بالفيديو- الجراد الصحراوي وصل إلى لبنان... ما خطورة هذه الموجة؟

  • شارك هذا الخبر
Friday, April 23, 2021

وصلت أسراب من الجراد الصحراوي إلى لبنان، بحيث رصدها أحد المزارعين في جرود بلدتي عرسال ورأس بعلبك الحدودية، محلّة خربة داود، في جهة السلسلة الشرقية لجبال لبنان. يأتي الأمر بعد غزو الجراد الصحراوي كلّاً من سوريا والعراق والأردن، ما دفع وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى إلى الطلب من الفرق المختصّة في وزارته الاستعداد لترصد ومكافحة أيّ موجة قد تأتي إلى لبنان، وكذلك طُلب من وزيرة الدفاع زينة عكر تأمين جاهزية مروحيات الجيش للمساعدة في أيّ طارئ.

وأعلن مرتضى في حديث عبر "إذاعة لبنان" أن فرق الوزارة الفنية قامت بمسح المناطق التي شهدت موجات الجراد، وتوصلت الى تحديد نطاقها التقريبي. وعلى الرغم من أن الأعداد ما زالت مقبولة ومحصورة برقعة معينة، الا أن الخشية تبقى من تكاثرها وتقدمها السريع".

وكشف بعد التواصل مع وزيرة الدفاع، أن المروحيات ستبدأ بعملية الرش فوق المناطق المحددة بعدما وصلت الأدوية اللازمة الى مطار رياق"، شاكرا للجيش "مواكبته جهود وزارة الزراعة في هذا السياق".

ونبه مرتضى من "دخول أسراب إضافية من الجراد في أي وقت"، داعيا المواطنين، لاسيما القاطنين منهم على الحدود مع سوريا، الى "التبليغ سريعا عند معاينة هذه الظاهرة عبر الخط الساخن 81-964621، للمساهمة في مواجهة هذه المحنة التي تهدد أمن المواطن الغذائي والقضاء على الجراد قبل دخوله الحدود اللبنانية وتغلغله في البساتين والحقول".

بدوره، أكّد الأمين التنفيذي لهيئة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، الدكتور مأمون العلوي لـ"النهار"، أنّه "يترتب على لبنان أن يحتاط بشكل حذر تحسباً لأيّ تغيّر في اتجاه الرياح، التي قد تدفع بالجراد الصحراوي نحو أراضيه". من جهتها، أوضحت مصادر وزارة الزراعة لـ"النهار"، أنّ لبنان لديه القدرة اللوجستية والكفاءات لمواجهة أيّ موجة. فماذا عن جدّية الخطر المحدق؟ وما هي قدرات لبنان الفنية في هذا الإطار؟

يمثل ظهور الجراد الصحراوي في سوريا والأردن "حدثاً غير عادي ونادراً"، بحسب وصف منظمة (الفاو) لـ"النهار"، لأنّ الرياح الجنوبية المترافقة مع درجات الحرارة المرتفعة، جلبت هذه الأسراب الناضجة جنسياً إلى هذه المنطقة. وإذ رأت منظمة (الفاو) أنّ هذه الأسراب لا تمثل غزواً واسعاً ويمكن مكافحتها، تخوفت من قدرتها على وضع البيض، وتالياً تكاثرها، وأوضحت لـ"النهار" أنّه يترتب على السلطات مكافحتها على الفور والاستمرار في عمليات المسح.

وصل الجراد إلى لبنان، على الرغم من بعض التفاؤل الذي ساد بعد انحسار الرياح الجنوبية الشرقية وانتهاء موجة الحرّ. ولفت مصدر من وزارة الزراعة إلى أنّ "الوزارة كثّفت ترصدها، وعمّمت على المزارعين ضرورة الإبلاغ فوراً في حال رُصد الجراد الصحراوي في لبنان".
وبعد الغزو الذي شهدته عرسال ورأس بعلبك، رأى مزارعون في حديث لـ"النهار" أنّ "من المستبعد أن تشكّل هذه المنطقة خطراً حتى الساعة على الداخل اللبناني، لبعد المسافة عن القرى اللبنانية أولاً، ولأنها أقرب إلى الأراضي السورية حيث البساتين المثمرة".

تمثّل موجة الجراد أزمة إضافية، يترتب على لبنان مواجهتها بأقصى إمكاناته وتجهيزاته، لأنّ خطر تكاثرها في المنطقة بات وارداً. وإن لم يتم الإسراع بالرشّ وتتبّع حركتها، ورصد ما إذا قامت بترك البيض، ومعالجة الأمر، كل ذلك من شأنه أن يعرّض لبنان لآفة جديدة تهدّد أمنه الغذائي، وخاصة في ظلّ هذه الظروف الاقتصادية الكارثية. فمشهد غزو الجراد الذي أكل الأخضر واليابس ما زال عالقاً في الذاكرة الجماعية لأهل لبنان، وخصوصاً أنّه يتزامن مع ضائقة اقتصادية.

وصل الجراد الصحراوي أيضاً إلى لبنان عام 2012 إلى الشاطئ الجنوبي، وحتى إلى شاطئ جبيل، لكن كان منهكاً. وساهم رشّ المبيدات ومكافحته بالقضاء على تكاثره. وشدّد مصدر من وزارة الزراعة على أننا "لسنا على خطّ مواجهة الجراد الصحراوي، ولكن من الممكن أن تصل إلى لبنان أسراب من جرّاء الرياح".

