لانشاء محكمة دولية بالجرائم ضد الانسانية في لبنان... بقلم المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 15, 2021


تحرص مختلف الدساتير والتشريعات في العالم على تحديد عمل وغاية السلطات والمسؤولين في الدولة والتأكيد على أنهم يؤدون خدمة عامة ترمي الى تحقيق أمال وتطلعات الشعب (مصدر السلطات) من خلال توفير حياة كريمة له وحماية أمنه، والسهر على أمانه الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، واحترام حرياته وضماناته وتأمين ضمان الشيخوخة والبطالة، والحق بالتعلُّم المجاني، الى ما هنالك من حقوق وحريات مقدسة.
كما حرصت مختلف القوانين والانظمة على ارساء قواعد نزاهة وانضباط هذه السلطات ومراقبة ومحاسبة كل من يتولاها ومنع المسؤولين من استغلال السلطة ومن الفساد وسرقة المال العام والمحسوبيات، واعتبار هذه الآفات جرائم جنائية تؤدي الى فرض عقوبات قاسية وزاجرة بحق من يرتكبها.
ولكي نفهم خطورة هذه الجرائم يكفي ان نرى كيف انتهت حياة عدد من السياسيين في الدول الراقية عند تحقق اية "شبهة فساد" بحقهم.
أما في لبنان فيتباها المسؤولون عندنا بفسادهم وبنهبهم للمال العام. منهم من يجاهر بذلك علناً، وبكل وقاحة، ومنهم من تفضحه صفقاته الفاجرة، وجميعهم يتراشقون يومياً بتهم نهب مال الشعب.
مع العلم بأن السجلات العقارية والتجارية وقيود المصارف المحلية والدولية والاموال العقارية الضخمة والشركات الزاهرة ومليارات الدولارات التي جناها هؤلاء المسؤولون، خلال توليهم مراكز السلطة، تفضح فظاعة جرائمهم.
ويحرص الزعماء في لبنان على وضع يدهم على القضاء وسائر أجهزة التفتيش والمحاسبة في الدولة ، وتطويعها من خلال امساكهم بجميع التعيينات فيها، وجعلها رهينة بيدهم واداةً لتحقيق رغباتهم.
لقد وصل الأمر بعصابات السلطة ان استقدمت كميات ضخمة من أخطر المتفجرات، لغايات خبيثة آثمة، ووضعتها خلافاً للقوانين في مرفأ بيروت لسنوات، فكان الانفجار الذي دمر العاصمة وقتل المئات وأصاب الآلاف بأخطر الاضرار، وبدلاً من التحرك للاقتصاص من الفاعلين ومعاقبتهم، اذ بانعدام الشرف والكرامة لدى المسؤولين اللبنانيين يطغى ليمنع اية مساءلة او محاسبة.
زعماء سرقوا البلاد والعباد "على عيّنك يا تاجر" دون اية محاسبة او ملاحقة.
شعب ينهار من الموت والجوع والعوز في معتقل كبير يسمى وطن، بمقابل "جثث هامدة" تسمى "زعماء ومسؤولين" غير مبالين يتفرجون على شعبهم المسكين يلفظ انفاسه دون ان تتحرك فيهم ذرة ضمير.
قوى سياسية انتخبها الشعب لادارة شؤونه، فسرقته وتركته فريسة الذلّ والهوان والهجرة والمجهول، متقاعسة عن ابسط موجباتها بتشكيل حكومة، او بتنفيذ مشروع وطني انقاذي يهدف، ولو بالحد الادنى، الى معالجة واقع التلاشي والتحلل الذي تعيشه البلاد.
ان ما يرتكبه الزعماء في لبنان اليوم من جرائم يفوق هوّل الجرائم ضد الانسانية، انها جرائم ابادة الشعب بأكمله. جرائم لا تعاقب عليها الانسانية فحسب، بل تشجبها المجتمعات الهمجية البدائية، وحتى تلفظها مجاهل الغابات المتوحشة.
من الواضح ان افلاس السلطة المريع، على جميع الأصعدة، يمنعها من اجتراح أي حل داخلي للواقع المذري، وكذلك ان واقع التدمير الكامل للمؤسسات الدستورية والقانونية، وعلى رأسها القضاء، يحول دون أية امكانية للنهوض، بحيث بات لزوماً قيام مؤتمر دولي للبنان تكون أولى أولوياته إنشاء محكمة دولية، على غرار محكمة نورمبرغ وكوسوفو، لمعاقبة هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة النازية واقصائها كلياً عن المشهد السياسي واستعادة ثروات الشعب منها.

المحامي فؤاد الأسمر