هنري صفير - كتاب مفتوح لوزير خارجية فرنسا

  • شارك هذا الخبر
Thursday, May 6, 2021

الجمهورية

نرحّبُ بمجيء وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان ونشكرُ له اهتمامه بالشأن اللبناني.

إنّ وزير خارجية فرنسا قد يجتمع بذوي القرار، إلاّ أننا نتذكّر بأنّ اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حظي بترحابٍ شعبيّ لا مثيل له، في قصر الصنوبر بأصحاب القرار ومعظمهم ليس فقط من الفاسدين بل انّهم بدورهم مفسدون، وساهموا في هدم الهيكل اللبناني على رؤوسنا. فهل بهم يُستعان لإعادة بناء الهيكل؟ وهلَّ في استطاعة وزير الخارجية أن يجتمعَ بغيرِ أصحابِ القرار؟ وبمَن؟



إننا نتذكر صرخة وزير خارجية فرنسا في مجلس الشيوخ الفرنسي:

«على اللبنانيين أن يساعدوننا لكي نستطيع نحن بدورنا مساعدتهم»

ولكن بِمَا نساعدك يا حضرة وزير خارجية فرنسا؟

ليس لدينا ما نقدّمه، ولم يتبيّن حتى الآن لنا لا غازاً ولا نفطاً، ولكن في استطاعتنا فقط أن نتعاون معكم في درس الأفكار وبعض المبادرات.

من الواضح انّ المجتمع العالمي بكامله، وفي مقدّمه صندوق النقد الدولي، لن يقدّم للبنان أي مساعدة من دون إصلاحات جدّية وسريعة.

ومنذ أشهر ننتظر هذه الإصلاحات، وقد ضاعت في جدلٍ بيزنطي منع حتى الآن تأليف حكومة. ونظراً للمعطيات المحلية وتضارب المصالح الخاصة، لا نأمل في تأليف حكومة تحظى بثقة العالم وبثقة اللبنانيين أنفسهم. وإن تألفت تلك الحكومة فلن تكون حكومة إنقاذ، ولا يستطيع بعضهم أن يتجاوز نزواته ومصالحه الخاصة.

لذا، لا بدَّ من البحث عن حلول قابلة للتنفيذ، متخطّية الإرادة المتردّدة لأهل السلطة.

نعم، هناك حلول متوافرة، تقوم على سلسلة خطوات مترابطة متوازنة متوازية.


يبدأ هذا الحلّ بقرار لفرنسا وحلفائها بإنشاء صندوق لإعادة تأهيل الاقتصاد اللبناني بمبلغ يقارب الـ 20 مليار دولار أميركي، على أن تكون حاكمية هذا الصندوق وإدارته لشخصيات مشهود لها بمناقبيتها في العالم، لبنانية كانت أم غير لبنانية، وتعيّنها الدول أو الجهات المانحة.

إنّ إعلان هذا الصندوق يشكّل آخر خشبة خلاص للبنان، ويحقّ له أن يُخضع مجلس النواب وذوي القرار اللبناني، ليقرّوا كل الإصلاحات المنشودة بقانون واحد معجّل مكرّر، وذلك في جلسةٍ واحدة بجدول أعمالٍ ببندٍ وحيد.

ولأنّه تتوافر إرادة محلّية وضغط دولي ورغبة لدى السادة النواب في أن يتمَّ إنشاء صندوق كهذا لإعادة تأهيل الاقتصاد اللبناني، يمكن تحت الضغط المعنوي والشعبي أن يقرّ مجلس النواب الإصلاحات الآتية:

- البدء في إجراء التدقيق الجنائي ومعالجة الوضع المالي والهدر وتحديد الدين العام بدقّة، والتدقيق المُسبق والسريع في أنّ لدى مصرف لبنان ألـ 15 مليار دولار كمبلغ احتياطي، والتأكّد أيضاً وسريعاً من احتياطي الذهب، حيث يجب ان يوجد 60 % في صناديق مصرف لبنان و40 % في الخارج.

ـ إصلاح الكهرباء وتلزيمها بمبادرات B.O.T، وإيقاف الهدر الهائل.

- ضبط الحدود اللبنانية وخصوصاً الجمارك (بعد فضيحة الكبتاغون).

- أن يُقبل باقتراح لجنة خاصة تحدّد قانون انتخاب جديد وشفاف، يحافظ على التركيبة اللبنانية، بما يؤدّي الى حصول الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها. وإذا كان من الصعب جداً على أي سلطة سياسية أن تخرج بقانون انتخابي مقبول، فإنّ هذه اللجنة المستقلّة تماماً، يمكنها أن تتمثّل في صوغ القانون بالدول الكبرى، مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، حيث يُعتمد مبدأ «دائرة واحدة لنائبٍ واحد».

- أن يقرّ لامركزية موسّعة في البند الواحد.

- خلق لجنة تعمل لتحويل الإدارة في لبنان إدارة ممكننة.

- يُفرض على مصرف لبنان فور اعلان الصندوق، أن تقوم المصارف بدفع أموال الناس، وفي حال تعثّر ذلك على اي مصرف أو أكثر، فعليه أن يدفع من أملاكه الخاصة ومن أملاك القيّمين على المصرف، وان يدرس دمجها لهذه الغاية، وإعادة تكوين القطاع المصرفي على أسس قوية وثابتة، لا على أساس امبراطوريات عائلية.



إننا نضع هذا الاقتراح لدى الجانب الفرنسي، خصوصاً لأنّ فرنسا لا تتدخّل لترجيح كفّة على أخرى، بل انّ لها، من بين كل الدول، دوراً خاصاً في لبنان.