خاص- ... هؤلاء "همسوا" في أذن البطريرك فكان خطابه...؟- سيمون أبو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 2, 2021


خاص- الكلمة أون لاين


 


سيمون أبو فاضل


 


يربط معارضو موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بين المواقف التي أعلنها يوم 27 شباط من بكركي، وبين عدد من السياسيين، بينهم الوزيران السابقان روجيه ديب وسجعان قزي والنائب السابق د. فارس سعيد، بهدف وضع هذا الكلام  في خانة سياسية بعيدة من أي بعد وطني، بما يسهّل اطلاق النار عليها وتقويض مضمونها.


 


لكن الواقع هو أن الراعي طالما تناول في عظاته ومواقفه ضرورة تصحيح الوضع الاقتصادي والسياسي في البلد وكذلك احترام القضاء وعمله، لكن "بلغ السيل الزبى"، بعدما لاحظ ان أهل البيت، أي القوى المسيحية التي تدّعي حماية المسيحيين او تحصيل حقوقهم، تتلكأ عن دورها السيادي الذي هو واجب ضروري لحماية البلاد، وما سيلحقها من مآس وكوارث في حال بقي هذا الانحدار.


 


فلا شك أن لهؤلاء، أي قزي وديب وسعيد وغيرهم من فعاليات، تحركات تجاه البطريرك وحوله وهم يتكاملون مع ثوابته ومواقفهم المتكاملة مع بكركي واضحة، لكن رأس الكنيسة المارونية مؤتمن على هذه الخيارات وهو الذي لا يتأثر بأي إملاءات، سيما أن قوى سياسية ورئاسية وحزبية سعت لتطويقه، لكنها لم تتمكن رغم قوّة موقعها وحضورها ان تؤثر على قناعته، و أن تأخذه نحو مواقف متكاملة مع "الممانعة"، نظرا لتناقض ذلك مع تاريخ البطريركية المارونية وبطاركتها العظام، وبينهم الراعي الذي جددها في إطار تعدادي مفصل، و الذي حمل كلامه أكثر من بعد ورسالة وفق التالي:


 


أولا، في البعد المسيحي كان البطريرك الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير يطلق مواقف سيادية عالية السقف، لكن ذلك أتى انطلاقا من خوفه على مصير لبنان، سيما في مرحلة تواجد فيها الرئيس أمين الجميل في المنفى حتى عام 2000 والعماد ميشال عون حتى 2005  في فرنسا وكذلك وجود د. سمير جعجع في المعتقل، حيث كان رهان المقربين من هؤلاء أنه بعد عودتهم للعمل السياسي إثر الانسحاب السوري قي 2005 سيكون لديهم دور مميز وفاعل ومؤثر، لكن كلام الراعي دل على أنه رغم وجود الرئيس القوي ميشال عون في بعبدا المدعوم من كتلة لـ"التيار" تضمّ أكثر من 20 نائبا، وكذلك ترؤس جعجع كتلة من 15 نائبا وكذلك الوزير السابق سليمان فرنجية الذي تضم كتلته 8 نواب، كان لا بد له أن يبادر إلى إطلاق الصوت والتنبيه والتحذير، مختزلا هؤلاء بشخصه المعنوي، بعدما أخفقوا في المهام المناطة بهم كل من موقعه ، نتيجة حساباتهم الرئاسية وأدائهم المتلون وعدم قدرتهم على ملاقاة التحولات لانعدام الرؤيا، بحيث ينطبق عليهم القول التالي "اثنا عشر قزما لا يصنعون عملاقا"، (Douze nains ne font pas un gigantesque) أي أن بعضهم تقزم أمام حساباته الضيقة بدلا من أن تكون لديه أدوار على غرار أقطاب شهدتهم الساحة المسيحية وغابوا عنها. فكان لا بد من شخصية على غرار بالراعي لرسم خطّ امام سقوط البلاد امام انظارهم..


 


ثانياً، دل كلام البطريرك على أن خيارات هذه القوى، سواء بالنسبة لاتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ام الاتفاقات الجانبية، بأنها كانت مسارات خاطئة في طياتها اللاغية للمسار السيادي المسيحي، وان القوى الحزبية المسيحية كافة، قد فشلت في أي موقع كانت في حماية الدولة، دون أن يعني ذلك أن الشركاء الآخرين في الوطن غير مسؤولين عن الفساد والارتكابات وتقويض السيادة خصوصا، حزب الل،ه الذين ينبطحون امامه للوصول الى قصر بعبدا، إلا ان هؤلاء وغيرهم الذي اعتبروا أنهم يمثلون 86 بالمئة باتوا ملحقين بالطوائف الأخرى نتيجة حسابات رئاسية مفضوحة، على حساب تاريخ من النضالات ..


