خاص- بين إرباك السعودية... وحماية الحزب... محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Friday, August 6, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

محمد المدني


ما قبل أحداث خلدة ليس كما بعدها بالنسبة لـ حزب الله، فالأخير بات مهتمًا بتحصين نفسه وبيئته من أي مشروع يهدف إلى جرّه نحو الحرب الداخلية ، لذلك لم يعد الحزب مهتمًا بتفاصيل الملف الحكومي وببقاء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي أم رحيله، بقدر ما يريد صد الهجمات التي يتعرض لها، والهادفة إلى تكرار تجربة 7 أيار ولو بظروف مختلفة.

تمكن حزب الله من إقناع مناصريه أنه قويٌ دون أن يكون متسرعًا في إتخاذ أي قرار قد لا يكون لصالحه سياسيًا ودوليًا، لذلك إستطاع تخطي تداعيات أحداث خلدة الخطرة، رغم إعتراض عدد كبير من مناصريه على قرار عدم الرد على ما قامت به عشائر عرب خلدة ووضع الحادثة برسم مخابرات الجيش والقضاء اللبناني محاسبة المتورطين.

من المعروف أن معظم المناطق الواقعة تحت نفوذ حزب الله تجمع مسلمين شيعة وسنة، وما حصل في خلدة نهار الأحد كان من الممكن أن يشعل فتنة مذهبية تحرق ما تبقى من الأمن والإستقرار في لبنان، لكن قيادة الحزب ومنذ وقوع الحادثة التي راح ضحيتها 4 شبان، عمدت إلى حصر الإشتباك بـ عشائر عرب خلدة لا الطائفة السنية، ولهذه الغاية عقدت لقاءات عدة ركزت على ضرورة حفظ التعايش الشيعي - السني، خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، بمعنى أوضح اتخذت قيادة حزب الله قرارًا صارمًا بعدم السماح بحصول "ضربة كف" واحدة على خلفية ما حصل في خلدة، مع الإحتفاظ بحق الرد في حال تقاعست الجهات المعنية عن القيام بواجبها.

من جهة أخرى، يبدو أن تكليف ميقاتي يعيش أيامه الأخيرة، وما قد يسرع في انتهاء التكليف هو الموقف السعودي الذي جاء على لسان وزير خارجية المملكة الأمير ‎فيصل بن فرحان خلال مؤتمر دعم لبنان وشعبه، والذي اعتبر أن إصرار حزب الله على فرض سيطرته هو السبب الرئيسي وراء مشكلات ‎لبنان، وهذا الموقف عبارة عن رسالة جدية لجميع الأفرقاء السياسيين بالإبتعاد عن حزب الله والإنتفاض عليه كي يتمكن المعنيون من النهوض بـ لبنان من جديد.

السفير السعودي في لبنان وليد بخاري أعاد نشر موقف وزير الخارجية، في تأكيد على عدم موافقة المملكة على أي حكومة يكون الحزب ممثلاً فيها، والرئيس ميقاتي حتمًا سيعمل بمضمون هذه الرسالة، وبالتالي لن يشكل حكومة حتى لو تخلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن جميع الحقائب الوزارية، لأن أزمة التشكيل الحقيقية تمكن في الضاحية لا في قصر بعبدا أو ميرنا الشالوحي.

الجدير ذكره، أن تداعيات الموقف السعودي ستصب في صالح "العهد"، لأن عون وباسيل سيتذرعان بتصريح الوزير بن فرحان ويضعان اللوم على ميقاتي الذي سقط حتمًا في إختبار التأليف، أما حزب الله فلن يتأثر بعدم تشكيل الحكومة، وسيصب تركيزه على تمرير أيام عاشوراء بسلام تام، وسيعمل على تضميد جراح علاقته مع بيئته عبر وسائل عدة، أهمها تحصين البيئة الشيعية من مخاطر الأعداء وحلفائهم، أما القوات اللبنانية فهي الرابح الأكبر نتيجة إلتزامها التام بتوجيهات المملكة عبر مقاطعة النشاطات الحكومية إلى حين إجراء الانتخابات النيابية وتغيير المعادلة، الخاسر الأبرز أو أبرز الخاسرين هم نادي رؤساء الحكومة السابقين وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري، الذي بات مجبرًا على مخاصمة حزب الله سياسيًا، وإلا فإن أي شخصية سنية أكانت الحريري أم غيره لن تجرؤ على خوض المغامرة الحكومية في ظل إصرار السعودية على عزل حزب الله سياسيًا، ومنعه من السيطرة على القرار اللبناني.

تجدر الإشارة إلى أن الحزب يعتبر أن السعودية قررت التدخل في الصراع الداخلي بصفتها الشخصية، لذلك أعلنت موقفها صراحة بأن حزب الله هو أساس الأزمات، وعليه فإن الحديث عن "سين سين" جديدة لم يعد منطقيًا، والصراع السياسي الحاد سيكون عنوان الأيام المقبلة، ليبقى الشعب اللبناني رهينة سعر الدولار وإنقطاع الأدوية وشحّ البنزين والمازوت، إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا.