التواطؤ الأوروبي لا يكفي: الفيتو الأميركي العربي مستمر

  • شارك هذا الخبر
Friday, July 30, 2021

تتجاوز الأزمة حدود عملية تشكيل الحكومة. القراءة الدولية للوضع اللبناني تبدو أبعد بكثير من مساوئ الواقع، وأوسع من العقد المرتبطة بتشكيل حكومة جديدة فقط. فهذا العنوان (الحكومة) يرفعه الفرنسيون بالتحديد بهدف إنقاذ مبادرتهم. أما عربياً ودولياً، فالوجهة مختلفة تماماً. فكل الضخ الإيجابي الذي تعمل القوى اللبنانية على اختلافاتها إشاعته، هدفه إراحة الوضع وتنفيس الاحتقان والهروب من تحمل مسؤولية التعطيل.

أرباح وبطولات
في كلا الحالتين، سواء تشكلت حكومة أم لم تتشكل، فإن حسابات رئيس الجمهورية تشير إلى الربح السياسي وفق منظوره. بحال تشكلت الحكومة، يعني أنه سهل العملية وأنقذ عهده. وبحال لم تتشكل، يعني أنه لا يزال "يدافع عن حقوق المسيحيين" و"يرفض تسليم السلطة للفاسدين". وستكون هذه العناوين حاضرة طبعاً في الانتخابات المقبلة.

على مقلب رئيس الحكومة المكلف، أيضاً حسابات الربح تتقدم. فبحال نجح بعملية التشكيل سيكون حقق ما لم يحققه الحريري. وكصورة انعكاسية للواقع يفترض أن يتحسن سعر صرف الليرة أمام الدولار، ويمكن الحصول على بعض المساعدات الإنسانية. فيتحول ميقاتي إلى "بطل وطني". أما بحال عدم التشكيل، فيتحول إلى "بطل سنّي" رفض التخلي عن الصلاحيات.

وتقول مصادر متابعة أن مسألة الحكومة تحتاج إلى أسبوع أو أكثر، لتتوضح إذا ما سيكون هناك نجاح في مسار التشكيل أم سيتكرر سيناريو الحريري.

في أزمة النظام
كل ذلك يقود إلى خلاصة واحدة وهي أن ذهنية التعطيل هي المتحكمة، وكل العقد التي تبرز تشير إلى أن ليس هناك حداً أدنى من التوافق. في المقابل هناك من يرى أن حزب الله يسعى إلى استخدام لعبة خلق الأعراف الجديدة، منذ اتفاق الدوحة وتكريس الثلث المعطل، بالإضافة إلى مبدأ الأقوياء داخل طوائفهم. وهذه العوائق من شأنها تعرية النظام وإظهار الخلل فيه (الطائف والدستور)، وذلك ما يتقاطع مع مصالح كل القوى السياسية، التي تحيل الأمر على هذا النظام، مقابل محاولة تبرئة نفسها، ممارسةً ونهجاً. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن أزمة النظام نشأت بسبب هذه الذهنية الزبائنية والغنائمية في التعاطي مع الدولة، والتي أدت إلى إختراع العقبات والأعراف، التي باتت تفترض أن تقوم السلطة على مبدأ المحاصصة واختزال هذه المحاصصة بجهات محددة، وتوفر لأي مرتكب الحماية المذهبية والطائفية، فيجتمع منطق الغنائمية مع العشائرية أو القبلية، والتي غالباً ما تكون قادرة على تبرير كل المخالفات. ولو تم إدخل تعديلات جوهرية على النظام ستكون هذه القوى قادرة على تعطيله مجدداً.

الاختلاف الأوروبي
يبدو ميقاتي متفائلاً بالدعم الدولي وما يمكن تحقيقه. في المقابل، يكثف الفرنسيون من اتصالاتهم وضغوطهم، في سبيل إنجاز تشكيل الحكومة. وبينما يلوحون مع دول أوروبية عديدة بفرض عقوبات، يتجنب الأوروبيون تحميل المسؤولية للمعطلين بشكل مباشر، ويتوجهون نحو التعميم والتعمية والعموميات التي تشمل الجميع. وهذه لا يمكن أن يكون لها أي أثر فعلي. وأيضاً، كل الضغوط التي تمارس على القوى السياسية تضعهم في المنزلة نفسها. وهذا ما تستاء منه جهات داخلية وخارجية، تحمل حزب الله المسؤولية أولاً، وتعتبر أن فرنسا وبعض الدول الأوروبية تتجنب الدخول في صدام أو سجال مباشر مع الحزب أو مع رئيس الجمهورية ميشال عون. وهنا تقول شخصيات سياسية بارزة في لبنان أن كل السفراء الأوروبيين يتجنبون الحديث عن حزب الله، أو تحميله مسؤولية التعطيل أو شن الهجمات عليه. وهذا مؤشر سياسي للمرحلة المقبلة لا بد من التوقف عنده، ويرتبط بالمساعي الأوروبية للتقارب مع إيران، وما قد ينعكس في لبنان، من خلال التسليم بنفوذ الحزب وسطوة حقبته السياسية على البلد.

هذا الأمر لا تزال واشنطن وبعض الدول العربية تعارضه بشكل كامل، وهي ترفض تقديم المساعدات للبنان قبل الوصول إلى تفاهم كبير بشأن الوضع السياسي فيه، والسياسة الخارجية التي سيتبناها. وقبل الوصول إلى توافق دولي حولها، لا يمكن للبنان الاستفادة من أي مشروع خارجي، لا سيما ما يتعلق بالاستثناءات من عقوبات قانون قيصر التي يطمح لها ميقاتي، أو الحصول على الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان.

منير الربيع