البيان الوزاري: المال والكهرباء و"البطاقة" والانتخابات- جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, September 15, 2021


وكأنّها سلكت بسحر ساحر. تشكّلت الحكومة في أربع وعشرين ساعة بعدما خيّمت أجواء تشاؤميّة طويلاً. ثمّ بتنا اليوم أمام المهمّة الأولى للحكومة المتمثّلة باتفاق اللجنة الوزارية على البيان الوزاري الذي على أساسه ستحصل الحكومة على ثقة مجلس النواب.

اجتمعت اللجنة الوزارية لأوّل مرّة، وخرج الوزراء وكأنّ الاتفاق سبق أن تمّ. اكتمل البيان الوزاري حتى قبل أن تجتمع اللجنة الوزارية، وما بقي ليس سوى تفاصيل ومصطلحات يبحثون عنها لتُلاقي صرخة الناس بعد انتفاضة 17 تشرين.



سقطت المفاوضات مع "الصندوق"، وسقط لبنان في أزمة ماليّة ونقدية واقتصادية عارياً من أيّ خطّة إنقاذ. وعليه، يتجدّد الحديث عن ضرورة عودة التفاوض مع صندوق النقد للبدء بالإنقاذ. فكيف سيتعامل لبنان الرسمي هذه المرّة مع بنود الخطّة الماليّة الإشكاليّة؟

وفي معلومات "أساس" أنّ ما سيحكم تقويم المجتمع الدولي لهذه الحكومة، وإمكان تعاون صندوق النقد مع لبنان، يبدأ من البيان الوزاري.

لذا يبدو أنّ اللبنانيّين لن يشهدوا هذه المرّة معارك سياسية طاحنة كما سبق أن عهدوا، ولن يسمعوا مطوّلات سياسية عن ثلاثيّة "جيش، شعب، مقاومة"، لأنّ الأولويّة أصبحت في مكان آخر، وتحديداً في الشقّ الماليّ.

عند تشكيل حكومة حسان دياب، تشكّل وفد من الوزراء والاختصاصيين للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. أعدّوا خطّة وافق عليها الصندوق، لكنّها اصطدمت بمعارضة داخلية. أُسقِطت الخطّة من الداخل، وكان لذلك أثر كبير على صورة لبنان أمام وفد الصندوق الدولي الذي غالباً ما كان يشكو من الانقسام اللبناني حول الخطّة المالية.

سقطت المفاوضات مع "الصندوق"، وسقط لبنان في أزمة ماليّة ونقدية واقتصادية عارياً من أيّ خطّة إنقاذ. وعليه، يتجدّد الحديث عن ضرورة عودة التفاوض مع صندوق النقد للبدء بالإنقاذ. فكيف سيتعامل لبنان الرسمي هذه المرّة مع بنود الخطّة الماليّة الإشكاليّة؟

العيون مفتوحة على كلّ هذه العناوين. ولمّا كان المكتوب يُقرأ من عنوانه، فإنّ البيان الوزاري سيكون العنوان الذي من خلاله تُقرأ المرحلة المقبلة.

فما هي أبرز البنود فيه؟

لا صوت يعلو فوق صوت الأزمة. لذا ستكون مهمّة حكومة الأشهر التي تسبق الانتخابات مركَّزةً على أربع مهمّات أساسية هي:

أوّلاً: خطّة التعافي المالية، وما يمكن أن تتضمّنه من تحديث للخطة المالية وتطويرها، ومن هذه التحديثات إعادة هيكلة المصارف، والكابيتال كونترول، وتوحيد سعر الصرف، وتصحيح القطاعين العامّ والخاصّ، وكل الشروط التي يجب الالتزام بها لبدء التفاوض مع صندوق النقد، أي تضمين الإصلاحات التي سبق أن تحدّث عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته لبنان العام الماضي.

ثانياً: خطة الأمان الاجتماعي. وهي الخطة التي ستساعد اللبنانيين في أزمتهم المعيشية عبر البطاقة التمويلية. وفي معلومات "أساس" أنّ القوى السياسية ستحاول أن تتوجّه إلى اللبنانيين بمصطلحات تحاول من خلالها طمأنتهم إلى أنّ خططاً قد أُعِدّت ستعالج أوضاعهم، بغضّ النظر عن عجز أيّ خطة عن المعالجة الفوريّة للأزمة.


في معلومات "أساس" أنّ ما سيحكم تقويم المجتمع الدولي لهذه الحكومة، وإمكان تعاون صندوق النقد مع لبنان، يبدأ من البيان الوزاري

ثالثاً: تحديث خطة الكهرباء وتوفير الغاز الطبيعي. وفي هذا الشأن، تشير مصادر الرئيس ميقاتي لـ"أساس" إلى أنّ أولويّته ستكون إعادة التواصل مع الدول العربية والغربية من أجل إعادة وصل ما انقطع معها، ومن أجل جذب الاستثمارات إلى القطاعات المأزومة والحيوية بالنسبة إلى اللبنانيين.

رابعاً: الاستعداد لإجراء الانتخابات في موعدها.

بعد كلّ جلسة من جلسات اللجنة الوزارية لمناقشة البيان الوزاري، توضع المناقشات على طاولة رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا. ومن المفترض لهذه اللجنة أن تنتهي من صوغ البيان خلال أيّام، وإحالته إلى مجلس النواب لنيل الثقة في غضون أسبوعين. وإن كان عمر هذه الحكومة قصيراً فإنّ مصادر رئيسها تقول إنّها امتحان سيحاول ميقاتي أن يثبت من خلاله قدرته على العمل والحدّ من الانهيار المالي.

المواضيع الماليّة الإشكالية المتعلّقة بالتدقيق الجنائي وغيره ستُترَك للنقاشات اللاحقة، ولا سيّما أنّ التوقيع مع شركة "ألفاريز ومارسال" سيتمّ مع وزير المال الجديد يوسف خليل، كما أعلن وزير المال السابق غازي وزني خلال التسلّم والتسليم.

ولا بدّ من تضمين البيان الوزاري بنداً يتعلّق بمرفأ بيروت من بوّابة بنائه وإعادة تأهيله وفتح الباب أمام الاستثمار فيه.

ورشة "عمل وأمل"، هكذا تصف مصادر ميقاتي هذا البيان والعمل اللاحق له.


إلا أنّ التحدّي الأكبر هو القفز فوق الألغام السياسية المالية المتشابكة التي أحبطت خطّة حسان دياب. والتحدّي الأكبر هو الحصول على ثقة المجتمع الدولي وصندوق النقد للانطلاق بالخطة الماليّة.

فهل تنجح حكومة ميقاتي في وضع البلاد على سكّة مشاريع الحلول؟