كمال ذبيان- ما يجري في العراق يُقرأ في لبنان وتداعياته عليه منذ الخمسينات

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 22, 2021

الديار

لا يمكن قراءة الازمات والاحداث في لبنان، باغفال ما يجري من تطورات سياسية وتغييرات جيو-سياسية، في محيطه المشرقي، او الابعد، لا سيما في العراق، الذي تؤثر التحولات فيه بجواره ولبنان منه، منذ الخمسينات، عندما قام «حلف بغداد» تحت رعاية «مشروع ايزنهاور» فأيده ريس الجمهورية آنذاك كميل شمعون، الذي انخرط في السياسة الاميركية للشرق الادنى والاوسط، في وقت ظهر فيه مشروع الرئيس المصري جمال عبد الناصر للوحدة العربية، ومواجهة النفود الغربي، بتأميم قناة السويس لكن الانقلاب الذي حصل في العراق ضد الملكية بقيادة عبد الكريم قاسم، وتأثيره في المشروع الاميركي، دفع بالرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور، حماية له ولحلفائه في المنطقة، الى ان يرسل الاسطول الحزبي الاميركي صيف عام 1958 المحمّل «بقوات المارينز» ونزلوا عند الشواطئ الاميركية، لحماية حكم الرئيس شمعون الذي كان يسعى للتجديد لولاية ثانية، لكن تسارع التطورات في المنطقة وقيام الوحدة المصرية – السورية باسم «الجمهورية العربية المتحدة» عدّل من الموقف الاميركي، فانتخب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية تسوية اميركية – مصرية.

فالحدث العراقي الذي تمثل بالانقلاب، انعكس تغييرا في لبنان، وهو ما حاول البعض الاستفادة منه، في اثناء الغزو الاميركي للعراق، والاطاحة بنظامه البعثي برئاسة صدام حسين، ووصول اطراف حليفة لاميركا الى السلطة، وهذا ما شجع قوى سياسية وحزبية لبنانية، على ان تدعو الى خروج القوات السورية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات حيث تبنى التحالف الاميركي – الفرنسي بين الرئيسين جورج بوش الابن وجاك شيراك الطلب من مجلس الامن الدولي استصدار قرار في هذا الخصوص، فكان القرار 1559، الذي تضمن فقرة تمنع تعديل الدستور والمادة 49 منه، لمصلحة التمديد لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود، بما يمثل من رمز لمحور المقاومة والذي اصرّ الرئيس السوري بشار الاسد على التمديد له، وحصل ما حصل من اغتيال للرئيس رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية، الا ان ما كان الرئيس بوش يريد تحقيقه في لبنان، هو اجراء انتخابات نيابية بما يتمشى مع مشروعه «للشرق الاوسط الكبير» بتعميم الديموقراطية، وانتاج اكثرية نيابية في لبنان، تنتخب رئيسا للجمهورية، وتشكل حكومة، وفق ما تكشف مصادر سياسية متابعة التي تشير الى ان الحدث العراقي له تداعياته على لبنان سلبا او ايجابا، وهو ما يمكن ان نقرأه بما جرى في العراق مؤخرا من نتائج للانتخابات النيابية، التي فاز فيها تحالف مقتدى الصدر على «الحشد الشعبي» وحلفائه، المؤيدين لايران.

فالانتخابات العراقية الاخيرة التي حركت الشارع بين طرفين يتصارعان على القرار في «بلاد الرافدين»، اذ يتقدم الصدر جبهة المناوئين للتدخل او النفوذ الايراني في العراق حيث يتهمه خصومه بانه قريب من السعودية التي تخوض مفاوضات مع ايران برعاية رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يعمل على ان يكون العراق محايدا في صراع المحاور ولعبة الامم، اذ ترى المصادر، ان اميركا تنظر بارتياح الى ما افرزته الانتخابات العراقية، التي تأمل ان يكون لها شبيه في لبنان، الذي اعلن 27 اذار موعداً للانتخابات النيابية بعد ان علق العمل بمواد في القانون الحالي الى الدورة القادمة.

وهذه الانتخابات تنظر اليها واشنطن، باهتمام وهي تتابع عبىر سفارتها في لبنان، وموفديها اليه، ولديها اتصالات مع من تعتبرهم قوى «المجتمع المدني» او المنظمات غير الحكومية، التي لا يخفي منضوون فيها علاقتهم بالسياسة الاميركية، وتلقي دعم من جمعيات اميركية حكومية وغير حكومية حيث تعول الادارة الاميركية على مجموعات كانت في «الحراك الشعبي»، وبدأ بعضها ينظم نفسه في تحالفات وائتلافات تحضيرا للانتخابات التي تقول المصادر، انها ستكون امتحانا لهذه المجموعات التي ما زالت متشظية كما ان برنامجها تسوده الضبابية والالتباس اذ ان بعض المجموعات متحالفة مع احزاب وحركات موجودة في السلطة منذ عقود، وهي مسؤولة عن حالة الفساد والانهيار، كما ان مجموعات اخرى، حشرت نفسها بمشروع اكبر من ان تحققه، وهو تنفيذ القرار 1559 لجهة نزع سلاح «حزب الله» حيث تشير المصادر الى ان الانتخابات النيابية، هي مطلب دولي عموما واميركي خصوصا، لاحداث تغيير ليس في الطبقة السياسية الفاسدة، كما هو شائع، بل من يملك الاكثرية النيابية لتكون خارج سيطرة «حزب الله» والنفوذ الايراني، وهو ما تباهى به اكثر من مسؤول ايراني، ووصف بيروت بانها من احدى العواصم الاربع، التي لايران نفوذ فيها، والذي قد تفقد بعضه في العراق بعد الانتخابات التي حصلت، ويجري التشكيك فيها من قبل من خسر الاكثرية النيابية.

لذلك فان الانتخابات النيابية، هي محور الصراع السياسي الداخلي وان حصولها او ارجاءها مرتبط بحسابات الربح والخسارة، ومن الجهة او التحالف لذي ستكون الاكثرية لمصلحته، وان احتمال ارجائها يتقدم على حصولها، اذا ما حصلت جولات امنية.