إعادة نظر قضائية في جريمة فيلا نانسي عجرم... ما الجديد؟
شارك هذا الخبر
Sunday, January 12, 2020
لم تحسم التحقيقات القضائية والأمنية الكثير من نقاط الغموض، التي تلفّ حادثة قتل السوري محمد الموسى على يد الدكتور فادي الهاشم، زوج الفنانة نانسي عجرم، داخل منزل الأخير بمنطقة نيو سهيلة في قضاء كسروان، التي وقعت فجر الأحد في الخامس من الشهر الحالي، إثر محاولة سطو وسلب مسلّح فاشلة نفّذها القتيل، ودفع حياته ثمنها.
قطبة مخفيّة؟ في الشكل، لا خلاف على أن منفّذ العملية أقدم على مغامرة خطيرة، وهدد حياة أصحاب المنزل، وأن الطبيب القاتل كان في موقع الدفاع عن النفس، وهو ما حمل النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، إلى الإفراج عن الهاشم بعد ثلاثة أيام من توقيفه على ذمة التحقيق. لكن في المضمون، ثمة قطبة مخفية يتحدّث عنها ذوو القتيل، ولا تزال محور التحقيقات التي تجريها مفرزة جونية القضائية، وتتركز على أمور فنيّة تتعلّق بـ"داتا" الاتصالات، وتحليل محتوى كاميرات المراقبة في محيط منزل فادي الهاشم وداخله، مروراً بعملية المطاردة التي حصلت من قبل الحرّاس داخل غرف المنزل، وصولاً إلى عملية الاجهاز عليه بـ 16 طلقة نارية، زرعها الهاشم في أنحاء جسد القتيل.
ذوو القتيل كان يمكن للتحقيق أن يصبح بمتناول قاضي التحقيق في جبل لبنان، لولا الشكوى المباشرة التي تقدّم بها والد القتيل وزوجته وشقيقه، واتخذوا فيها صفة الادعاء الشخصي، ضدّ الهاشم وكلّ من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو مسهّلاً أو متدخلاً في جريمة قتل الضحية. وطلبوا التوسّع بالتحقيق مع الطبيب الجاني، وتفريغ الهواتف الخليوية العائدة للقتيل والمدعى عليه والعمال الذين يشتغلون في منزل الهاشم وزوجته، وسحب كاميرات المراقبة الموجودة داخل المنزل التي تكشف مكان حصول عملية القتل. ويكفي التسجيل الصوتي لزوجة محمد موسى، التي أعلنت في تسجيل صوتي أنها أعطت إفادتها وقدمت للتحقيق ما لديها من معلومات ستكشف حقيقة ما حصل مع زوجها.
استنابة قضائية بناء على هذه الشكوى، تريثت القاضية عون في عميلة الادعاء على الهاشم، وقررت تسطير استنابة قضائية إلى مفرزة جونيه القضائية، كلّفتها بموجبها الاستماع مجدداً إلى الهاشم، وتفريغ مضمون هاتف القتيل وهواتف الهاشم والعمال في منزله، واستجواب هؤلاء والكشف عن جميع الكاميرات، وتحديد أسباب إصابة نانسي عجرم وعرضها على طبيب شرعي، والكشف على المنزل وتبيان موقع الخروج منه، وما اذا كان المغدور دخل بالفعل إلى ممر غرفة نوم الأولاد كما يظهر في الصور. وقد عكفت المفرزة القضائية على تنفيذ مضمون هذه الاستنابة، وسط تكتّم شديد عن المعطيات التي تمّ التوصل اليها.
روايات متناقضة حتى الآن، لا تزال المعلومات متضاربة حول حقيقة ما حصل، فيما أفردت مساحات كبيرة للشائعات والروايات المتناقضة، التي نجحت في تشويش ذهن الناس، خصوصاً مع ضخ الكثير من المعلومات والصور، التي تفيد بأن القتيل كان على معرفة سابقة بفادي الهاشم وزوجته نانسي عجرم، وهناك صور تجمعهم. إلّا أن مصادر قضائية مواكبة للتحقيقات جزمت لـ"المدن"، بأن "الشخص الذي يظهر في إحدى الصور ويتوسّط هاشم وزوجته ليس القتيل إطلاقاً، بل شخص آخر"، مؤكداً أن "لا معطيات جديدة سوى التي توفرت من التحقيق الأولي الذي حصل إثر وقوع عملية القتل وتسليم الهاشم نفسه للقوى الأمنية".
وشدد المصدر على أن "القضاء ينتظر "داتا" الاتصالات، ومضمون الكاميرات ونتائج التحقيقات الإضافية، ليكوّن القناعة التي تحدد وجهة الحادث، وما إذا كان القتل حصل في سياق الدفاع عن النفس، أو أن ثمّة جريمة وقعت عن قصد أو عمد"، داعياً إلى "الكفّ عن الخوض والتحليلات في هذه الحادثة، التي تستغلّ بأبشع الصور، بما يوحي بعملية ابتزاز كون نانسي فنانة مشهورة، وزوجها طبيب ناجح ويحظى بسمعة طيبة".
لكلّ حادث حديث ثمة تمسّك برواية تبرر اقتحام "اللص" لفيلا نانسي عجرم وزوجها، وتتحدث عن خلافات مالية حالت دون قبض القتيل أجره، مقابل عمله لأيام عدّة في حديقة منزل نانسي عجرم وزوجها. وأشارت المصادر المواكبة للتحقيق، إلى أن "لا شيء يبرر تسلل لصّ بعد منتصف الليل إلى منزل وتهديد أصحابه ومحاولة السطو عليه بقوة السلاح". ورأى أنه "إذا كان القتيل صاحب حقّ، عليه أن يتقاضى حقّه من متعهّد الأشغال في حديقة منزل نانسي الذي كان يعمل لحسابه، وليس بدخول المنزل وهو مقنّع، ويشهر السلاح في وجه أصحابه"، مشيراً إلى أن "المعطيات المتوفرة حتى الآن، تفيد بأن لا معرفة سابقة بين الطرفين، إلّا إذا أثبتت "داتا" الاتصالات، عكس ذلك، عندها لكلّ حادث حديث".
إبتزاز لا سرقة في هذا الوقت، جزمت مصادر فريق الادعاء لـ"المدن"، بأن "القتيل على معرفة سابقة بفادي الهاشم وزوجته". وأوضحت أن "مفاوضات حصلت بينهما حول الأجر الشهري الذي سيتقاضاه محمد الموسى، بالإضافة الى تأمين مسكن له ولعائلته"، لافتة إلى أن المغدور "لم يدخل منزل فادي الهاشم ليسرقه أو يهدده، بل ربما ليبتزه ويضغط عليه في موضوع تشغيله". ونفى المصدر أن يكون المجني عليه قتل في غرفة أولاد نانسي عجرم، بل في غرفة خاصة، وإنه جرى إطلاق النار عليه لثلاث مراحل، وهذا ما يجب أن يبني عليه التحقيق في المرحلة المقبلة".
وأمام هذه التناقضات، تبقى الأنظار مشدودة إلى طبيعة ورقة الطلب، والادعاء الذي يساق ضدّ فادي الهاشم، ويحدد ما إذا كان عملية القتل حصلت نتيجة خلافات بين الطرفين، أو لم تخرج عن نطاق الدفاع المشروع عن النفس.