خاص - المسيحيون على موعد مع حرب ضروس.. وطموحات جعجع لا يحققها خطاب "بايت"! - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, September 8, 2021

خاص - الكلمة أونلاين
بولا اسطيح

لا يكاد السجال العالي النبرة بين العونيين والقواتيين يخفت او يتراجع حتى يندلع من جديد أقوى وأقسى مما كان. سجال بلغ ذروته في الساعات الماضية بعد الهجوم الكبير الذي شنه رئيس "القوات" سمير جعجع على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعهده. هو الذي حاول قدر المستطاع في السنوات والأشهر الماضية تحييد عون وتوجيه معركته حصرا بوجه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، أعلن بخطابه الاخير بعد القداس لراحة أنفس "شهداء المقاومة اللبنانية " في معراب الحرب بوجه عون واصفا عهده ب"عهد الانهيار الشامل" معتبرا أن نتائج رئاسته جاءت "كارثية جدا". ليس مستغربا ما ورد على لسان رئيس "القوات" مع انطلاق العد العكسي للانتخابات النيابية ومباشرة القواتيين العمل للاستحقاق المقبل الذي لا تزال احزاب كثيرة تتعاطى معه ببرودة غير مبررة، يردها كثيرون للتخبط الذي تعيشه نتيجة انقلاب مؤيديها عليها ونفور القسم الاكبر من اللبنانيين من الاحزاب التقليدية والطبقة الحاكمة، ما يجعلها تبحث من دون جدوى عن خطاب يستهويهم في مرحلة الانهيار الكبير!
لا شك ان ما تعانيه هذه الاحزاب تعانيه القيادة القواتية ايضا رغم محاولاتها المستميتة لتمييز نفسها عن باقي الاحزاب ومساعيها الفاشلة بركوب موجة انتفاضة ٢٠١٩..لكن هذه القيادة وبخلاف قيادات باقي الاحزاب قررت حسم امرها باكرا والانطلاق في حملتها الانتخابية، وان كان بطريقة غير معلنة ومبطنة حتى الساعة، بخطاب مستعار من انتخابات ماضية يركز على شقين، الاول داخل البيت المسيحي من خلال مهاجمة العونيين المنافس الابرز لها في الدوائر الانتخابية التي ستخوض فيها المعركة، والثاني على خط التصعيد بوجه حزب الله، اقتناعا منها بأنه خطاب "ربيح" في كل الاوقات.
في تقييم سريع لهذا الخطاب، يمكن التأكيد ان ما كان يحصله على المستوى المسيحي في السنوات الماضية لا يقارن مع ما سيحصله اليوم باعتبار ان فشل العهد والانهيار الحاد المتواصل على الصعد كافة، يشكل مادة دسمة ل"القوات" للاستثمار فيها، وان كانت قيادته شريكة اساسية بايصال العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، اضافة لكون المسيحيين كفروا بالعونيين والقواتيين معا وقد لا يبقى منهم من ينتخب في ايار المقبل نتيجة موجة الهجرة غير المسبوقة في صفوفهم. اما على مستوى مهاجمة حزب الله، فيصح القول بهذا الخطاب بأنه "بايت" ومر عليه الزمن، خاصة وان جعجع توجه للشيعة الذين وان مان قسم لا بأس بهم ناقم على حزب الله نتيجة الانهيار الحاصل، الا انهم لا شك لا يمكن ان يتعاطفوا مع "القوات" لا في اليوم ولا بعد ألف سنة.. كما ان خطابا مماثلا لن يسمح له باجتذاب مسيحيين جدد الى صفوفه بات معظمهم اقرب الى مجموعات المجتمع المدني منهم الى اي حزب مسيحي آخر.
ولا يجد القواتيون مهاجمة "المردة" مثلا او حتى "الكتائب" امر ربيح اقله في المرحلة الحالية، لذلك علينا ان نتوقع احتدام الكباش مع العونيين بشكل اساسي على ان يتخذ اشكال عدة في الاسابيع والاشهر المقبلة.
واذا كان البعض توقف عند دعوة جعجع لانتخابات رئاسية مبكرة معتبرين اياها تحولا في موقفه الذي كان واضحا بتحييد الرئاسة الاولى والذي لم يجار تيار "المستقبل" وقوى اخرى في دعوتها لاسقاط رئيس الجمهورية، فعلى هذا البعض التدقيق اكثر بما ورد على لسان رئيس "القوات" والذي تحدث عن مسار للحل يبدأ بانتخابات نيابية مبكرة يليها انتخابات رئاسية مبكرة. وتشدد مصادر "القوات" الى ان هذا الترتيب الصحيح للحل واي عبث بهذا الترتيب لا يؤدي للتغيير الصحيح المطلوب.
وتنطلق كل المواقف التي يتخذها ويطلقها جعجع من حسابات رئاسية دقيقة، فهو لا يزال مقتنعا بأنه منافس اساسي وجدي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك يرفض ارساء قواعد جديدة كالاطاحة برئيس الجمهورية في الشارع خوفا من ان تسري عليه في حال تبوئه سدة الرئاسة في يوم من الايام.
اما بما يتعلق بالدعوة لانتخابات نيابية قبل موعدها، فلم يعد اصلا احد يتعاطى معها بجدية. حتى الدوائر الغربية باتت مقتنعة بأنها دعوات لا يمكن ان توضع في اطار عملي- تنفيذي، من هنا تركز كل الضغوط الدولية على اجراء الاستحقاق النيابي المقبل في موعده، وهو ما باتت تركز عليه مجموعات المجتمع المدني التي كانت ابرز المتحمسين للانتخابات المبكرة. من هنا تبدو الخطة التي يطرحها جعجع هي الاخرى "بايتة" ويتوجب اعادة النظر فيها.
بالمحصلة، سنكون على موعد مع حفلات تخبط لا تنتهي مع انطلاق العد العكسي للانتخابات. كيف لا والاحزاب كافة تضع برامجها الانتخابية وتصيغ خطاباتها على وقع تحلل البلد ومؤسساته.. فما عساها تكتب وبماذا تعد شعبا اصبح القسم الاكبر منه في بلاد الاغتراب ولا يحلم من تبقى منه هنا الا بالهرب من السجن اللبناني الكبير.. كل وعود السجانين لن تغري مسجونين محكومين بالاعدام مع وقف التنفيذ!