 


ثالثا، أصر الراعي على التمسك بالصيغة ووثيقة الوفاق الوطني في الطائف وطالب بمؤتمر دولي لحماية هذا الاتفاق، لأن الإطاحة به معناها دخول البلاد إلى خرائط جديدة بدأ الكلام عنها كالفيدرالية والاتحادية وما شابه من صيغ، ستؤدي لتفجير الواقع الداخلي، وهي لن تمر دون تداعيات طوتها الحرب اللبنانية، سيما في ظل الكلام عن مؤتمر تأسيسي وما يتبعه من مثالثة في ضوء عدم قدرة أي منهم على صد هذا الباب.


 


رابعا، بدا البطريرك الماروني بمثابة راعٍ للثورة او قائد لها، وفق مراقبين، من خلال وضعه مطالبها في إطار متسلسل تحت شعار "لا تنسوا..." بعدما اخفقت مجموعاتها في وضع كدول مطالب واولويات.


 


خامسا، اكد الراعي على ضرورة المضي في تحقيق جدي في كارثة المرفأ، بعد الشكوك التي احاطت بهذا الملف الذي يشهد تحاذبات سياسية ومحاولات افراغ هذه القضية من زخمها لتموت مع السنوات المقبلة.


 


خامسا، أوصل الراعي رسالة الى الطائفة السنية أن العلاقة بينهما مرتبطة باتفاق الطائف، أي ان وثيقة الوفاق الوطني قائمة وهي تحكم هذا الامر ، وتنقيح بعض النقاط ربما لا يعني الانقلاب عليها على غرار ما يقدم عليه ثنائي عون وحزب الله الذين لم يسميهما ،لكن رفضه للانقلاب يصيب هذا الثناىي الهادف لاطاحة باتفاق الطائف ،ل


 


سادسا، أنصف الراعي حزب الله بتوقفه امام محطة تحرير الأرض في العام 2000 ،لكنه طالب بان يستتبع الامر بتحرير الدولة، أي أن تكون سيدة حرة مستقلة.لا سلاح سوى سلاحها الشرعي.


 


سابعا، بدا البطريرك الراعي جامعا اوراقه تجاه الغرب الذي يطالبه بعقد مؤتمر دولي، حيث قدم ورقة عمل حدد فيها اسباب حاجة لبنان المحايد لهذا الاحتضان الدولي، بعيدا من مواجهة اي فريق خارجي او الانتصار على شريك داخلي.


 


 


اذاً، حمل خطاب الراعي الكثير من المواقف القابلة للتحقيق واخرى من التي ستكون محور نقاش، وظهر المفاوض الاول عن المسيحيين الذين كانوا في حاجة لهكذا واقع، في ظل تشتتهم نتيجة احقادهم وترجمتهم املاءات خارجية، وان كانت توصد الابواب الخارجية بوجه بعضهم، لاكثر من سبب، لكن هذا الخطاب الذي يعمد معارضوه لتقويضه شكل برنامج عمل للبطريركية المارونية المؤتمنة على كيان لبنان وسيادته، وباتت المحاور الاساسي لتفاوض حزب الله معها بعدما وجد ان موقف الراعي ادى لتعرية كافة القوى المسيحية امام ابناء الرعية والشريك الاسلامي في البلاد، بعدما وضعت هذه القوى رأسها في التراب محاولة عدم سماع ما كان يردده البطريرك من مواقف تحذيرية وانقاذية... لهم وللوطن وشعبه باطيافهم كافة،  لأن التردي الاقتصادي الاجتماعي واوجاعهما لا يفرقان بين المواطنين ...


 


إن ما اقدم عليه الراعي من مواقف ليس بدفع من اي سياسي او لإرضاء اي سياسي او لازعاج أي جهة سياسية، بل هو قناعته، مع همس في اذنه لبطاركة عظماء سجلهم التاريخ وهو سيكون احدهم، حيث يطالب بالحق ولا يسكت عن خطأ.