خاص- الـ"سين سين " الجديدة تطيح ببري والحريري …؟ محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 29, 2021

خاص- الكلمة أونلاين
محمد المدني

نجح محور المقاومة بقيادة حزب الله في فرض سوريا كمدخل أساسي لأي تسوية سياسية لبنانية قادمة، خصوصاً مع بلوغ الصراعات الداخلية مرحلة خطرة تستدعي جلوس القوى والأحزاب على طاولة التسويات الإقليمية بحثًا عن مخرج للأزمة الراهنة، مع تخوفهم (الأحزاب الحاكمة) من إنفجار إجتماعي يطيح بهم إلى غير رجعة.

بدأ بعض السياسيين الحديث عن معادلة "السين سين" التي تمت بعد إتفاق الطائف، وهي ترمز إلى تأثير كلّ من سوريا والسعودية على الملف اللبناني بمختلف تفاصيله، وكان الرئيسان نبيه برّي ورفيق الحريري ومن بعده نجله سعد الوكلاء الحصريين لكل من سوريا والمملكة العربية السعودية في إدارة الملف الداخلي ونقطة الوصل بين لبنان والمجتمع الدولي بعدما كانت فرنسا الأمّ الحنون للبنان، لكن معادلة السين سين سقطت عام 2011 مع إندلاع الحرب السورية وتدهور العلاقة بين سوريا والمملكة التي اتخذت مواقفًا حادة من نظام بشار الأسد ودعمت الثورة الشعبية المسلحة لإسقاطه بالمال والسلاح.

كان طبيعيًا وقوف الرئيس سعد الحريري في صف المملكة بوجه نظام الأسد خصوصًا بعد إتهام النظام بالوقوف وراء جريمة قتل الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005، لكن ما هو غير طبيعي ومستغرب هو تدهور علاقة نبيه برّي مع القيادة السورية منذ إندلاع الحرب لديها، حيث رفض رئيس حركة أمل دعم النظام السوري عسكريًا كما فعل حزب الله، وبقي متمسكًا بعلاقاته الخليجية والعربية مع خروج سوريا من جامعة الدول العربية واعتبارها دولة تتبع حصرًا للجمهورية الاسلامية في إيران، الأمر الذي فجّر العلاقة بين برّي وسوريا.

بعد تولي برّي وآل الحريري مسؤولية إدارة "السين سين" على مدار 20 عامًا، أصبح برّي خارج الحسابات السورية والحريري بات تائهًا يبحث عن دورٍ إقليمي له في مصر وتركيا والإمارات بعد أن أقفلت المملكة أبوابها بوجهه، لذلك فإن أي "سين سين" جديدة تستدعي وجود شخصيات بديلة قادرة على القيام بالمهمة التي تَولاها برّي وآل الحريري منذ عام 1992 حتى 2011، فهل من "سين سين" جديدة تلوح في الأفق؟

مع تفاقم الأزمات في لبنان، يعتقد البعض أن إعادة معادلة "السين سين" قد تنتشل لبنان من مستنقع الإنهيار، خصوصاً مع نجاح الحوار بين المملكة وسوريا، الذي من شأنه أن يقفل إلى حدٍ كبير الملفات الخلافية، ويعيد إحياء الدورين السوري والسعودي في لبنان. لكن يبدو واضحًا أن لا عودة إلى المعادلة الماضية لا بأشخاصها ولا بطبيعتها، و ليس من "سين سين" جديدة كالسابق، لكن هناك احتمال نجاح مشروع توافق أو مساكنة تكون فيه مكونات محور المقاومة من جهة ومكونات إقليمية ودولية من جهة أخرى خاصة السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الفريق الأميركي يحاول وضع يده بمفرده على لبنان وإقصاء القوى التابعة لمحور المقاومة من المشهد السياسي، إلا أن الصراع القائم لم يُحسم والإحجام السياسية لم تتقرر بعد، ولذلك سيبقى لبنان في دوامة الأزمات والصراعات إلى ما بعد الإنتخابات النيابية والرئاسية المقبلة.

يقول متابعون أن سوريا لفظت نبيه برّي، وكل محاولات الوساطة أو الصلح لم تنجح في إعادة برْي إلى الحضن السوري، بل بات بنظرها خصمًا سياسيًا كرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لأن سوريا تعتبر أن برّي لم يساندها بل عمل ضدها وقاطعها منذ العام 2005، أما سعد الحريري فلن يكون له أي دور سياسي في ظل حكم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك بسبب خلافات متعددة، وها هو اليوم يطرق أبواب تركيا بحثًا عن قوة إقليمية تتبناه كي يبقى متربعًا على عرش الزعامة السنية في لبنان.

إذا من السابق لأوانه القول إننا ذاهبون إلى تفاهم سوري - سعودي بشأن لبنان، طبعًا هناك مساعي سعودية وعربية للتقارب مع سوريا والعودة إليها، لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى تفاهم كامل، لكن هناك حديث جدي عن عودة نفوذ سوريا إلى لبنان، لكن ليس هناك صيغة واضحة حتى هذه اللحظة.

ويعتبر مطلعون على الواقع السياسي اللبناني، أن قوة نبيه برّي في لبنان مستمدة من قدرته على إشعال الساحة الشيعية فقط، لذلك نراه متمسكًا بدوره الوطني ومبادارته السياسية، علمًا أن أحدًا من الثنائي الشيعي لا يريد تكرار تجربة العام 1988 حين سقط الدم الشيعي نتيجة الصراعات المُسلحة التي دارت بين حركة أمل وحزب الله، خلال المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية اللبنانية، حين بدأ الصراع باشتباكات بين الطرفين ثم تحول إلى حرب عسكرية عنيفة توقفت كُليًّا في تشرين الثاني 1990، إثر توقيع اتفاق سلام بين الجانبين، رعته سوريا وإيران بصفتهما الدولتين الراعيتين والداعمتين لطرفي النزاع، لذلك نرى الحزب يسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن الدقيق بين الحليفين (حركة أمل والتيار الوطني الحر)، فهو يدافع عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، دون أن يوتر العلاقة مع برّي، ومما لا شك فيه أن لا حكومة ستتشكل في لبنان إلا بعد إرضاء حزب الله لجميع حلفائه، وفي مقدمهم الرئيس نبيه برّي.