خاص- مَن مِن السياسيين "يتجرأ"؟ - عبير بركات

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 20, 2020

خاص - عبير عبيد بركات

تضامن اللبنانيون بالأمس مع الناشط ميشال شمعون بعدما تمّ اعتقاله على خلفية نشره فيديو توجه فيه الى رئيس الجمهورية، وتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي. فيديو "شمعون" لم يكن سوى مطالبة بالالتفات الى الشعب الذي لم يعد يحتمل الوضع "الذليل" الذي يعيشه ويخضع له كل يوم وذلك بسبب الطبقة الحاكمة.

إن حرية الرأي والتعبير في لبنان مقدسة، وهذا ما يميّزنا عن سائر البلاد العربية، على الأقلّ نسطيع أن نعبّر عن رأينا كمتنفّس بظل الوجع والأوضاع المعيشية الصعبة التي نعيشها، ولكن هل تكون الحرية في إطلاق الشتائم تجاه السياسيين الذين لا نؤيّدهم؟ هل الإصلاحات السياسية الجذرية التي نطالب بها كشعب تكون عبر شتم فئة معينة من الطبقة السياسية؟ كيف يمكن مكافحة الفساد بالشتائم والسباب؟

مَن مِن السياسيين الذين نؤلِهُهم يستطيع أن يشرح لنا لماذا يتهافت اللبنانيون لأخذ دولاراتهم من محال الصيرفة بدلًا من سحبها من ودائعهم المحجوزة في المصارف؟
مَن مِنَ السياسيين يمكنه أن يُطمئن الشعب المرعوب على مصيره في الأيام القادمة؟
مَن من السياسيين يمكنه أن يضمن الواقع الذي أفضى إلى إنشاء غرفة عمليات للدولار في الأمن العام لضبط السوق السوداء؟
مَن من السياسيين يمكنه فضح واتهام الجهات الداخلية والخارجية التي تخطّط وتحرّض وتموّل وتنفّذ الأعمال التخريبية؟

نعم نحن شعب موجوع ومقهور، ومن حقّنا المطالبة بدولة تنقذنا من الإنهيار المالي وتعيد لنا أموالنا المنهوبة من ثلاثين سنة حتى اليوم، الأموال التي سرقها كل من تعاقب على الحكم في هذه الفترة وبنى قصوراً وجمع ثروات على حساب الشعب...

نعم لقد انتفض الشعب للمرة الأولى في ١٧ تشرين ضدّ كل الطبقة السياسية قبل أن تستغلّ الأحزاب السياسية الشارع، الذي فرشته الأمهات من خوفهن على مستقبل أولادهن، لإعادة فرزه طائفياً بحسب أجنداتهم التي تبقيهم في الحكم، فهناك أطراف تستغلّ الشارع لتنقذ نفسها من خلال إسقاط الحكومة وخطتها وتلجأ إلى زيادة سعر صرف الدولار كوسيلة للضغط، أما أطراف أخرى تريد أيضاً إفشال الحكومة إذ تعتبر أن حزب الله يحرّكها وتطالب بنزع سلاحه، وأطراف أخرى تحاول تحميل المصارف كلفة الأزمة لتزيل المسؤولية عن نفسها..

إن آثار الإنهيارعلى الواقع المعيشي الجديد في لبنان يتطلّب تغيير جذري بالنظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي لأن شريحة كبيرة من اللبنانيين بدأت تفقد مناعتها في الصمود بسبب الفقر وغلاء الأسعار ما يؤدي الى استخدام العنف أكثر فأكثر، في الوقت الذي ستعمل به الأحزاب على استغلال وجع الناس وتحرّك شارعها ليصبّ بأهدافها متهمة الأطراف المقابلة بمحاولة الإنقلاب عليها علّها تُبعد عنها شبهات فسادها علماً أنها واضحة ولكن لا يتجرّأ أحد على فضحها، لأنه إذا تمّ الإعلان عنها فسيسقط هيكل الفساد على جميع الرؤوس التي تختبئ في زواياه!

فهل ستكشف الحكومة بالوثائق والوقائع عن هيكل الفساد وتصدر الأحكام بحقّ المتورِّطين والمشارِكين سيما أن الرئيس دياب في هجومه العنيف على مَن سبقوه في السلطة التنفيذية كان لافتًا تكراره مرتين جملة "لست منهم ولن أكون" وأكّد أن "عملية مكافحة الفساد قد بدأت جديًا"، فهل ستترجم هذه المواقف بخطوات عملية قريباً؟

المطلوب اليوم ايجاد حلّ فوراً لصرف الدولار الذي أفقر الناس وليس الوقت للدعوة للحوار الوطني في ٢٥ حزيران ٢٠٢٠ لأركان الطبقة السياسية التي حكمت البلد بعد اتفاق الطائف وهي المسؤولة عن ما وصلنا اليه اليوم، فماذا نتوقّع من هذا الحوار الذي سيسقط عند أول مفترق طرق كما حصل خلال كافة الحوارات في السنوات الماضية في ٢٠٠٦ - ٢٠٠٨ - ٢٠١٠ - ٢٠١٢ - ٢٠١٤ – ٢٠١٦؟

Abir Obeid Barakat