خاص - البيت المسيحي يواجه الانهيار مشلعا! - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 29, 2021

خاص - الكلمة أونلاين
بولا اسطيح

ليس غريبا او جديدا على القوى والاحزاب المسيحية ان تكون في قمة تشتتها عند الازمات وبخاصة الازمات الكبرى. فطالما مصلحتها الحزبية ومصلحة رؤسائها لا تقتضي تلاقيا مسيحيًا-مسيحيًا على غرار "اتفاق معراب" الذي ما لبث ان تداعى نتيجة اسسه الهشة، او وحدة صف مسيحي "مرحلية" خدمة لاجندات ضيقة ومحددة، فلا شيء آخر يعنيها وان كان بعضها بات يرفع عاليا عناوين كاستعادة الدور المسيحي والحفاظ على الصلاحيات، وهي عناوين سبق لقوى مسيحية اخرى ان رفعتها
قبل ان تكتشف انها غير مربحة في المرحلة الراهنة بعد ان كفرت الجماهير اللبنانية مجتمعة وخرجت بمعظمها من قوقعتها المذهبية في تشرين الاول ٢٠١٩.
وكالعادة وفيما ينهمك القيمون من السياسيين على باقي الطوائف بتوحيد صفوفهم وتحصين مجتمعاتهم بعدما تداعت الدولة المركزية بتداعي معظم القطاعات وانهيار الخدمات، لا يرى الساسة المسيحيون ما يدفعهم للقيام بأي تنازل او خطوة باتجاه بعضهم البعض لتوحيد الصفوف لمواجهة المرحلة من خلال محاولة الحفاظ على ما تبقى من مسيحيين باتوا يحلمون ليل نهار بالهجرة.
ولا تلام البطريركية المارونية على وقف كل مساعيها لتقريب وجهات النظر بين هذه القوى باعتبارها وبعد عشرات المحاولات والجهود وصلت لقناعة بأن آخر ما يعني هؤلاء مصلحة المسيحيين وبأن لعنة "كرسي الرئاسة" فتكت بهم لحد بات لا يعنيهم كل ما يحصل طالما حظوظهم بالجلوس يوما ما على هذا الكرسي متوافرة. لا بل ابعد من ذلك يمكن القول ان بكركي قامت بما هو مطلوب منها في هذه المرحلة بصياغة عنوانين كبيرين رأت فيهما حبلي خلاص للبنان، الا وهما الحياد والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان، لكن حتى هذه العناوين لم تكن كفيلة بتأمين التفاف القوى المسيحية حولها، فرغم دعم بعضها مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الاخيرة، اعتبرت ان من مصلحتها التمسك بعناوينها الخاصة التي تقربها اكثر من قصر بعبدا!
محظوظون هم الشيعة والسنة في لبنان فلعنة كرسي الرئاسة لا تطالهم فهم محصنين تجاهها طالما النظام الطائفي المقيت في لبنان يحفظ هذا الكرسي للمسيحيين فيما يخصص كرسي رئاسة المجلس النيابي للشيعة وكرسي رئاسة الحكومة للسنة، وهما كرسيان وبخلاف الاول لا يشهدان هذه المنافسة التي تتخذ طابع النهش، لاعتبارات عدة باتت معروفة… ولعل الاكثر حظا هم الدروز الذين وان كانوا يتقاتلون على الزعامة، الا ان لا كرسي ينهشون بعضهم البعض سعيا للجلوس عليه. صورتهم في الامس في دارة رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال ارسلان والبيان الصادر عنهم لا شك حز في نفوس قسم كبير من المسيحيين الذين باتوا يتوقون لاجتماع قياداتهم للبحث بشؤونهم وشجونهم. فكل حديث عن مقاربات وطنية تعتمدها هذه القيادات، لم تعد تقنعهم بعد انهيار كل شيء وانصراف كل فرد الى مجموعته الطائفية او الحزبية عساها تؤمن له مقومات البقاء والصمود.
واذا كان البيت الشيعي محصنا ومنذ عشرات السنوات بارادة وجهود جمة بذلها ويبذلها حزب الله تجعله حتى يجازف بعلاقته بحليفه المسيحي الابرز "التيار الوطني الحر"، فان البيت السني ورغم التحديات الكبرى التي يواجهها يبقى هو الآخر متماسكا، واحتماع دار الفتوى الاخير لتجديد دعم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والتأكيد على كونه ممثلا للطائفة ككل من موقعه هذا، خير دليل. وللمفارقة، ورغم سنوات من صراع عنيف اتخذ طابعا مذهبيا سنيا-شيعيا في المنطقة وترك تداعيات كبيرة على لبنان، يصح اليوم الحديث عن تلاق سني- شيعي من خلال التفاف "أمل" و"حزب الله" حول الحريري، ما قد يشكل مقدمة لتسويات كبرى مقبلة نتيجة المفاوضات الاميركية- الايرانية والسعودية- الايرانية.
هنيئًا لكل المكونات الطائفية السابق ذكرها في بلد الطوائف وحدتها وانكبابها على تحصين مجتمعاتها في زمن الانهيار…وللمكون المسيحي نقول: لك صلوات الفاتيكان علها تحلك من لعنة "كرسي الرئاسة"!