السعودية لا تقبل الخيارات المفروضة... هذه مقاربتها لملف لبنان

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, September 28, 2021

على خلفية ملف النزاع في اليمن، وقبل ان يطير الى الامارات، حطّ مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن، جيك سوليفان، في الرياض للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، ونائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، وهو أبرز مسؤول في إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن يزور السعودية، منذ ابتعاد البيت الأبيض عن ولي العهد في شباط الماضي اثر الاعلان عن تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية أظهر أن بن سلمان وافق، على الأرجح، على قتل الصحافي والمعارض السعودي جمال خاشقجي عام 2018 داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.

ليست الخطوة الاميركية تجاه المملكة تنازلاً بل نتيجة حتمية لتدهور الوضع في اليمن بعدما احتدم القتال في مدينة مأرب واتجهت المعركة الى مرحلة حاسمة مع حرف الحوثيين بوصلة الحرب نحو محافظات الجنوب، بحيث تولدت قناعة لدى ادارة بايدن ان الصراع في اليمن لا يمكن ان ينتهي من دون التعامل مع كبار المسؤولين السعوديين مباشرة، اضافة الى وجوب حسم سلسلة ملفات في المنطقة تملك السعودية على الارجح مفتاح الحل والربط فيها. وتبعا لذلك، تكشف اوساط دبلوماسية غربية لـ"المركزية" عن تواصل سعودي -اميركي جديد متوقع خلال الايام المقبلة بين بن سلمان وبايدن يعقبه اجتماع يتم خلاله وضع خريطة طريق للمنطقة تنطلق منها التسوية الكبرى ومعالجة الازمات بدءا من اليمن وصولا الى سوريا. وتوضح ان الاجتماع هذا متى حصل، سيشكل محطة مفصلية في علاقة الرياض بواشنطن، وقد تعزز الخطوة التواصل بين السعودية وعدد من دول المنطقة من بينها لبنان.

وتوازيا، يتجه المسار السعودي- الاوروبي في الاتجاه نفسه، اذ تؤكد الاوساط ان المسؤولين السعوديين يعلقون اهمية قصوى على زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرياض في النصف الاول من تشرين الاول المقبل ومواضيع النقاش والاتفاقات الممكن ان تفضي اليها المفاوضات، من الملف النووي وامن الخليج الى العلاقة مع ايران والتطورات العربية وملف لبنان انطلاقا من تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والمحادثات التي اجراها في الاليزيه وما تم الاتفاق عليه لانقاذ لبنان ومساعدته دوليا ضمن شروط اصلاحية محددة. وسيسعى ماكرون الى تلمّس مدى استعداد المملكة للاسهام في هذا المشروع من خلال الايفاء بما التزمت به في مؤتمر سيدر وامكان تلبية الدعوة للمشاركة في مؤتمرات دولية قد تعقد في السياق. وسيستوضح الجانب السعودي موقفه من الموضوع اللبناني برمته ومآخذه جراء انحراف العهد الى المحور الايراني والسماح لمكونات لبنانية بالتعرض للسعودية والمشاركة في عمليات ضدها من خلال دعم حزب الله الحوثيين.

جواب المملكة لن يكون قطعا خارج المعروف والمألوف، وتحفظاتها على اداء السلطة السياسية في لبنان لن يبدده تشكيل حكومة "معا للانقاذ" او محاولة الايحاء بأنها حكومة مستقلين لا سطوة للقوى السياسية المناهضة للمملكة عليها لكن العبرة في الخبرة. هي لن تقفل ابوابها امام لبنان ولا امام اي زائر يسعى لعقد اتفاق استراتيجي معها، لكنها لن تشرّعها لمن "يشرب من بيرها ويرمي فيه حجرا". وفي السياق، ينقل بعض الزوار اللبنانيين للمملكة عن مسؤولين سعوديين قولهم ان نمط التعاطي السابق مع لبنان انتهى، ولا بد لمن يرغب بالتعامل معنا مستقبلا ان يكون جاهزا للالتزام بالاتفاقات التي يعقدها وينفذها. فالسعودية استضافت في الماضي اللبنانيين واسهمت في وضع اتفاق الطائف الذي انهى الحرب في لبنان وقدمت مساعدات ضخمة ولم تتخل يوما عن البلد الشقيق، لكن رغم كل ذلك دأب بعض المكونات اللبنانية على التهجم عليها وصولا الى الحاق الاذى بها. الا انها ولادراكها بأن هذه المكونات لا تمثل كل اللبنانيين، فهي جاهزة للافراج عن الهبة السعودية للبنان والبالغة 4 مليار دولار اثر عودة العلاقات بين البلدين الى سابق عهدها من الاخوّة بعيدا من العدائية التي تتحكم بها راهنا.

ويضيف الزوار المشار اليهم ان المسؤولين في المملكة يستخفون باعتبار بعض اللبنانيين ان ابوابها وصندوق مساعداتها سيفتح للبنان بناء على طلب اميركي او فرنسي، ويؤكدون تكرارا ان "زمن الاول تحول"، وسياسة اليوم ترتكز الى ثوابت وقواعد واسس التعامل بين الدول، لذلك فالطريق امام من يسعى في هذا الاتجاه واضحة ، وكما ان السعودية لا تدخل في شؤون الدول، لاسيما العربية، ترفض ان يتدخل اي من الدول في شؤونها او يتآمر عليها. ويختمون "المملكة حددت خياراتها السياسية ولا يمكن لاحد مهما علا شأنه ومقامه ان يفرض عليها اي خيار آخر...


المركزية