العميد المتقاعد طوني مخايل- عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

  • شارك هذا الخبر
Sunday, August 1, 2021

في السنة ٣٥٠ هجرية أي السنة ٩٦٢ ميلادية نظَّم أبو الطيب المتنبي قصيدة "العيد" في هِجاء حاكم مصر كافور الإخشيدي بعد خلاف معه وتزامَنَ تنظيم هذه القصيدة مع ليلة عيد الأضحى وأولى أبياتها:
- عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ … بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ.
وفي هذا البيت يسأل المتنبي عن أيام العيد القادمة وهل هي شبيهة بالماضي أم ستحمل معها أمل جديد في المستقبل.
وفي السنة ١٤٤٢ هجرية أي سنة ٢٠٢١ ميلادية وقد سبق عيد الأضحى مناسبة تأسيس الجيش اللبناني بأيام معدودة واللبنانيون بمن فيهم العسكريون يعيشون الحاضر المليء بالذل والفقر، يتذكرون الماضي ويتمنونه على علاته ويعانون من قلق كبير على المستقبل،
يمر هذا العيد على المؤسسة العسكرية وهي تعيش التقشف الذي يطال مختلف النواحي المعيشية(طبابة، تغذية، تجهيز، تسليح...) وتشكو من إنخفاض في القدرة الشرائية لرواتب العسكريين يقابله تزايد في المهمات والمتطلبات، تُناضل قيادتها للحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة المادية في وجه طغمة سياسية لا تُقيم وزناً للتضحيات.
وفي بيت آخر من القصيدة يقول المتنبي:
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ … أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ.
يتعجب الشاعر من أهل الدنيا الذين يحسدونه على ما هو شاكٍ منه، وهذه هي حال العسكري في الجيش اللبناني وعين حسد شريحة من اللبنانيين على راتبه في آخر كل شهر ويغمضون العين الأخرى عن مهماته المحفوفة بالأخطار طوال الشهر، عن بعده عن عائلته لأكثر من شهر، عن تبخر الراتب العظيم بعد الثلث الاول من الشهر، يصرخون في وجهه"انت بتقبض معاشك منا" وكانه متربع في منزله كل الشهر ولا يدفع ضرائبه وفواتيره للدولة وللناس في الأول من كل شهر.
وفي أحد أبيات هذه القصيدة يقول الشاعر:
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ … عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ.
وفيه يشكو الكذابين الذي يعيش بينهم وهم لا يحسنون ضيافته ولا يتركونه يرحل عنهم وهي صورة طبق الأصل عن معاناة العسكري مع شريحة من اللبنانيين (خاصة الحزبيين منهم)،
يُقاطعونه ويُكيلون له الإهانات عندما يقف في وجه مشاريعهم الحزبية الفئوية ويتمسكون به عندما يحتاجون الحماية والأمن أو عندما تتوافق أهدافهم مع مهماته.
وفي آخر أبيات القصيدة:
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ … منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
يتحدث الشاعر عن الوعود الكاذبة لبعض الناس، وهنا نصل الى معاناة العسكريين قيادةً وافراداً مع جزء من الطبقة السياسية الذين يغمرونهم صبحاً ومساءً بالآمال الكاذبة والوعود المزيفة بتحسين أوضاعهم ورفع الغبن عنهم.