خاص- ميقاتي يتهم عون بجريمة مرفأ بيروت... كيف يُشكلان حكومة معًا؟ - محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Saturday, August 28, 2021

خاص- الكلمة أونلاين
محمد المدني

وجه المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار رسالة واضحة إلى جميع المتهمين في الفاجعة الكبرى، أنه لن يسمح لأي شخصية مهما علا شأنها أن لا تمثل أمامه، وأولى خطواته التصعيدية أن ‏كلّف القوى الأمنية الدخول إلى محل إقامة حسان دياب وجلبه قبل 24 ساعة من موعد جلسة التحقيق في 20 أيلول، الأمر الذي دفع نادي رؤساء الحكومة السابقين إلى إصدار بيان عالي اللهجة، اتهموا فيه ‏رئيس الجمهورية بالوقوف خلف قرار بيطار، فأي حكومة سيشكل ميقاتي أحد أعضاء نادي رؤساء الحكومة مع رئيس الجمهورية بعد هذا الإتهام؟.

لا تخفي أوساط سياسية متابعة لمسار التأليف، أن قرار بيطار سيؤثر حكمًا على الأجواء الحكومية، خصوصاً أن ‏الإجتماع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يوم أمس الخميس لم يكن إيجابيًا، والأمور تراوح مكانها حتى هذه اللحظة.

بعد قرار بيطار بحق دياب، يبدو أن ميقاتي أصبح مطالباً بالإعتذار عن تأليف الحكومة وهو ما جرى مناقشته في إجتماع الرؤساء السابقين، خاصة أن ميقاتي لا يستطيع الخروج من الحضن "السني" بأي شكل من الأشكال، لأنه وببساطة لن يوافق على سابقة قضائية قد تكون مدخلاً للإدّعاء عليه فيما بعد، كون باخرة نيترات الأمونيوم دخلت إلى لبنان خلال توليه رئاسة الحكومة عام 2014.

من المؤكد أن تصعيد المحقق العدلي هو عنصر مؤثر في مسار تشكيل الحكومة، لكن النقطة الأساسية في عرقلة التأليف، أنه حتى الآن لم تظهر أي علامات مقنعة تشير إلى أن رئيس الجمهورية يريد جديًا تشكيل حكومة متوازنة، وبالتالي فإن تأخير ولادة الحكومة متعلق برئيس الجمهورية وخوضه معركة الرئاسة باكرًا لصالح صهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، إضافة إلى دور حزب الله الذي يبدو غير معني بتشكيل الحكومة لأنها لا تفيده، كما أن بقاء الوضع كما هو عليه اليوم لا يضرّه.

الأمر اللافت، أن بيان رؤساء الحكومة السابقين وإتهام قصر بعبدا بالوقوف خلف قرار بيطار يتضمن موافقة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فكيف يمكن للأخير أن يتعاون مع عون، بعد إتهامه بالتقاعس والتقصير والإمتناع عن القيام بأي عمل ذي قيمة عملية للحؤول دون حصول كارثة المرفأ (كما ورد في بيان رؤساء الحكومة السابقين)؟، وعليه فإن ميقاتي مجبر على الإختيار بين العودة إلى جانب سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، أو المضي قدمًا في تشكيل الحكومة برفقة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، عله يؤمن لنفسه حماية أو غطاء دولي - محلي بحجة ترأسه حكومة إنقاذية هدفها إخراج لبنان من أزماته المستصعية، وبالتالي يتم إستثناءه من قرارت بيطار كي لا تتعطل رحلة الإنقاذ التي يقودها عون وميقاتي، لا سيما أن عهد عون شارف على النهاية، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية لا يملك ترف الوقت لتحقيق إنجاز ما قبل إنتهاء ولايته الرئاسية.

من ناحية أخرى، وبحسب مصادر على صلة بقصر بعبدا، فإن ولادة الحكومة مرتبط بالتوافق بين عون وميقاتي، أما قرار المحقق العدلي فإنه يؤدي لتسميم الجو السياسي وإستنفار البيئة السنية، وهذا كان واضحًا من بيان رؤساء الحكومات السابقين، لكن الملف الحكومي له حسابات اخرى، لأن ميقاتي بما يملك من خبرة سياسية لن يسقط في الفخّ الذي يحيكه له الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري فيما يتعلق بإحراق ورقة تكليفه دون أن يشكل حكومة، تمامًا كما أحرقا حسان دياب خلال توليه رئاسة مجلس الوزراء، وهما ،أي برّي والحريري، سيستخدمان قرار المحقق العدلي لهذه الغاية، لكن هذا الأمر لن يؤدي إلى تطيير الحكومة المنتظرة، بل الأرجح أنه سيُسرع ولادتها.

وتجدر الإشارة، إلى أن ملف الرئيس حسان دياب سيبقى مُعلقًا، طالما لم يستطع القاضي بيطار إختراق جدران مجلس النواب فيما يخص رفع الحصانات وملاحقة النواب المتهمين، وعليه فإن المحقق البيطار لن يستطيع تنفيذ هذه المذكرة وجلب حسان دياب بالقوة، حتى وإن كانت قراراته تحظى بتأييد شعبي كبير.

يبدو أن هذا القرار الذي صدر عن المحقق العدلي، إستفاد منه الرئيس الحريري الذي لا يرغب أن يُشكل ميقاتي حكومة بالتعاون مع العهد،
لذلك بعد بيان رؤساء الحكومة أمس والموقف الذي سيصدر عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وما يدور في القصر الجمهوري حول عقدة الوزيرين المسيحيين، فإنه من المتوقع أن تتأخر ولادة الحكومة العتيدة، بحسب المصادر عينها.

الرئيس ميقاتي إذا بات محاصراً بين محظورين، الأول أنه في حال تمسك بالدفاع عن الرئيس حسان دياب وتبنّى الموقف التصعيدي لنادي رؤساء الحكومات السابقين فهو سيصبح في مواجهة مباشرة مع المحقق العدلي وأهالي ضحايا إنفجار الرابع من آب 2020، وسيظهر في موقع المعرقل لسير التحقيقات
وفي حال وقف الرئيس ميقاتي عجلة التأليف الحكومي فهو سيصبح في موقع من يتخلى عن مسؤولية تاريخية لأنقاذ لبنان من أسوأ أزمة في تاريخه، وهذه الحسابات والمحاذير قد تدفع بإتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة.