خاص-اتهام الثورة "بالأزمة الخانقة" وغياب روح الميلاد!

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 3, 2019

خاص- عبير عبيد بركات

في مثل هذه الفترة من السنة إعتاد اللبنانيون على "عجقة عيد الميلاد"، زحمة ناس في المجمعات التجارية وعلى الطرق، زينة الميلاد في الشوارع وعلى الأبنية وداخل المنازل.

ولكن هذه السنة يمرّ العيد خجولاً، فلا علامات إيجابية يتّكل عليها أصحاب المؤسسات التجارية، فالأزمة الإقتصادية طالت كل فئات المجتمع، والقدرة الشرائية للعائلات تتراجع سنة بعد سنة، والشعب يجد صعوبة بالتأقلم مع الغلاء المعيشي الذي لم ترافقه زيادة على صعيد الرواتب بل على العكس إجتزاء 50% من المعاشات في أغلبية القطاعات.

إن الوضع الاقتصادي الذي يشهد تأزماً مستمراً هو ليس وليدة إنتفاضة 17 تشرين، بل هو تراكم سنين دون إيجاد حلول من قبل الطبقة الحاكمة، ويحمّل معارضي الإنتفاضة الشعبية التي انطلقت في بيروت والمناطق منذ 48 يوماً مسؤولية الإنهيار الإقتصادي، متناسين بقصد أو عن جهل جملة من المعطيات التي سبقت الحراك بسنوات والتي أدت الى ما نحن عليه اليوم، فوزارة المال كانت قد وعدت بإعداد خطة للإصلاحات في مالية الدولة وموازنتها لإعادة جدولته بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف قبل سنة تقريباً، ومنذ أربعة أشهر أصدرت وكالة "ستاندرد أند بورز" إبقاء تصنيف لبنان عند مستوى B-، ووكالة "موديز" صنفت لبنان بمستوى C، فيما خفضت وكالة "فيتش" التصنيف إلى CCC.


وتصف الوكالات الواقع اللبناني بغياب خطة شفافة لتثبيت الدين الحكومي، وأن الثقة الضعيفة تنبع من عدم الاستقرار السياسي المحلي وعدم فعالية الحكومة، وتدهور النمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية. وكانت وكالة "بلومبرغ" قد أوردت قبل الإنتفاضة بـ 15 يوما تحقيقاً شاملاً عن الوضع النقدي والمالي والاقتصادي في لبنان، وركّزت على أزمة شحّ الدولار وسعر الليرة.

فمَن يتابع الأحداث والمعطيات لا يحمّل الإنتفاضة مسؤولية الأزمة الإقتصادية والمالية، بل يلوم السلطة على مماطلتها وتهويلها وعدم إيجادها حلول فعالة لإخراج البلد من الغرق المحتم! فماذا فعلت السلطة حتى اليوم سوى الإستقالة؟ فهي ما زالت تناور وتبحث عبثاً عن تسوية تخرجها من المأزق، مناورات وحرق أسماء من جهة، واستخفاف واستفزاز للناس من دون حياء من جهة أخرى.

إن لبنان يمرّ في مرحلة خطرة على الصعيد المالي والإقتصادي والإجتماعي، حيث نشهد ارتفاع معدلات البطالة، وإقفال شركات ومؤسسات تجارية، وتخفيضات جسيمة في الرواتب والأجور والأخطر من كل ذلك مدى تبعات السياسة المالية والنقدية المباشرة على قطاعات حيوية وأساسية كالقطاع الطبي المهدد بفقدان مواد أساسية والأدوية، ومروراً بإضراب محطات الوقود، ووصولاً إلى الممارسات الجائرة التي تفرضها المصارف بشكل استنسابي ومذلّ ألحقت أضراراً جسيمة خصوصاً بصغار المودعين في حين يسدّدون خدمات الديون والقروض التي هم راكموها ونهبوها من دون أن يكون هناك سياسة إنقاذ واضحة للمرحلة الراهنة.


الحلّ هو بالإسراع في تشكيل حكومة إنتقالية مصغرة من أشخاص إختصاصيين وكفوئين من خارج المنظومة السياسية والإقتصادية الحاكمة سيساعد على معالجة الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية بما يخدم مصلحة الناس والوطن، والعمل على المحاسبة الفعلية من خلال إقرار قانون استقلالية القضاء وقانون استعادة الأموال المنهوبة، وإجراء إصلاح شامل للنظام الانتخابي يوفر تمثيلاً عادلاً للشعب تحضيراً لانتخابات نيابية مبكرة.

لبنان يكتب اليوم صفحة جديدة وبيضاء من تاريخه، تاريخ يشهد للأجيال القادمة وكل العالم أنّ اللبنانيين، من كل الأجيال وفي كل المناطق، لم ولن يتخلّوا عن بلدهم وعن مستقبلهم ومستقبل أولادهم وسيحيون عيد الميلاد بمحبة وصلاة ولن تسرق منهم الأزمة الأمل وروح الميلاد.

Abir Obeid Barakat