خاص- عون تجرأت... وسلامة أنصفت- عبير بركات

  • شارك هذا الخبر
Thursday, April 29, 2021

خاص- عبير عبيد بركات

يبدو أن الغزوة النسائية في صفوف القضاة والمحامين لم تطغَ فقط على الحضور الأنثوي في أروقة العدالة بل اكتملت بجرأة القاضيات في الإدّعاء على رموز كانت تُعتبر "خط أحمر"، بداية مع مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون واليوم مع قاضي التحقيق الأول في البقاع أماني سلامة.


ما فعلته عون لم يفعله أيّ قاضٍ آخر، وما تجرأت عليه سلامة لم يتجرأ عليه أيّ قاضٍ آخر..

عون تمكّنت من إخراج الداتا من شركة مكتف للصيرفة وتصدّرت عناوين الصحف كافة بعملها الجبّار مما تسبب بخلافات قضائية بينها وبين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي أصدر قراراً بكفّ يد عون عن الجرائم المالية والمخدرات والقتل، وإحالة هذه الملفات إلى قضاة آخرين، أما سلامة فقد أصدرت قراراً بوضع إشارة منع تصرّف على عقارات المصارف وعلى عقارات رؤساء مجالس إداراتها وحصصهم وأسهمهم في عدد من الشركات، على أن يشمل القرار في الأيام القادمة أشخاصاً آخرين من ذوي السلطة والنفوذ مشتبه بتورطهم في الجرائم المدَّعى بها.

من الطبيعي أن القرارات النسائية الجريئة التي اتُخذت لن تتقبّلها الطبقة السياسية الفاسدة الحاكمة منذ سنوات، لأن مسبحة ملفات الفساد قد تكرّ وتهزّ عروشهم المستفحلة، فهم محميّون من قِبَل بعض القضاة الغير نزيهين الذين يخبؤون ملفات الفساد المتراكمة منذ سنوات في أدراجهم بأوامر وتدخّل من السلطة السياسية، وهذا الواقع لم يعُد مخفيّاً على أحد، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى نظرة السياسيين اللبنانيين للقضاء اللبناني التي تظهر في تصريح لأحد هؤلاء السياسيين في عام 1995، حيث قال النائب وليد جنبلاط: «إن القاضي في النهاية، في لبنان، هو موظف عند السلطة السياسية» مما يؤكد أن القضاء يتعرّض لضغوط سياسية.

هل المطلوب اليوم أن نحبّ غادة عون أو أماني سلامة؟ هل المطلوب أن نهاجمهما حتى ولو أنهما تكافحان الفساد الذي انطلقت شرارته في ١٧ تشرين عندما بدأت الثورة في داخل كل مواطن لبناني ضدّ منظومة المال والميليشيات والقضاء الفاسد والمصارف التي سرقت جنى عمرنا؟ أليس من واجب كل لبناني دعم القضاء النظيف الذي يدافع عن حقوقه؟ هل المطلوب أن نهاجم غادة عون فقط لأن البعض يظنّ أنها رأس حربة الرئيس ميشال عون في حربه ضد خصومه؟ هل المطلوب أن نهاجم أماني سلامة لأنها تجرّأت وادّعت على المصارف التي تذلّ المودعين على أبوابها؟ أين أنتم أيها اللبنانيون الثوار المنادون بإسقاط نظام الفساد والسرقة؟

دلالات كبيرة تؤشر الى تقدّم ملحوظ للمرأة اللبنانية في مجالات كثيرة كانت في السابق حِكراً على الرجال، إذ لأول مرة في تاريخ السياسة اللبنانية ترأست المحامية ماري كلود نجم وزارة العدل في حكومة حسان دياب منذ 21 كانون الثاني 2020، وإن عدد النساء القاضيات على أقواس المحاكم وفي العدليات بدأ فعلياً منذ العام 2009 مع هجمة لافتة لدخول معهد الدروس القضائية من قبل السيدات، وبحسب إحصاء مديرية الشؤون القضائية في وزارة العدل فإن عدد القضاة العاملين في الخدمة الفعلية للعام 2018 بلغ 503 قضاة، 249 منهم ذكور و254 أناث، ما يعني أن نسبة القاضيات في السلك تتخطى نسبة القضاة لتسجل ما يقارب 51% لصالح النساء.

وقد أثبتت المرأة أنها أكثر جدية وأقلّ فساداً في القضاء وفي المجلات الأخرى ونجحت في مواجهة التحديات واستطاعت التوفيق بين قدرتها على النجاح في عملها وواجبات المنزل والأمومة.

لبنان بحاجة إلى أمثال غادة عون وأماني سلامة وماري كلود نجم لإصلاح هذا النظام الأعوج الذي لن يقوى عليه سوى أشخاص أقوياء يتمرّدون على المحسوبيات والظلم والقهر، ناهيك عن قاضيات أخريات تميّزن بمواقفهنّ الشجاعة والأدلة وستنصفهنّ الأيام القادمة مثل القاضية رولا عبدالله وسالي خوري ومايا عفيش وسمرندا نصار ورانيا رحمة وغيرهن..

Abir Obeid Barakat