خاص- لقاء الفاتيكان وما يصدر عنه ليس حبراً على ورق: حياد ورعاية دولية وانتخابات- ديامان رحمه جعجع

  • شارك هذا الخبر
Friday, July 2, 2021

«ونظر موسى الى الشمال، نحو جبال لبنان وقال: وهذا الجبل؟ اجاب الله وقال: اغمض عينيك. هذا الجبل هو وقف لي."
هذا ما جاء في "تثنية الاشتراع" في العهد القديم.

قد يكون في هذا الكلام المتوارث شيء من الشوفانية او النوستالجيا اللبنانية، التي يلجأ اليها المسيحيون خصوصاً، حين يكون مصير لبنان مهدداً، تقفل بوجوههم أبواب الحوار العقلاني ، ويجدون أنفسهم في لحظات مصيرية، عاجزين عن اجتراع الحلول لمعضلة وجودهم وامكانية حفاظهم على الكيان اللبناني الذين ائتمنوا على صونه وبقائه.
لم تكن الكنيسة يوماً في منأى عن هذه المخاوف، وفي تاريخها في لبنان، محطات لا تحصى، وأدوار أساسية ومؤسسة للحفاظ على وجود لبنان.

من هنا يمكن فهم أهمية اللقاء الروحي المنعقد في الفاتيكان، والمخصص للصلاة للبنان في إحدى أخطر أزمنته وأزماته.
وليس خفياً ان خلف الصلاة ومعها ، تدور في الاروقة الفاتيكانية، مباحثات تحمل الطابع الرسمي أحياناً، والخاص أحياناً اخرى.
كما لا يخفى على أحد حجم فاعلية الدبلوماسبة الفاتيكانية وحضورها الدولي وتأثيرها الهادئ على تغييرات كبرى حصلت في العالم على مدى التاريخين القديم والحديث.

يروي مرجع روحي ان "ملفات وتقارير عديدة تجمّعت لدى الدوائر الفاتيكانية، سياسية اقتصادية واجتماعية عن حجم الخطر المحدق بلبنان، لبنان الكيان ، وعن توجهات نحو اعادة تقسيم المنطقة على أسس دينية وعرقية، فكانت زيارة البابا فرنسيس الى العراق لتثبيت التعددية ولحث المسيحيين على البقاء كعلامة رجاء للاقليات وكدعم اممي للتعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين(الشيعة خصوصا) ضمن الاطار الوطني وليس العقائدي الديني الايديولوجي، وها هو الان على مستوى القضية اللبنانية وبعد ان توالت اصوات نحو التقسيم وتغيير وجه لبنان، يدعو البابا من جديد المسيحيين تحديدا للوقوف كسد منيع ضد تفتيت المجتمع اللبناني والتخلي عن البعد الايديولوجي الديني والسياسي والابتعاد عن الاحلاف والعيش في الحياد التام، من اجل الحفاظ على كينونة لبنان بوجهه التعددي الثقافي والحضاري"
ويرى المرجع نفسه انه اذا كان لا بد من تغيير، فليكن ضمن الاطار الاوسع وليس الاضيق، اي الدخول بحوار حقيقي مع مختلف شرائح المجتمع لانتاج لبنان الجديد القائم على الحياد والتعددية واحترام حقوق الانسان.

هنا يبرز التخوف الفاتيكاني من الاحزاب الشمولية الايديولوجية ومن تحالف الاقليات ومن الصراعات الاقليمية التي تنهك اللبنانيين من اجل أجندات خارجية تفكك الوطن وهي آيلة الى السقوط لا محال.
لذلك ، يؤكد المرجع، قد دعا البابا رؤساء الطوائف المسيحية ليُسمعهم وليَسمعهم ولتكوين ارضية مشتركة مسيحية لبنانية مشرقية قائمة على التفاعل الحضاري في المجتمع اللبناني والابتعاد عن حلف الاقليات، وعدم زج اللبنانيين بحروب المنطقة ليبقى لبنان نموذجا حضاريا للتعايش والمواطنة للشرق والغرب.
على خط مواز ، اكدت معلومات خاصة، أن التدخل الفاتيكاني ، جاء بعدما تأكدت مخاوف البابا، ان لبنان يدفع ثمن الإهمال الدولي لقضيته، تحديداً، الإهمال الأميركي، الروسي والسعودي، فوجد لبنان نفسه وحيدا يدفع فاتورة كونه اصبح بؤرة لأكبر قوة ايرانية ارهابية في المنطقة.
وفيما تستعد الولايات المتحدة للانسحاب من المنطقة، حسب المعلومات، مستبدلة حضورها بكل من روسيا وتركيا، وجد الفاتيكان نفسه مضطراً للتدخل على اعلى المستويات الدولية لمنع التضحية بلبنان، ولوضعه على خارطة الحل، ضمن معيارين: الحياد والرعاية والدولية.
وتكشف المعلومات، ان اللقاء الفاتيكاني سيثير الى جانب هذين البندين، ضرورة منع المس بالمواعيد والمواقيت الانتخابية، النيابية والرئاسية، لأهميتها في منع احداث أي خلل في البنية الدستورية.

وكشفت المعلومات ان الفاتيكان مع بكركي تحديدا، سيباشران بعد اللقاء حملة دبلوماسية دولية ومحلية تبدأ بجولة للسفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري ، على المرجعيات الروحية الاسلامية في لبنان لشرح اجواء اللقاء الفاتيكاني وشرح الدعوة الى الحياد والرعاية الدولية.
في اي حال ان اللقاء الفاتيكاني ببعديه المسيحي والوطني، يأتي ثمرة "ورقة طريق" خطّها الكرسي الرسولي، بتأن وحكمة معتمدا، على مسلّمات تاريخية وجودية متعلقة بلبنان، أكدت عليها بكركي والكنائس الشرقية، والكثير من المرجعيات التي تواصلت مع دوائر الفاتيكان في السرّ وفي العلن، والتي تجاوزت المسيحيين، وكانت معبّرة ببعدها الاسلامي الذي بقي طيّ الكتمان.
الفاتيكان نفسه لن يجترع معجزة لإنقاذ لبنان، سيردد كثيرون، لكن الفاتيكان نفسه، سيؤسس لتغيير ما، قد يكون غير منظور، كما فعل في محطات تاريخية في العالم مثل اسقاط النظام الشيوعي، مثلاً وليس حصراً.
أقلّه سيتمكن الفاتيكان من ابعاد لبنان عن "طريق الفِيَلة" على حدّ تعبير سياسي كاثوليكي وقع اكثر من دراسة ورسالة استخدمت كمرجع صادق في دوائر الكرسي الرسولي تتعلق بأزمة لبنان.