نادين فارس - عن جزء من مسؤوليّة المجموعات المنتفضة ومكوّنات المجتمع المدني

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 18, 2021



في الذكرى الثانيّة على انطلاقة حركة احتجاجيّة عظيمة آلت إلى الانحسار، باتت المراجعة اليوم أكثر من مطلوبة، لا سيّما على أبواب انتخابات نيابيّة باتت الباب الأخير المفتوح أمام التغيير.
أسباب التراجع كثيرة، ومنها عدم تمكّن المجموعات المنتفضة ومكوّنات المجتمع المدني من وضع إطار تنظيميّ لها وورقة عمل موحّدة حول العناوين الكبرى أقلّه. ومن الأسباب أيضاً، افراز محدود للحراك لشخصيّات قياديّة قادرة على الاستقطاب العام، وخيارات البعض بإعلاء إيديولوجيّات متعاكسة، وعدم قدرة البعض الآخر من التحرّر من ولاءات محدودة مقارنة مع حجم القضيّة التي يحملون.
طبعاً، من بين أهم أسباب التراجع يكمن في نجاح المنظومة الحاكمة من ناحية في قمع الحراك بالقوّة والاندساس بين المتظاهرين وافتعال الشغب لتبرير العنف المفرط وتقييد الحرّيات، وتعرّض المنتفضين من ناحية ثانية لأفظع الهجمات وأقساها وقعاً من "شارع" مقابل...لتأتي جائحة كورونا والازمة الاقتصاديّة – الاجتماعيّة الخانقة لتظهّر الواقع المؤلم الذي نحن عليه اليوم.
إزاء ما سبق، يسعى كثر في محاولة تقييمهم لكلّ ما جرى ويجري، إلى الاستعداد لخوض الاستحقاق الديمقراطي المتاح في الانتخابات النيابيّة المقبلة. وفي حين ينسّق بعضهم فيما بينهم للاتفاق على العناوين العريضة للمواقف لتشكيل لوائح مشتركة، يرفض البعض الآخر التنسيق أو التحالف مع أيٍّ من الأحزاب أو الشخصيّات السياسيّة التي لم تشارك في الفساد، لا بل تحاربه منذ ما قبل 17 تشرين، وهي شكّلت رافعة سياسيّة وشعبيّة للحراك.
المسعى مشكور، والتباين في المواقف مقبول، ولو أعتبر شخصيّاً أنّه يخضع لجدل لا طائلة منه ولا منفعة، أمام القضيّة الأم.
لكن ما هو ليس بمشكور عليه وليس بمقبول هو ما يجري منذ بعض الوقت، حيث تخوض بعض المجموعات "الثوريّة" المجهولة في لبنان، من التي تدّعي أبوّة وأمومة "المجتمع المدني"، معارك تدجيل وتشويه مشبوهة بحقّ شخصيّات سياسيّة محدّدة، بحجّة من هنا وأخرى من هناك.
النيّة للأسف واضحة وهي القدح والذم المباشريْن، ومحاولة تشويه السمعة والموقف، إضافة إلى الاغتيال المعنويّ في مواضيع "فضائحيّة" فولكلوريّة مضحكة، على مثال الحملة التي يتعرّض لها النائب المستقيل نعمة افرام المتعلّقة مرّة بتهريب الأموال وبالإثراء الغير المشروع، وثانية بشراء الأصوات عبر مساعداته الإنسانيّة، وثالثة ب"التسلّق" على ظهر الثورة من باب المعارضة، ورابعة بالتوريث السياسي...
الحملات باتت مبرمجة وصريحة، والهجومات تتّخذ الطابع الشخصيّ مواربة والسياسي بالمباشر عبر المنصّات المعروفة من الاعلام المرئي والمسموع، وأيضاً عبر الوسائط الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. هذا ما يؤذي بطبيعة الحال كما يهدّد، المساعي القائمة والحميدة والمتقدّمة بين المجموعات المنتفضة والحراك المدني وتلك الشخصيّات. فعلى ما يبدو، تعمل بعض هذه المجموعات "الثوريّة" المجهولة من بين أهداف متعدّدة على محاولة إحداث شرخ بين المجتمع المدني وبين الشخصيّات المعارضة، لصالح المنظومة الحاكمة.
أتصوّر، وفي الذكرى الثانيّة على انطلاقة حركة احتجاجيّة عظيمة، وإكراماً لنصاعة ما مثّلته يوماً واقعة 17 تشرين، كما أنّ المراجعة اليوم باتت أكثر من مطلوبة لمسار العاميْن المنصرمين، كذلك لقد بات في جزء مهم من مسؤوليّة المجموعات المنتفضة مع الفاعلين في مكوّنات المجتمع المدني، معرفة حقيقة ما إذا كانت هذه المجموعات "الثوريّة" موجودة فعلاً وواقعاً ومن تمثّل، لا ستاراً وهميّاً، وفضحهم علانيّة. لأنّ ما يقومون به بات أكثر من خطير، وهو يوازي لا بل قد يتجاوز ما نجحت به المنظومة الحاكمة سابقاً مع أدواتها وشارعها المفرط في قوّته من نتائج على الحركة الاحتجاجيّة والانتفاضة الشعبيّة.