فورين بوليسي- المسؤولون الأوروبيون يتنصلون من فوضى توزيع اللقاحات

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 31, 2021

حول الجدل الدائر في أوروبا بسبب توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، كتبت كارولين دي غروتير في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، كان الوحيد الذي أتاح للأوروبيين إلقاء نظرة على التخبط في طريقة عمل الإتحاد الأوروبي.

ففي 12 مارس (آذار)، اتهم المسؤول النمساوي الاتحاد الأوروبي بحدة، قائلاً إنه لا يوزع جرعات اللقاح بعدل بين الدول الـ27 الأعضاء.

وانتقد ما سماه "بازار الإتحاد الأوروبي"، مطالباً بتعديلات لمصلحة الدول الأعضاء التي حصلت على جرعات أقل من غيرها.

ونقل كورتس النقاش إلى اجتماع المجلس الأوروبي ببروكسل يفالأسبوع الماضي، واقتطع وقتاً ثميناً من قضايا ملحة على جدول الأعمال، مثل العلاقات عبر الأطلسي، وإصدار جواز سفر مشترك للملقحين، واحتمال حظر تصدير اللقاحات.

وقيل إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انزعجت من كورتس، فأعادت التذكير بأن عقود اللقاحات وقعتها الدول الأعضاء نفسها و"ليس بعض البيروقراطيين الأغبياء" في بروكسل.

ويظهر المشهد أن الدول الأعضاء المسؤولة عن القرارات في بروكسل، تتنصل من هذه المسؤولية في بعض الأحيان، رغم أنها المستفيدة الأساسية من هكذا نظام.

شعبية عالية
وتمتع كورتس القائد المحافظ الذي قال كثيرون، إنه قد يعيد تنشيط السياسة والمجتمع في النمسا، بشعبية عالية خلال معظم فترة الوباء. أما الآن فهو يواجه معارضة متصاعدة، لاعتراض الكثير من النمساويين على قيود كورونا.

وفي فيينا، ينزل المناهضون للقاحات، والنازيون الجدد، وآخرون إلى الشوارع على نحوٍ متكرر. ويبدي كورتس حماسه لتخفيف القيود المفروضة على غرار قادة أوروبيين آخرين، لكنه لا يستطيع لأن معدلات الإصابات لا تزال في صعود صاروخي.

وتتسم علاقة كورتس مع حزب الخضر، الشريك في الائتلاف الحكومي، خاصةً مع وزيرة الصحة من الخضر، بالتوتر في أفضل الحالات.

كما أنه يتعاطى مع فضائح الفساد في عهد حكومته السابقة التي كان يشارك فيها حزب الحرية اليميني المتطرف، حتى أن الشرطة فتشت أخيراً منزل أحد مساعديه.

ضغط متراكم
ولعل هذا الضغط المتراكم يفسر لماذا يبحث كورتس عن مخرج في الخارج ولماذا بدأ بمهاجمة بروكسيل، التي عادة ما تكون كبش فداء للزعماء الوطنيين، لتدني معدلات شعبيتهم.
لكن ذلك ليس عذراً لمشاكسة كورتس. وهو يعلم جيداً أن النمسا كانت من أكثر المستفيدين من توزيع اللقاحات.

وفي الصيف الماضي، قرر الزعماء الأوروبيون وبينهم كورتس، شراء اللقاحات معاً، والعمل على توزيعها بين الدول ال27 الأعضاء. وفهم كل الزعماء، أنه في خضم المطاردة العالمية للقاحات، فإن الدول الغنية ستفوز بها أولاً، وفي السياق الأوروبي، يعني ذلك أن ألمانيا وفرنسا هما المؤهلتان للحصول على لقاحات أكثر.

وهناك دول صغيرة مثل النمسا، ستنتهي في آخر الطابور، وتتعرض لتأخيرات، وأسعار مرتفعة وشروط غير تفضيلية، ما سيجعل الإتحاد الأوروبي، التكتل الذي نشأ في الخمسينات لمنع الدول الأوروبية من خوض حروب أخرى بينها، تحت ضغط سياسي حاد.

ولتجنب هذا الأمر، طلبت الدول الأعضاء من المفوضية الأوروبية تأمين اللقاحات باسمها. وانضمت النرويج وسويسرا، البلدان الصغيران من خارج الإتحاد، إلى المبادرة. أما المملكة المتحدة فرفضتها.

عدد السكان
وعند توقيع العقود الأولى لتوزيع اللقاحات، بدأت لجنة توجيهية من مسؤولين من الدول الأعضاء توزيعها حسب نسبة عدد السكان. ولم يكن للمفوضية الأوروبية دور في الأمر.
وعندما هاجم كورتس نظام توزيع اللقاحات في 12 مارس (آذار)، واصفاً إياه بـ "غير عادل" ولمح إلى عقود "سرية" تحرم بعض البلدان من حصصها، ساد الذهول بين نظرائه.
ولكنها لم تكن ملاحظات عابرة، إذ قال كورتس ذلك مؤتمر صحافي وبإسهاب، وعنونت الصحف النمساوية في اليوم التالي على صفحاتها الأولى أن "المستشار مصمم على تأمين المزيد من اللقاحات للنمسا في قمة تعقد في 25 مارس (آذار)".
وخلص تقرير "فورين بوليسي إلى أنه "كان قتالاً وطنياً، إذا كان هناك قتال أصلاً".