتى نهاية العام الماضي، وأن 50% من الأُجراء المضمونين لا يتجاوز راتب المصرح به للصندوق لكل منهم المليون ليرة لبنانية».

وتوضح الباحثة في الشأنين الاقتصادي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور، أن «تراجع القيمة الشرائية للرواتب والتعويضات ليست المشكلة إنما نتيجة للمشكلة، وبالتالي لا يمكن حلها من دون معالجة لب الأزمة»، منبهةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «مواصلة اعتماد سياسات فاشلة كطباعة الأموال لتصحيح أجور أو رفع قيمة التعويضات لأن ذلك سيفاقم الحالة الاقتصادية ويؤدي لارتفاع إضافي بالأسعار»، مشددةً على وجوب الانكباب لمعالجة المشكلة الأساس المرتبطة بسعر الصرف.