تناغم رأي وزارة الزراعة مع (الفاو)، إذ أكّد العلوي أمس لـ"النهار"، أنّ "وصول الجراد الصحراوي إلى لبنان، إذا حصل، سيكون محدوداً، ولكن يترتب على المعنيين أخذ كل ما يلزم من موجبات الحيطة والحذر، تحسباً لأي تغيير في اتجاه الرياح الجنوبية السائدة في المنطقة حالياً".

يمتاز لبنان بالقدرات اللازمة لمكافحة هذه الآفة، لأنه عضو في الهيئة الوسطى لمكافحة الجراد الصحراوي. وهي هيئة تابعة لمنظمة (الفاو)، تتواصل معها وزارة الزراعة كلّ صباح أربعاء، في اجتماع يضمّ البلدان الأعضاء، ويحصل تشاور وتبادل معلومات عن آخر مستجدات وجود الجراد الصحراوي في البلدان. وأشارت هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة لـ"النهار"، إلى أنّ "المنطقة العربية من شبه الجزيرة العربية ودول شرق أفريقيا تواجه منذ كانون الأوّل 2018 وحتى الآن تفشياً كبيراً للجراد الصحراوي، في ظاهرة لم تحصل منذ 20 عاماً، الأمر الذي دفع إلى إجراء عمليات مكافحة على مساحات امتدت إلى 3 ملايين هكتار حتى الآن".

ماذا سيفعل لبنان؟
أفاد مصدر من وزارة الزراعة "النهار"، بأنّ الوزارة على أتمّ الاستعداد، فهي تمتلك الدواء اللازم، وهو عينه الذي يستخدَم للقمح، وتوصي به منظمة (الفاو)، ويرشّ عبر الطوافات. لذلك طلب مرتضى من وزارة الدفاع مساندته في حال حصول أيّ طارئ. أضاف المصدر، أنّه يوجد في كل محافظة موظفون مدربون على رصد الجراد ومكافحته، وقد قدّمت (الفاو) للبنان، في بداية هذا العام جهازين لرشّ المبيدات اللازمة لمكافحة الجراد عبر البرّ. لكن المصدر لفت إلى أنّ الوزارة كانت قد عمّمت عبر وزارة الداخلية على البلديات، أن تكون مستعدّة لشراء الأدوية اللازمة لمكافحة الجراد الصحراوي، لأنّ المناقصات العمومية تستغرق أشهراً، والأمر يحتاج إلى سرعة في الإنجاز.

من جهته، أوضح العلوي أنّ "لبنان الذي يبدي اهتماماً كبيراً في مجال مكافحة الجراد الصحراوي، ممثلاً بوزارة الزراعة في هيئة مكافحة الجراد الصحراوي الوسطى بمنظمة الأغذية والزراعة، ويتواصل باستمرار معها، يمكن الاستفادة من خبرته".

تابع العلوي أنّ "(الفاو) درّبت العديد من الكوادر الوطنية في وزارة الزراعة على أعمال مسح ومكافحة الجراد الصحراوي، وإذاً يعوّل على هؤلاء الفنيين القيام بأعمال المكافحة إذا لزم الأمر، عبر اعتماد إجراءات تضمن صحّة الإنسان وسلامة البيئة. واعتماد استراتيجية المكافحة الوقائية، من خلال إرسال فرق الاستكشاف قبل وصول الجراد إلى المناطق المزروعة ومكافحته".

وقال إنّ "الجراد يكافَح في العراق والأردن وسوريا، وكذلك فإنّ المملكة العربية السعودية تقوم بجهود كبيرة في عمليات مكافحة مكثفة وواسعة النطاق للجراد الصحراوي، إذ تمّت مكافحة أكثر من 200 ألف هكتار هذا العام".

في تقرير لـ(الفاو)، أنّه "إذا كان انتشار الجراد كبيراً ووصل إلى المناطق المزروعة، تُتَّخذ احتياطات أخرى قبل إجراء أعمال المكافحة، عبر التنسيق مع السلطات المحلّية وأهالي المنطقة التي قدمت إليها الأسراب، وتنقل الثروة الحيوانية بعيداً عن مناطق المكافحة، بالإضافة إلى استخدام مبيدات صديقة للبيئة لا تؤثر على النحل أو المناطق المحمية".

وشرح العلوي أنّ "لبنان ليس من الدول التي يتكاثر فيها الجراد الصحراوي، ووصوله إلى أراضيه يكون من باب الاستثناء. ويصل إليه إذا كانت الموجة كبيرة وخارجة عن السيطرة، وكذلك إذا هربت من أعمال المكافحة في دول الجوار". وهذا ما يحصل في سوريا والعراق، فالسلطات تكافح الجراد في أراضيها. لكن أسراب الجراد التي وصلت إلى الأراضي اللبنانية تظهر أعداداً كبيرة.

وعلمت "النهار" من مصدر متابع في "وحدة إدارة مخاطر الكوارث" التابعة لرئاسة الحكومة، أنّهم لم يتابعوا حتى الآن مسألة وصول الجراد التي لا تزال ضمن نطاق وزارة الزراعة. فماذا ستحمل الأيام المقبلة للبنان؟ هل تكون موجة عابرة تتمكن السلطات من القضاء عليها؟ وماذا عن المعدّات وآليات الرشّ؟ وهل سنكتشف عند الحاجة أنها تحتاج إلى صيانة؟



النهار