التايمز- لا دين بمنأى عن السخرية

  • شارك هذا الخبر
Saturday, March 27, 2021

في صحيفة التايمز، نطالع مقالا بقلم ماثيو بارّيس يقول فيه إنّه لا يحق لأي دين أن يُستثنى من السخرية.

ويقول الكاتب إن الأحداث في مدرسة باتلي غرامار، التي شهدت مظاهرات غاضبة ضد عرض صورة كاريكاتورية للنبي محمد، أعادته إلى أواخر القرن العشرين.

ويذكر الكاتب أنه عمل لمدة خمس سنوات في هيئة عامة حكومية تسمى "مجلس معايير البث"، التي كانت تفصل في شكاوى المشاهدين أو المستمعين من محتويات في التلفزيون أو الراديو.

وكان كثير من الشكاوى يتعلق بالجنس والعنف، كما أنّ بعض الأعمال الدرامية التي تصوّر طقوسا شيطانية كانت تغضب المسيحيين.

ويضيف: "كانت تلك الحقبة قبل دخول الإسلام إلى الواجهة، لكن المسيحيين، وخاصة الإنجيليين، كانوا في كثير من الأحيان منزعجين إلى حد كبير من لغة التجديف أو الإهانة للمسيح أو أي ذكر للشيطان".

ويقول الكاتب إنّ المشتكين كانوا نادراً ما يهدأون بعد تقديم الأدلة التي تشير إلى أنه تم التنويه مسبقا حتى يتمكن أي شخص من عدم متابعة المحتوى في حال كان ينزعج منه.

ويشير إلى أنّ الشكوى الأساسية لهؤلاء كانت أن مثل هذه الأمور قد بُثت في المقام الأول.

وبالعودة الى الأسبوع المنصرم، يقال إن مدرساً لم يذكر اسمه في باتلي غرامار عرض للطلاب (في مدرسة بها غالبية مسلمة) صورة كاريكاتورية مثيرة للجدل للنبي محمد من مجلة شارلي ايبدو الفرنسية، في إطار نقاش عن التجديف.

ويشير بارّيس إلى أن الكثير من التأويلات في الإسلام تشير إلى أن القرآن يحظر أي تصوير للنبي محمد.

ويقول الكاتب إنّه سيكون "للعناصر المتطرفة في المجتمع الإسلامي وجهات نظرهم الخاصة... ولن نغير رأيهم".

ويضيف: "الغالبية العظمى التي تتبنى نظرة قاتمة لتعصبهم وتهديداتهم لا تحتاج إلى مزيد من التعزيز، ووزير التعليم غافن ويليامسون محق في وصف سلوكهم بأنه (غير مقبول على الإطلاق)".

ويشير الكاتب إلى أنه قلق من أمرين.

الأول هو أن "زملائي الليبراليين، الذين يميزون بشكل دائم بين الإسلام "المتطرف" و"المعتدل" و(لأسباب مفهومة) حريصون على إبقاء "المعتدلين" في صفهم، يقدمون تنازلات كثيرة".

ويوضح أنهم "يقرون بأن إهانة شخص مؤمن هو خطأ وأنه من غير المقبول إهانة الدين".

"الليبراليون البريطانيون يخرجون الجدل من حيث يجب أن يكون - من حرية التعبير والنقاش - إلى مسألة تتعلق بالاحترام".

ويضيف: "هل يتم التشكيك في الإسلام (أو المسيحية أو اليهودية) بطريقة محترمة مناسبة؟ هل الطلاب (أو في الواقع المؤمنون البالغون) محميون من الصدمات أو الأذى غير المبرر؟ هل يتم التشكيك في التعليم الديني بطريقة مهذبة أم بغيضة؟".

ويعتبر بارّيس أنه في اللحظة التي نسمح للفرد بتعريف "المحتوى المسيء" بأنه "أي شيء يسيء له"، نفقد كل شيء.

ويقول: "شعرت بالحيرة أمس عندما سمعت البارونة وارسي وهي تقول إن عرض رسم كاريكاتوري في شارلي إيبدو للنبي محمد تسبب في تعرض الأطفال المسلمين للتنمر على أنهم إرهابيون". ويعتبر أنه لا يمكن أن يكون الحل بحظر الإشارة إلى مذبحة شارلي إيبدو داخل فصول الدراسة باعتبار أن هذا أمر "مسيء"، مضيفا "لقد حدثت المذبحة! يجب أن يعرف الطلاب أنها حدثت".

ويعتبر بارّيس أنّ الخطر الهائل الثاني هو التركيز على الإساءة إلى المتدينين بسبب المواقف "غير المحترمة" تجاه عقيدتهم.

ويقول إنّ رجال الدين، وفي مقدمتهم العديد من المسلمين ولكن المسيحيين أيضاً، أصبحوا يعرفون أنّ التعاطف الفوري يأتي دائماً بعد تهمة "التنمر". وهم "يبحثون دوماً عن لعب دور الضحية".

ويستطرد بارّيس قائلا: "لكن من هم أعظم المتنمرين في تاريخ البشرية؟ الأديان والمعتقدات بينهم: تلك المذاهب التي تخبر الناس بما يجب عليهم فعله وتهددهم باللعنة إذا لم يفعلوا".

"لماذا لا نحول التركيز بعيدا عن التنمر المفترض على الإسلام أو المسيحيين وإلى الشابة أو الرجل ممن لديهم شكوك دينية، تلك الفتاة المسلمة في برادفورد التي تريد أن تختار زوجها، وذلك الصبي في بلدة ديب ساوث الصغيرة الذي يعتقد أنه قد يكون مثلياً".

"من هم الذين يتعرضون للتنمر هنا؟ الأئمة الذين يتحدثون عن "الاضطهاد" لأنهم يعتقدون أن نسختهم من محمد قد تعرضت للسخرية؟ أم الشباب في باتلي غرامار الذين بدأوا في التشكيك في الحقائق القاسية والمتزمتة التي سمعوها في المساجد؟".

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: "ربما كان المُدرّس في باتلي غرامار يحاول التحدث إليه، أو إليها، وفتح عقول الطلاب على عالم آخر حيث يمكن للناس أن يتساءلوا ويشككوا في ما تعلموه في المنزل، أو في الكنيسة، أو المسجد أو مدرسة دينية متطرفة".